ما صحة هذا الدعاء : ” اللهم ياجبار أجبرني جبراً يتعجب منه أهل السموات والأرض، جبراً يليق بعظمتك وقدرتك وكرمك ” ؟
حكم الدعاء بـ ” اللهم يا جبار اجبرني جبراً يتعجب منه أهل السموات والأرض “.
السؤال: 288321
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا :
تقدم في جواب السؤال رقم :(153274) التحذير من الأدعية المخترعة، وتعاهدها والمحافظة عليها، لما يكون -غالبا- في ذلك من الاعتداء في الدعاء، ولأن هذا يعد سبيلا لترك الأدعية المشروعة ، واستبدالها بتلك المخترعة .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
” فيما ثبت في الوحيين من الأدعية والأذكار غنية عن الأدعية والأذكار المخترعة ” .
انتهى من “فتاوى اللجنة الدائمة”(1 / 53) .
ثانيا :
اسم الله “الجبار” له ثلاثة معان :
الأول : جبر القوة، فهو سبحانه وتعالى الجبار ، الذي يقهر الجبابرة ، ويغلبهم بجبروته وعظمته.
الثاني : جبر الرحمة ، فإنه سبحانه يجبر الضعيف بالغِنى والقوة ، ويجبر الكسير بالسلامة ، ويجبر المنكسرة قلوبهم بإزالة كسرها ، وإحلال الفرج والطمأنينة فيها ؛ وما يحصل لهم من الثواب والعاقبة الحميدة إذا صبروا على ذلك من أجله .
الثالث : جبر العلو، فإنه سبحانه فوق خلقه عالٍ عليهم ، وهو مع علوه قريب منهم يسمع أقوالهم ، ويرى أفعالهم ، ويعلم ما توسوس به نفوسهم .
ينظر السؤال رقم : (130718)
ثالثا :
قول القائل في دعائه: ” اللهم يا جبار اجبرني جبراً يتعجب منه أهل السموات والأرض ” لا نرى له وجها؛ لما يلي :
أولا : لا نعلمه مأثورا عن أحد من السلف .
ثانيا : هذا من سؤال الله جبر الرحمة، وطلبه وحصوله لا يستدعي التعجب من أهل السماء؛ فمن عرف سعة رحمة الله ، وعظيم فضله على عباده ، وإنعامه عليهم : لم يتعجب كل هذا العجب ، إذا علم أن الله جبر بعض عباده ، ولو كان عاصيا فتاب عليه ، أو مبتلى فعافاه ، أو محتاجا فأعطاه ، أو مريضا فشفاه ، أو نحو ذلك ؛ فما عند الله من الرحمة والعطاء : فوق ذلك ، بما لا يقدر قدره .
ويكفي المسلم أن يسأل الله أن يجبره ، كما روى الترمذي (284)، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : ” أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاجْبُرْنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي)، وصححه الألباني في “صحيح الترمذي”.
وروى الطبراني في “المعجم الكبير” (7811) ، وابن السني في “عمل اليوم والليلة” (116)، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ : ” أنه كان من دعاء النبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَلَاةٍ : اللهُمَّ، اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَخَطَايَايَ، اللهُمَّ أَنْعِشْنِي، وَاجْبِرْنِي، وَاهْدِنِي لِصَالِحِ الْأَعْمَالِ وَالْأَخْلَاقِ، فَإِنَّهُ لَا يَهْدِي لِصَالِحِهَا، وَلَا يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ .
وحسنه الألباني في “صحيح الجامع” (1266) .
فيكفي المسلم أن يسأل الله أن يجبره ، كما ورد في السنة ، ولا يزيد على ذلك ، بما لا وجه له من التكلف ، والتألي على الله ، والزيادات الباطلة .
قال القرطبي رحمه الله :
” فعلى الإنسان أن يستعمل ما في كتاب الله وصحيح السنة من الدعاء، ويدع ما سواه ، ولا يقول أختار كذا ؛ فإن الله تعالى قد اختار لنبيه وأوليائه، وعلمهم كيف يدعون ” .
انتهى من”الجامع لأحكام القرآن” (4 /231) .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة