تنزيل
0 / 0
45,40824/01/2018

هل يجبر أداء السنن ونوافل العبادات ، ما فات الإنسان ، أو قصر فيه من الفرائض ؟

السؤال: 286098

هل يجبر أداء السنن ونوافل العبادات ، ما فات الإنسان ، أو قصر فيه من الفرائض ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

بالنسبة لجبر النقص في الفرائض يوم القيامة ، فقد جاء في الحديث الصحيح ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أنه قَالَ 🙁 إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلاَتُهُ ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ ، فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ ، قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ ) .

أخرجه أبو داود في “سننه” (864) ، والترمذي في “سننه” (413) ، وصححه الشيخ الألباني في “صحيح أبي داود” (810) .

وكذلك جاء من حديث تَمِيمٍ الدَّارِيِّ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:( أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلَاةُ ، فَإِنْ كَانَ أَكْمَلَهَا كُتِبَتْ لَهُ كَامِلَةً ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْمَلَهَا قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: انْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ ، فَأَكْمِلُوا بِهَا مَا ضَيَّعَ مِنْ فَرِيضَتِهِ ، ثُمَّ الزَّكَاةُ ، ثُمَّ تُؤْخَذُ الْأَعْمَالُ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ ) .

أخرجه الإمام أحمد في “مسنده” (16954) ، وصححه الشيخ الألباني في “صحيح أبي داود” (812) .

وهنا مسألتان :

المسألة الأولى : هل تجبر النوافل فريضة تركها العبد ، أو ترك شيئا من فرائضها عمدا ، أم فقط فيما تركها سهوا ؟

قال ابن رجب في “فتح الباري” (5/144) :” واختلف الناس في معنى تكميل الفرائض من النوافل يوم القيامة:

فقالت طائفة: معنى ذلك : أن من سها في صلاته عن شيء من فرائضها أو مندوباتها، كمل ذلك من نوافله يوم القيامة ، وأما من ترك شيئاً من فرائضها أو سننها عمداً ، فإنه لا يكمل له من النوافل ؛ لأن نية النفل لا تنوب عن نية الفرض.

هذا قول عبد الملك بن حبيب المالكي وغيره.

وقالت طائفة: بل الحديث على ظاهره في ترك الفرائض والسنن، عمداً وغير عمد.

وإليه ذهب الحارث المحاسبي وغيره.

وهو قول طائفة من أصحابنا وابن عبد البر ، إلا أنهم خصوه بغير العامد.

وحمله آخرون على العامد وغيره ، وهو الأظهر – إن شاء الله تعالى “. انتهى

المسألة الثانية : أي شيء من النوافل يجبر الفريضة ؟

وهنا ثلاث احتمالات :

الاحتمال الأول : نفل ذلك الفرض بعينه ، أي سنة الظهر ، لجبر النقص في فريضة الظهر ، وهكذا .

الاحتمال الثاني : نفل العبادة من جنسها ، أي نفل الصلاة لجبر النقص في فريضة الصلاة مطلقا ، ونفل الصدقة لجبر النقص في فريضة الزكاة ، وهكذا .

وظاهر الحديث السابق أن نفل العبادة ، سواء كان للفرض بعينه ، أو من جنسه : أنه يجبر النقص في الفريضة ، من جنس هذه الطاعة .

قال القاري في “مرقاة المفاتيح” (3/997) :” ( هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطُوِّعٍ؟ ) : فِي صَحِيفَتِهِ ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُمْ ، أَيْ: سُنَّةٍ ، أَوْ نَافِلَةٍ ، مِنْ صَلَاةٍ ، عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنَ السِّيَاقِ ، قَبْلَ الْفَرْضِ ، أَوْ بَعْدَهُ ، أَوْ مُطْلَقًا “. انتهى

وقال المظهري في “المفاتيح في شرح المصابيح” (2/306) :” قوله: “ثم يكونُ سائرُ عَمَلِه على ذلك” ؛ يعني كذلك الصوم ، إن تركَ شيئًا من الصيام الواجِب ، يؤخذ بدلَه ما صام من السُّنَّة والنوافل ، وإن ترك شيئًا من الزكاة ، يؤخذ بدلَها ما أعطى من الصدقات “. انتهى

الاحتمال الثالث : أن التطوع ، ولو من غير جنس الفريضة ، يكمل نقص الفرائض ، مطلقا .

وعلى ذلك: فإنه يُجبر النقص في فريضة الصلاة بنافلة الصيام أو الصدقة مثلا ؟

وهذا القول قد ذكره أبو القاسم العبادي رحمه الله ، من الشافعية ، احتمالا.

قال العبادي في “حاشيته على تحفة المحتاج” (2/219) :” ( قَوْلُهُ: وَشُرِعَ لِتَكْمِيلِ نَقْصِ الْفَرَائِضِ إلَخْ ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ : ” وَإِذَا انْتَقَصَ فَرْضُهُ ، كَمَّلَ مِنْ نَفْلِهِ . وَكَذَا بَاقِي الْأَعْمَالِ ” .اهـ .

وَقَوْلُهُ ” نَفْلِهِ ” : قَدْ يَشْمَلُ غَيْرَ سُنَنِ ذَلِكَ الْفَرْضِ ، مِنْ النَّوَافِلِ ، وَيُوَافِقُهُ مَا فِي الْحَدِيثِ ( فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْئًا ، قَالَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ : اُنْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ ؟ فَيُكَمَّلُ بِهِ مَا انْتَقَصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ ) .

بَلْ قَدْ يَشْمَلُ هَذَا تَطَوُّعًا ، لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْفَرِيضَةِ ؛ فَلْيُتَأَمَّلْ “. انتهى

فقوله :” بل قد يشمل هذا تطوعا ليس من جنس الفريضة ” ، يفيد بأن التطوع ، مطلقا : يجبر النقص في الفرائض ، مطلقا ، وليس ببعيد عن رحمة الله عز وجل .

إلا أن أظهر الأقوال في هذه المسألة ، وأقربها من ظاهر الحديث ، هو الاحتمال الثاني : أن نفل العبادة من جنسها ، أي نفل الصلاة لجبر النقص في فريضة الصلاة مطلقا ، ونفل الصدقة لجبر النقص في فريضة الزكاة ، وهكذا .

وعلى كل حال ؛ فينبغي على العبد ألا يتساهل في أداء الفرائض ، أو قضائها ، معتمدا على النوافل ، لأن كثيرا من أهل العلم لا يرون جبران النوافل لما ترك عمدا من الفرائض كما تقدم ، ولأن مناط الأمر كله على القبول ؛ فمن أدراه أن الله يقبل منه نفله ، وقد ضيع فريضته ؟!!

وقد قال الله عز وجل ، في حديثه القدسي الشريف : ( وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ) رواه البخاري (6502) .

وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (49698).

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android