من هو ابن جرير؟
التعريف بالإمام ابن جرير الطبري
السؤال: 288854
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
اسمه ومولده :
محمد بن جرير بْن يزيد بْن كثير بْن غالب ، أبو جعفر الطَّبَرِيّ . مِن أهلِ مدينة ( آمُل ) وهي أكبر مدن إقليم ( طَبَرِسْتان ) .
وكان مولده في آخر سنة (224 ه) ، وقيل : في أول سنة (225 ه).
طلبه للعلم:
نَعِمَ الطبري بحسن التنشئة والرعاية منذ نعومة أظفاره ، وقد ذكر ذلك فقال : ” حفظت القرآن ولي سبع سنين ، وصليت بالناس وأنا ابن ثماني سنين ، وكتبت الحديث وأنا ابن تسع سنين ، ورأى لي أبي في النوم أنني بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان معي مخلاة مملوءة حجارة وأنا أرمي بين يديه ، فقال له المعبر : إنه إن كبر نصح في دينه ، وذبّ عن شريعته . فحرص أبي على معونتي على طلب العلم ، وأنا حينئذ صبي صغير ” انتهى من “معجم الأدباء” (6/ 2446).
وكان أول ما كتب الحديث ببلده ، ثم بالري وما جاورها ، ثم رحل إلى بغداد ثم البصرة فالكوفة ، ثم إلى فسطاط مصر ، ثم عاد إلى الشام ثم رجع إلى مصر ، ثم استقر به الحال في بغداد حتى توفي بها .
مذهبه:
أَخذ فقه الشَّافِعِي عَن الرّبيع الْمرَادِي ، وَالْحسن الزَّعْفَرَانِي ، حتى أصبح من كبار الشافعية ، ثم أصبح مجتهدًا مطلقًا ، فانفرد بمذهب مستقل لم يكتب له الدوام ، وذلك لذهاب مدوناته ، وتفرق أصحابه وأتباعه .
وينظر: “طبقات الفقهاء الشافعية” لأبي عمرو ابن الصلاح (1/ 107).
ثناء العلماء عليه :
قال ابن خزيمة : ” نظرت في تفسيره من أوله إلى آخره ، فما أعلم على أديم الأرض أعلم من ابن جرير ” انتهى من “لسان الميزان” (7/25).
وقال الخطيب : ” كَانَ ابن جرير أحد الأئمّة ، يُحْكَمُ بقوله ويُرْجَعُ إلى رأيه لمعرفته وفضله ، جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره ، وكان حافظا لكتاب الله ، عارفا بالقراءات ، بصيرا بالمعاني ، فقيها في أحكام القرآن ، عالما بالسنن وطرقها، صحيحها وسقيمها، وناسخها ومنسوخها ، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين ، ومن بعدهم من الخالفين في الأحكام ، ومسائل الحلال والحرام ، عارفا بأيام الناس وأخبارهم ” انتهى من “تاريخ بغداد” (2/161).
وقال الخليلي : ” أشهر من أن يُذكر ، جامع في العلوم ، إمام ، سمع بالرَّي محمد بن حميد وأقرانه ، وبالعراق أحمد بن عبدة الضبي ، ونصر بن علي الجَهْضَمي ، وارتحل إلى الشام ، ومصر، ولا يُعد شيوخه ، سمع منه الأئمة…” انتهى من “الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة” (8/ 216).
وقال الذهبي: ” الإمام العلم ، المجتهد ، عالم العصر ، أبو جعفر الطبري ، صاحب التصانيف البديعة…وكان من أفراد الدهر علما ، وذكاء ، وكثرة تصانيف ، قل أن ترى العيون مثله ” انتهى من “سير أعلام النبلاء” (4/267).
بعض مناقبه:
قال الخطيب: ” سَمِعْتُ عليّ بْن عُبَيْد اللَّه اللُّغَويّ يَقُولُ : مَكَثَ ابن جرير أربعين سنة، يكتب كلّ يومٍ أربعين ورقة ” انتهى من “تاريخ الإسلام” للذهبي (7/160).
وقَالَ أبو محمد الفرغاني صاحب ابن جرير: ” أرسل إِلَيْهِ العبّاس بْن الحَسَن الوزير : قد أحببت أن أنظر في الفقه . وسأله أنّ يعمل لَهُ مختصرًا . فعمل لَهُ كتاب ” الخفيف ” وأنفذه إليه . فوجّه إِلَيْهِ بألف دينار فلم يقبلها ، فقيل لَهُ : تصَّدقْ بها. فلم يفعل “.
وقال أيضًا : ” إنّ قومًا من تلامذة أَبِي جعفر الطَّبَريّ، حَسبوا لأبي جعفر منذ بلغ الحُلم ، إلى أن مات ، ثمّ قسَّموا عَلَى تِلْكَ المدّة أوراق مصنفاته ، فصار لكلّ يوم أربع عشرة ورقة ” انتهى من “طبقات الشافعية” لابن قاضي شهبة (1/100).
تصانيفه :
له من التصانيف البديعة الكثير ، من أهمها : كتاب التفسير ( جامع البيان ) ، وكتاب (التاريخ) إلى عصره ، وكتاب ( تاريخ الرجال ) من الصحابة والتابعين ، وإلى شيوخه الذين لقيهم ، وله كتاب ( لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام ) وهو مذهبه الذي اختاره ، وجوده ، واحتج له ، وله كتاب ( القراءات والتنزيل والعدد ) ، وله كتاب ( اختلاف علماء الأمصار ) ، وله كتاب ( الخفيف في أحكام شرائع الإسلام ) وهو مختصر لطيف ، وله كتاب ( التبصير ) وهو رسالة إلى أهل طبرستان ، يشرح فيها ما تقلده من أصول الدين ، وابتدأ بتصنيف كتاب ( تهذيب الآثار ) وهو من عجائب كتبه ، ابتداء بما أسنده الصديق مما صح عنده سنده ، وتكلم على كل حديث منه بعلله وطرقه ، ثم فقهه ، واختلاف العلماء وحججهم ، وما فيه من المعاني والغريب ، والرد على الملحدين ، فتم منه مسند العشرة وأهل البيت والموالي ، وبعض ( مسند ابن عباس ) ، ومات قبل تمامه .
محنته ووفاته :
تعرض الطبري لمحنة شديدة في أواخر حياته بسبب التعصب المذهبي ، إذ قد وقعت ضغائن ومشاحنات بين ابن جرير الطبري ورأس الحنابلة في بغداد : أبي بكر بن أبي داود ، أفضت إلى اضطهاد الحنابلة لابن جرير ، وكان المذهب الحنبلي في هذه الفترة هو السائد على العراق عامة، وبغداد خاصة ، وتعصب العوام على ابن جرير ورموه بالتشيع وغالوا في ذلك . حتى منعوا الناس من الاجتماع به ، وظل محاصرًا في بيته حتى توفي عشية الأحد ليومين بقيا من شوال (310 ه) ، ودفن في داره برحبة يعقوب – يعني : ببغداد – .
ينظر: “سير أعلام النبلاء” (14/ 273).
وينظر حول محنة ابن جرير مع الحنابلة، وبراءته من تهمة التشيع: كتاب “أصول الدين عند الإمام الطبري” ، لطه محمد نجا ، على هذا الرابط :
https://waqfeya.com/book.php?bid=1848
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب