خلال جدالٍ حصل مؤخرّاً بيني وبين زوجتي بينما كنّا في السيارة، وكنت أقود على سرعة 70 ميلاً في الساعة، وصلنا إلى مشاجرةٍ جسديّة، أولّاً أنا قمت بصفعها ممّا أدى إلى أن تفعل نفس الشيء، في حين كانت تغرس أظافرها الطويلة في ساعدي، والتي لا يزال لديّ ندوبٌ منها بعد 8 أشهرٍ، بعد ذلك صرخت قائلاً لها أعطيك واحد طلاق، قلت هذا لأجعلها ترفع يدها عن ساعدي؛ لأنّني كنت في ألمٍ شديد، بصراحةٍ أنا لم أكن في وعيي، كلانا كان يصرخ بأعلى صوته، وأنا كنت أقود سيارتي بسرعةٍ قصوى، يرجى تقديم المشورة إذا كان هذا الطلاق صحيحا.
تشاجر مع زوجته بالأيدي وآذته وهو يقود السيارة بسرعة فقال أعطيك الطلاق
السؤال: 287240
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
طلاق المكره لا يقع، كما هو سبق بيانه في جواب السؤال رقم:(140506).
لكن ما حصل معك لا يعتبر إكراها، وقد كان بإمكانك تخفيف السرعة وإيقاف السيارة والتخلص من أذى زوجتك.
ثانيا:
إذا كان تكلمت بالطلاق في غير وعي –كما ذكرت- لأجل شدة الغضب الذي أغلق أفقدك وعيك، أو لغير ذلك من الأسباب: فإن الطلاق لا يقع.
وكذا لو كنت واعيا، لكن حملك شدة الغضب على التطليق، فلا يقع الطلاق على الراجح.
أما إن كنت قادرا على منع نفسك من التطليق، وإنما طلقت لتتخلص من أذى زوجتك فإن الطلاق يقع؛ لما تقدم من أن هذا لا يعتبر إكراها.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: “إذا كان الطلاق المذكور وقع منك في حالة شدة الغضب وغيبة الشعور، وأنك لم تدرك نفسك، ولم تضبط أعصابك، بسبب كلامها السيئ، وسبها لك وشتائمها ونحو ذلك، وأنك طلقت هذا الطلاق في حال شدة الغضب وغيبة الشعور، وهي معترفة بذلك، أو لديك من يشهد بذلك من الشهود العدول، فإنه لا يقع الطلاق؛ لأن الأدلة الشرعية دلت على أن شدة الغضب – وإذا كان معها غيبة الشعور كان أعظم- لا يقع بها الطلاق.
ومن ذلك ما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا طلاق ولا عتاق في إغلاق) . قال جماعة من أهل العلم: الإغلاق: هو الإكراه أو الغضب؛ يعنون بذلك الغضب الشديد، فالغضبان قد أغلق عليه غضبه قصده، فهو شبيه بالمعتوه والمجنون والسكران، بسبب شدة الغضب، فلا يقع طلاقه. وإذا كان هذا مع تغيب الشعور وأنه لم يضبط ما يصدر منه بسبب شدة الغضب فإنه لا يقع الطلاق.
والغضبان له ثلاثة أحوال:
الحال الأولى: حال يتغيب معها الشعور، فهذا يلحق بالمجانين، ولا يقع الطلاق عند جميع أهل العلم.
الحال الثانية: وهي إن اشتد به الغضب، ولكن لم يفقد شعوره، بل عنده شيء من الإحساس، وشيء من العقل، ولكن اشتد به الغضب حتى ألجأه إلى الطلاق، وهذا النوع لا يقع به الطلاق على الصحيح أيضا.
والحال الثالثة: أن يكون غضبه عاديا ليس بالشديد جدا، بل عاديا كسائر الغضب الذي يقع من الناس، فهو ليس بملجئ ، وهذا النوع يقع معه الطلاق عند الجميع” انتهى من “فتاوى الطلاق” ص19-21، جمع: د. عبد الله الطيار، ومحمد الموسى.
ثالثا:
إذا قال الرجل لزوجته: أنت طالق أو مطلقة أو طلقتك –بصيغة الماضي- فهذا طلاق صريح واقع.
وأما إن طلق بلفظ المضارع كقوله: أطلقك، أو أعطيك الطلاق، فهذا ليس صريحا، لأنه قد يراد به الطلاق في المستقبل ، فيكون من باب الوعيد والتهديد، فإن أراد به إيقاع الطلاق في الحال وقع، أي إن أراد: طلقتك الآن، وقع الطلاق.
قال في “المطلع على أبواب المقنع”، ص 314: “ولا يحصل الحكم بالمضارع ولا بالأمر؛ لأن المضارع وعد كقولك: أنا أعتق وأدبر وأطلق، والأمر لا يصلح للإنشاء ، ولا هو خبر فيؤاخذ المتكلم به” انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “وأما إذا أراد به الحال فإنها تطلق؛ لأن المضارع يصح للحال والاستقبال” انتهى من “الشرح الممتع” (13/61).
والحاصل:
أنك إن نويت الطلاق، بالصيغة المذكورة، وقلته لأجل التخلص من يد زوجتك فإن الطلاق يقع.
وأما إن كان الغضب هو الذي حملك على التلفظ بالطلاق، ولولا الغضب ما طلقت، فإنه لا يقع، وإن غاب عنك الوعي، فإن الطلاق لا يقع من باب أولى.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة