0 / 0

أثر لا يصح عن عمر ، في أن السيئة تتبعها عشر خصال مذمومة.

السؤال: 287769

ما صحة الأثر التالي : ذكر ابن الجوزي فوائد من ” بحر الدموع” ” يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: لا يغرّنّكم قول الله عز وجل: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا) الأنعام /160، فإن السيئة وإن كانت واحدة ، فإنها تتبعها عشر خصال مذمومة : أولها: إذا أذنب العبد ذنبا، فقد أسخط الله وهو قادر عليه ، والثانية: أنه فرّح إبليس لعنه الله ، والثالثة: أنه تباعد من الجنة ، والرابعة: أنه تقرّب من النار ، والخامسة: أنه قد آذى أحب الأشياء إليه ، وهي نفسه ، والسادسة: أنه نجس نفسه وقد كان طاهراً ، والسابعة: أنه قد آذى الحفظة ، والثامنة: أنه قد أحزن النبي صلى الله عليه وسلم في قبره . والتاسعة: أنه أشهد على نفسه السماوات والأرض وجميع المخلوقات بالعصيان ، والعاشرة: أنه خان جميع الآدميين ، وعصى رب العالمين” ؟

ملخص الجواب

هذا أثر باطل لا أصل له ، وفيه ركاكة وفساد في المعنى .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

هذا الأثر ذكره ابن الجوزي رحمه الله في كتابه “بحر الدموع” (ص: 20)، فقال :

” يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ” لا يغرّنّكم قول الله عز وجل: ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا ) الأنعام/ 160، فإن السيئة وإن كانت واحدة، فإنها تتبعها عشر خصال مذمومة … ) ثم ذكرها .

ولا نعلم أحدا ذكر هذا الأثر غير ابن الجوزي في هذا الكتاب ، وتصديره إياه بصيغة التمريض : ” يُروى ” يشير إلى عدم ثبوته عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه .

وركاكته تدل على عدم صحته ، وعدم روايته في كتب السنة والأثر تدل على أنه لا أصل له .

وقوله في تعداد هذه الخصال :

” إذا أذنب العبد ذنبا، فقد أسخط الله ” لا يصح هكذا بإطلاقه ؛ لأنه قد يوفق من بعد الذنب إلى التوبة ، فيرضى الله عنه، ويبدله بعد السخط رحمة ورضوانا .

ويخشى أن يكون في مثل هذا الكلام من التقنيط ، والتأييس من التوبة ، فوق ما فيه من العظة والعبرة ، والزجر عن المعصية .

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

” الذَّنْبُ الَّذِي يَضُرُّ صَاحِبَهُ : هُوَ مَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَوْبَةٌ ، فَأَمَّا مَا حَصَلَ مِنْهُ تَوْبَةٌ فَقَدْ يَكُونُ صَاحِبُهُ بَعْدَ التَّوْبَةِ أَفْضَلَ مِنْهُ قَبْلَ الْخَطِيئَةِ ، وَلَوْ كَانَتْ التَّوْبَةُ مِنْ الْكُفْرِ وَالْكَبَائِرِ ؛ فَإِنَّ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ هُمْ خِيَارُ الْخَلِيقَةِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّمَا صَارُوا كَذَلِكَ بِتَوْبَتِهِمْ مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ الْكُفْرِ وَالذُّنُوبِ ، وَلَمْ يَكُنْ مَا تَقَدَّمَ قَبْلَ التَّوْبَةِ نَقْصًا وَلَا عَيْبًا ” .

انتهى من”مجموع الفتاوى” (15 /54) .

وكذا قوله :

” أنه قد أحزن النبي صلى الله عليه وسلم في قبره ” : فهذا مما لا دليل عليه .

وعلى كل ؛ فالأثر برمته لا يصح عن عمر رضي الله عنه ، ومعانيه : ليست محكمة ، تشهد لها أصول الشرع ، وألفاظه ركيكة ، بعيدة عن باب الرواية والخبر الثابت عن أمير المؤمنين عمر ، رضي الله عنه .

قال ابن القيم رحمه الله :

” والأحاديث الموضوعة عليها ظلمة وركاكة ومجازفات باردة تنادي على وضعها واختلاقها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ” انتهى من”المنار المنيف” (ص 50) .

ثم ذكر جملة من الأمور الكلية التي يعرف بها كون الحديث موضوعا ، ومنها : ” ركاكة ألفاظ الحديث وسماجتها بحيث يمجها السمع ويدفعها الطبع ويسمج معناها للفطن ” انتهى من “المنار المنيف” (ص 99) .

ولعل مما يغني عن تكلف ذلك ، ما رواه ابن أبي شيبة في “المصنف” (7/ 201) بسند صحيح عن عروة بن الزبير قال :

” إِذَا رَأَيْتُ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْحَسَنَةَ ، فَاعْلَمْ أَنَّ لَهَا عِنْدَهُ أَخَوَاتٍ ، فَإِنَّ الْحَسَنَةَ تَدُلُّ عَلَى أُخْتِهَا ، وَإِذَا رَأَيْتَهُ يَعْمَلُ السَّيِّئَةَ فَاعْلَمْ أَنَّ لَهَا عِنْدَهُ أَخَوَاتٍ ، فَإِنَّ السَّيِّئَةَ تَدُلُّ عَلَى أُخْتِهَا ” .

ولكن لا يلزم من هذا: أن من عمل سيئة أصابته كل هذه البلايا التي ذكرت في الأثر المذكور.

والله تعالى أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android