أريد معرفة لماذا يقال : ( إلبس جديدا وعش حميدا و….) لمن لبس ثوبا قديما مغسولا لا جديدا ، وماذا يقال لمن لبس ثوبا جديدا ، أرجو التفصيل في هذه المسألة ؟
الكلام على حديث : ( الْبَسْ جَدِيدًا، وَعِشْ حَمِيدًا، وَمُتْ شَهِيدًا ).
السؤال: 286466
ملخص الجواب
يقال لمن لبس ثوبا جديدا : أبل وأخلق أو : أبلِ وأخلف ، أو : تبلي ويخلف الله تعالى . ويقال لمن لبس ثوبا غسيلا – عند من يقول بصحة هذا الحديث – : الْبَسْ جَدِيدًا، وَعِشْ حَمِيدًا، وَمُتْ شَهِيدًا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الاجابة
أولا :
روى ابن ماجة (3558)، وأحمد (5620) ، وابن حبان (6987) والطبراني في “الكبير” (13127) ، والنسائي في “الكبرى” (10070) ، والبزار (6005) من طريق عَبْد الرَّزَّاقِ قَالَ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَأَى عَلَى عُمَرَ قَمِيصًا أَبْيَضَ فَقَالَ: (ثَوْبُكَ هَذَا غَسِيلٌ أَمْ جَدِيدٌ؟) قَالَ: لَا، بَلْ غَسِيلٌ. قَالَ: ( الْبَسْ جَدِيدًا، وَعِشْ حَمِيدًا، وَمُتْ شَهِيدًا ).
ولفظ ابن حبان : ( أَجَدِيدٌ قَمِيصُكَ أَمْ غَسِيلٌ؟ ) فَقَالَ: بَلْ جَدِيدٌ.
وقال النسائي عقبه : ” هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، أَنْكَرَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ، لَمْ يَرْوِهِ عَنْ مَعْمَرٍ غَيْرُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ .
وَقَدْ رَوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ فَرُوِيَ عَنْ مَعْقِلٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا .
وَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ “.
وقال البزار: ” هَذَا الْحَدِيثُ لا نَعْلَمُ رَوَاهُ إلاَّ عَبد الرَّزَّاق، عَن مَعْمَر، عَن الزُّهْرِيّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ “.
وله شاهد يرويه ابن أبي شيبة في “المصنف” (25090) ، والدولابي في “الكني” (596) عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ مُزَيْنَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَأَى عَلَى عُمَرَ ثَوْبًا غَسِيلًا، فَقَالَ: (أَجَدِيدٌ ثَوْبُكَ هَذَا؟) قَالَ: غَسِيلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْبَسْ جَدِيدًا، وَعِشْ حَمِيدًا، وَتَوَفَّ شَهِيدًا، يُعْطِكَ اللَّهُ قُرَّةَ عَيْنٍ فِي الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ ).
ولعل هذا هو أصل حديث عبد الرزاق ، وأخطأ فيه .
قال أبو حاتم : ” أنكَرَ الناسُ ذَلِكَ- يعني حديث عبد الرزاق- وَهُوَ حديثٌ بَاطِلٌ، فالتُمِسَ الحديثُ: هَلْ رَوَاهُ أحدٌ؟ فَوَجَدُوهُ قَدْ رَوَاهُ ابنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أبي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي الأَشْهَب النَّخَعي ، عَنْ رجلٍ مِنْ مُزَينة، عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فذكَرَ مثلَهُ ” .
وقال البخاري : ” قال ابن عرعرة سَمِعت ابْن إدريس: ذهبت مَعَ ابْن أَبِي خَالِد إلى أَبِي الأشهب زياد بْن زاذان فحدث بحديث عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: ألبس جديدا، وروى عَبْد الرزاق عن سفيان عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمِ – وعن مَعمَر عَنِ الزُّهْرِيّ عَنْ سالم عَنِ ابْن عُمَر عَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى أَبُو نعيم عَنْ سفيان عَنْ إِسْمَاعِيل عَنْ أَبِي الأشهب، وهذا أصح بإرساله ” انتهى من “التاريخ الكبير” (3/ 356) .
وقال الترمذي : ” سَأَلْتُ مُحَمَّدًا – يعني البخاري- عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ – حديث عبد الرزاق- قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ الشَّاذَكُونِيُّ: قَدِمْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ فَحَدَّثَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مَعْمَرٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ سَالِمٍ , عَنْ أَبِيهِ , ثُمَّ رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ , عَنْ سَالِمٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَقَدْ حَدَّثُونَا بِهَذَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ , عَنْ سُفْيَانَ أَيْضًا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَكِلَا الْحَدِيثَيْنِ لَا شَيْءَ .
وَأَمَّا حَدِيثُ سُفْيَانَ : فَالصَّحِيحُ مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو نُعَيْمٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَلَى عُمَرَ ثَوْبًا جَدِيدًا ؛ مُرْسَلٌ “.
انتهى من “العلل الكبير” (ص: 373) .
وقَالَ حَمْزَة بن مُحَمَّد الْكِنَانِي الحافظ : ” لَا أعلم أحدا رَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ غير معمر ، وَمَا أَحْسبهُ بِالصَّحِيحِ ” انتهى من “مصباح الزجاجة” (4/ 82) .
وقال الشيخ مقبل الوادعي : ” حديث منكر ، كما قاله النسائي “
انتهى من “أحاديث معلة ظاهرها الصحة” (ص: 239) .
وحسن هذا الحديث الحافظ ابن حجر في “نتائج الأفكار” (1/ 138)، وكذا حسنه الشيخ الألباني في “الصحيحة” (352)، وصححه البوصيري في “الزوائد” (4/ 82)، وصححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على “المسند”.
والراجح فيه أن غير صحيح ، وقد خلط فيه عبد الرزاق ، وخطأه فيه الأئمة . وقد نص على نكارته ، أو عدم ثبوته : غير واحد من الأئمة النقاد ، على ما سبق ذكره .
فكان تارة يرويه عَنْ مَعْمَرٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ سَالِمٍ , عَنْ أَبِيهِ , وتارة يرويه عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ , عَنْ سَالِمٍ , عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
أما حديث الزهري فمنكر غير محفوظ .
وأما حديث الثوري : فالصواب عنه : عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ , عَنْ أَبِي الْأَشْهَبِ مرسلا .
فبان أن الصواب في الحديث : أنه مرسل .
وأما الموصول : فمنكر ، أنكره الأئمة على عبد الرزاق ، فلا يصلح أن يشهد المرسل لموصول عبد الرزاق ؛ لأنه خطأ .
ثانيا :
قوله : (ثَوْبُكَ هَذَا غَسِيلٌ أَمْ جَدِيدٌ؟) قَالَ: لَا، بَلْ غَسِيلٌ.
الغسيل : المغسول ، فعيل بمعنى مفعول، كقتيل بمعنى مقتول ، قال في “لسان العرب” (11/ 494):
” شَيْءٌ مَغْسول وغَسِيل ” انتهى .
وجاء في “المعجم الوسيط” (2/ 653):
” (الغسيل) المغسول ” انتهى .
فالغسيل : ثوب ملبوس ، أما الجديد فهو المستجد الذي لم يلبس قبل ذلك ويغسل .
وقد روى أبو داود (4020) عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: ” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ إِمَّا قَمِيصًا، أَوْ عِمَامَةً ثُمَّ يَقُولُ: ( اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ ، أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ، وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ ) .
قَالَ أَبُو نَضْرَةَ: ” فَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم إِذَا لَبِسَ أَحَدُهُمْ ثَوْبًا جَدِيدًا ، قِيلَ لَهُ: تُبْلي وَيُخْلِفُ اللَّهُ تَعَالَى “.
وصححه الألباني في “صحيح أبي داود” .
فيقال لمن لبس ثوبا جديدا : ” تُبْلي وَيُخْلِفُ اللَّهُ تَعَالَى “.
وروى البخاري (5845) عَنْ أُمِّ خَالِدٍ بِنْتِ خَالِدٍ: قَالَتْ: ” أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ، قَالَ: (مَنْ تَرَوْنَ نَكْسُوهَا هَذِهِ الخَمِيصَةَ؟) فَأُسْكِتَ القَوْمُ، قَالَ: (ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ) فَأُتِيَ بِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَلْبَسَنِيهَا بِيَدِهِ، وَقَالَ: (أَبْلِي وَأَخْلِقِي) مَرَّتَيْنِ “.
وبوب له البخاري : ” بَابُ مَا يُدْعَى لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا “.
وفي رواية للبخاري (3071) : (أَبْلِي وَأَخْلِفِي ثُمَّ، أَبْلِي وَأَخْلِفِي، ثُمَّ أَبْلِي وَأَخْلِفِي).
(أَبْلِي وَأَخْلِقِي) أَي: البسي إِلَى أَن يصير خَلَقًا بَالِيًا “
“فتح الباري” (1/ 90) .
وقال الشوكاني : ” قَوْلُهُ: (أَبْلِي وَأَخْلِقِي) : هَذَا مِنْ بَابِ التَّفَاؤُلِ ، وَالدُّعَاءِ لِلَّابِسِ ، بِأَنْ يُعَمِّرَ ، وَيَلْبَسَ ذَلِكَ الثَّوْبَ حَتَّى يَبْلَى ، وَيَصِيرَ خَلَقًا .
وَفِيهِ : أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا ” انتهى من “نيل الأوطار” (2/ 118) .
وينظر السؤال رقم : (139146) .
والله تعالى أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة