0 / 0

شبهات جولد تسهير حول السنة النبوية

السؤال: 289171

آمل دحض ادعاء المستشرق جولدسهير بأنه حتى الحديث المتواتر لا يمكن تصحيحه ، أي لا يمكن التحقق من صحته ، فهذا الأمر يربكنا نحن المسلمين في بلدنا.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

لا يليق بالمسلم أن يضطرب قلبه أمام شبهات المستشرقين وبالأخص أمام شبهات جولد تسهير هذا ، فهو يهودي اشتغل في مراكز الاستشراق اليهودية النصرانية التي كانت ظهيرا للحملات الاستعمارية والتنصيرية للبلدان الإسلامية في زمنه .

والعقل والواقع يرشدان المسلم إلى عدم  اعتبار مؤلفات هذا المستشرق نتاجا علميا نزيها ، يوثق به ، ويعتمد عليه ؛ بل مؤلفاته ومقالاته طافحة بالوساوس والشكوك الجدلية المحضة ، ومجافاة المنهج العلمي النزيه ؛ حيث لم تكن الحقائق التاريخية والأدلة هي مدار الحق والباطل عنده؛ بل كانت أوهامه التي يتخيلها من بعض الأخبار هي عمدته، واستحسانه واستقباحه النفسي هو عمدته في قبول الأخبار وردها .

يقول الأستاذ فؤاد سيزكين ، وهو من عاش بين ظهور هؤلاء المستشرقين وخبرهم خبرة تامة:

” وسنثبت في موضع تال أن جولدتسيهر -وهو العالم الكبير باللغة العربية- قد فهم بعض الأخبار الواردة في كتب الحديث فهما معكوسا، وهكذا فقد شق من البداية اتجاها خاطئا ” . انتهى من”تاريخ التراث العربي” (1 / 118).

ويقول أيضا : ” ونرى لزاما علينا أن ننبه إلى أن جولد تسيهر -كما يبدو-  لم يدرس كتب مصطلح الحديث التي كانت معروفة له ككل، والتي كان لا يزال قسم منها مخطوطا في ذلك الوقت.

وفوق هذا فيبدو لنا أنه لم ينظر -رغم كثرة مصادره- إلى بعض الأخبار في ترابطها بالأخبار الأخرى .

ويبدو لنا كذلك أنه غفل عن الأخبار التي كان من شأنها أن تجعل للأخبار الأولى دلالة مختلفة تماما عن المعنى المقصود – أي الذي يقصده جولد تسهير-، وسنبين هذا في موضعه” انتهى من “تاريخ التراث العربي” (1 / 119).

ولذا يقر بعض المنصفين من المستشرقين ، أنه بعد انتشار طباعة الكتب الإسلامية لم يبق لدراسات جولد تسهير قيمة.

قال الأستاذ مصطفى السباعي رحمه الله تعالى:

” وفي جامعة “أبسلا” (السويد) التقيت بالشيخ المستشرق “نيبرج” ، وهو الذي كان قد أشرف على طبع كتاب “الانتصار” لابن الخياط – على ما أظن – وطبعته قديما “لجنة التأليف والترجمة في القاهرة” ، وجرى بيني وبينه حديث طويل ، كان أكثره حول أبحاث المستشرقين ومؤلفاتهم عن الإسلام وتاريخه، وجعلت “جولد تسيهر” محور الحديث عن المستشرقين، وذكرت له أمثلة من أخطائه وتحريفه للحقائق .

فكان مما قاله بعد ذلك: إن جولد تسيهر كان في القرن الماضي ذا شهرة علمية ومرجعاً للمستشرقين، أما في هذا العصر – بعد انتشار الكتب المطبوعة في بلادكم عن العلوم الإسلامية – فلم يعد جولد تسيهر مرجعا كما كان في القرن الماضي .. لقد مضى عهد جولد تسيهر في رأينا! .. ” انتهى من “السنة ومكانتها” (ص 16).

فالحاصل؛ أن بحوث هذا المستشرق ليست إنتاجا علميا يلقي له المسلم بالا، وإنما هو وسوسة عدو ينبغي على المنصف العاقل الحذر منها، والاعتصام بكتب أهل العلم المتمكنين في هذا المجال ، وأنعم بها !!

وراجع للفائدة جواب السؤال رقم : (210282).

ثانيا:

تشكيك جولد تسهير في عموم السنة ، آحادها ومتواترها قائم على مسائل افترضها من هواه، ثم بنى عليها جميع تكذيبه وتشكيكه بأخبار السنة؛ وأكذب هذه المسائل:

المسألة الأولى:

أن تدوين السنة تأخر بعقود كثيرة، ولم يدوّن إلا في مطلع القرن الهجري الثاني، وكان الاعتماد خلال كل هذه المدة على ذاكرة الرواة المعرضة للنسيان والكذب ونحو هذا؛ وهذا أمر يشكك في ضبط الرواة للسنة، وينفي أن يكون مصدرها هو النبي صلى الله عليه وسلم.

المسألة الثانية:

أن عملية التدوين سبقها وصاحبها صراعات سياسية، افترض هذا المستشرق أنه كان لها أكبر الأثر في تدوين السنة، وذلك بزعمه تعمّد الرواة للكذب، لنصرة مذاهبهم ومواقفهم؛ ولذا يخلص بشكوكه إلى: أن أكثر نصوص السنة ما هي إلا نتيجة للتطور الديني والسياسي والاجتماعي خلال ذلك الزمن.

والرد على هذا بأمور:

الأمر الأول: أن تقييد السنة بالكتابة قد بدأ من عصر النبي صلى الله عليه وسلم والأخبار في ذلك كثيرة؛ ومن ذلك:

عن أَبي هُرَيْرَةَ، قَالَ: ” مَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ أَكْثَرَ حَدِيثًا عَنْهُ مِنِّي، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ وَلاَ أَكْتُبُ ” رواه البخاري (113).

وقد استمر تقييد الحديث بالكتابة في عصر الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وإن كان بعضهم كان يستغني بحفظه عن الكتابة ، ولم يكن ذلك عن تفريط منهم وتضييع للسنة ، وإنما مزيد احتياط للدين والوحي، فكان تهيّب هؤلاء عن كتابة الحديث ، إما صيانة للقرآن حتى لا تلتبس آيات القرآن بنصوص السنة في عصر الصحابة؛ وإما صيانة للسنة حتى لا تختلط بآراء الرواة في عصر التابعين، وإما رفعا لهمة الحفظ وعدم الاتكال على المكتوب.

قال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى:

” فقد ثبت أن كراهة من كره الكتاب من الصدر الأول إنما هي لئلا يضاهى بكتاب الله تعالى غيره، أو يشتغل عن القرآن بسواه…

ونهي عن كَتْب العلم في صدر الإسلام لقلة الفقهاء في ذلك الوقت , والمميزين بين الوحي وغيره، لأن أكثر الأعراب لم يكونوا فقهوا في الدين، ولا جالسوا العلماء العارفين، فلم يؤمَن أن يُلحقوا ما يجدون من الصحف بالقرآن، ويعتقدوا أن ما اشتملت عليه كلام الرحمن، وأمر الناس بحفظ السنن إذ الإسناد قريب، والعهد غير بعيد، ونهي عن الاتكال على الكتاب، لأن ذلك يؤدي إلى اضطراب الحفظ حتى يكاد يبطل، وإذا عدم الكتاب قوي لذلك الحفظ الذي يصحب الإنسان في كل مكان ” انتهى من “تقييد العلم” (ص 57 – 58).

فالمقطوع به أن تقييد الحديث بالكتابة كان موجودا من عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما الذي تأخر إلى القرن الثاني : هو تصنيف وتدوين الكتب الجامعة للسنن على الأبواب أو المسانيد؛ كالموطآت، والمسانيد، والجوامع، والسنن.

الأمر الثاني: أن المقطوع به أن تأخر تصنيف المصنفات الحديثية ليس هو السبب الرئيس في تشكيك جولد تسهير فيها؛ والدليل على هذا أن القرآن مقطوع بحفظه بالكتابة من عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، وجمعت آياته في وقت مبكر في خلافة أبي بكر رضي الله عنه؛ إلا أن جولد تسهير لم تقنعه هذه الكتابة ، وبحث عن أمور أخرى ليشكك بها في النص القرآني؛ فهذا المستشرق لم يكن يتخذ التشكيك منطلقا للبحث؛ وإنما كان يجعله هو الغاية والنتيجة من بحوثه.

الأمر الثالث:

تأخر التصنيف إلى القرن الثاني واعتماد عدد من الرواة قبل ذلك على حفظهم من غير كتابة؛ هو أمر في ذاته ليس فيه ما ينتقد؛ واحتمال النسيان أو الكذب، لا يرجع إلى اعتماد الراوي على ذاكرته وإنما يعود إلى شخصية الراوي وطريقة حفظه؛ فالراوي الذي اشتهر بعدالته ودينه ومروءته وتفرغه لمهمة نقل الأحاديث فكان يعتاد محفوظاته بالمذاكرة والتحديث والرحلة من أجلها؛ لا يمكن عقلا أن تعامل مروياته كمعاملة مرويات من عرف منه الكذب مثلا أو كان مشتغلا عن أحاديثه بأمور أخرى تنسيه ما حفظه.

وللاحتياط لدين الله تعالى فقد بادر أهل العلم من عهد الصحابة إلى التدقيق في الرواة ومروياتهم.

كما قال ابْنِ سِيرِينَ: ” لَمْ يَكُونُوا يَسْأَلُونَ عَنِ الْإِسْنَادِ، فَلَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ، قَالُوا: سَمُّوا لَنَا رِجَالَكُمْ، فَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ السُّنَّةِ فَيُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ، وَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ الْبِدَعِ فَلَا يُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ ” رواه مسلم في “مقدمة صحيحه” (1 / 15).

قال أبو العباس القرطبي رحمه الله تعالى:

” وقوله: ( فلما وقعت الفتنة قالوا : سموا لنا رجالكم ) هذه الفتنة يعني بها – والله أعلم -: فتنة قتل عثمان، وفتنة خروج الخوارج على علي ومعاوية؛ فإنهم كفروهما حتى استحلوا الدماء والأموال…

فيعني بذلك – والله أعلم -: أن قتلة عثمان والخوارج لما كانوا فساقا قطعا، واختلطت أخبارهم بأخبار من لم يكن منهم، وجب أن يبحث عن أخبارهم فترد، وعن أخبار غيرهم ممن ليس منهم فتقبل، ثم يجري الحكم في غيرهم من أهل البدع كذلك ” انتهى من “المفهم” (1 / 123).

وقال العلائي رحمه الله تعالى:

” وقول ابن سيرين: “لم يكونوا يسألون عن الإسناد حتى وقعت الفتنة ، فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم”.

قلت: لأن المبتدعة كذبت أحاديث كثيرة تشيد بها بدعتها، قال ابن عباس رضي الله عنه -لما بلغه ما وضعه الرافضة من أهل الكوفة على علي رضي الله عنه-: ” قاتلهم الله أي علم أفسدوا”. رواه مسلم في مقدمة صحيحه أيضا.

قال الإمام الشافعي رحمه الله : كان ابن سيرين، وعروة بن الزبير، وطاووس، وإبراهيم النخعي، وغير واحد من التابعين؛ يذهبون إلى أن لا يقبلوا الحديث إلا عن ثقة يعرف ما يروي، ويحفظ، وما رأيت أحدا من أهل الحديث يخالف هذا المذهب ” .

انتهى من “جامع التحصيل” (ص 69 – 70).

فكانت عملية النقد تماشي الرواية؛ ولم تتأخر عنها؛ ولم يكن أهل النقد يحابون أحدا لا قريبا ولا حبيبا، وراجع للأهمية جواب السؤال رقم : (82365) ، ورقم : (239540).

وهذا أعطى السنة مصداقية لا ينكرها إلا عدو كجولد تسهير.

وعملية النقد لم تكن منصبّة على رجال الإسناد فقط كما كان يوهم جولد تسير بجهله أو تجاهله؛ بل كان النقد يتم للسند والمتن، وللأمور الظاهرة والخفية ؛ والأدلة على هذا كثيرة، ولذا اشترط أهل العلم لصحة الحديث أن يكون خاليا من الشذوذ والعلة.

قال ابن الملقن رحمه الله تعالى:

” فالصحيح المجمع عليه:

ما اتصل إسناده بالعدول الضابطين، من غير شذوذ ولا علة ” انتهى من “المقنع” (1 / 42).

قال ابن الصلاح رحمه الله تعالى:

” فالحديث المعلل هو الحديث الذي اطُّلع فيه على علة تقدح في صحته، مع أن ظاهره السلامة منها ” انتهى من “مقدمة ابن الصلاح” (ص 187).

فعلماء النقد لم يكتفوا بظواهر الأسانيد بل كانوا يقومون بعملية بحث وتفتيش للحديث بجمع طرقه وأسانيده.

قال الخطيب رحمه الله تعالى:

” والسبيل إلى معرفة علة الحديث أن يجمع بين طرقه ، وينظر في اختلاف رواته ، ويعتبر بمكانهم من الحفظ ، ومنزلتهم في الاتقان والضبط ” انتهى من “الجامع” (2 / 295).

ولذا كان من طرق الحكم على الراوي عند أهل الحديث هو دراسة مروياته والتدقيق فيها ومقارنتها بأحاديث الثقات.

الأمر الرابع:

تعميم تشكيكه بالرواة ، وتعميمه اتهامهم بالكذب والوضع في الحديث نصرة لمذاهبهم ومواقفهم؛ هو أمر اقترحه جولد تسهير من نفسه ، ولما أعجزته البيّنة اضطر هو للكذب؛ ومن ذلك:

روى ابن سعد في “الطبقات” (5 / 352) وغيره عَنِ معمر عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: ” كُنَّا نَكْرَهُ كِتَابَ الْعِلْمِ حَتَّى أَكْرَهَنَا عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءُ، فَرَأَيْنَا أَنْ لَا نَمْنَعَهُ أَحَدًا من المسلمين “.

فحرّف جولد تسهير هذا الخبر إلى أن الزهري كتب للأمراء أحاديث اخترعها من عند نفسه.

قال الأستاذ مصطفى السباعي مبيّنا هذا التزوير؛ فقال رحمه الله تعالى:

” زعم جولدتسيهر: أن الزهري اعترف اعترافا خطيرا في قوله الذي رواه عنه معمر: ” إن هؤلاء الأمراء أكرهونا على كتابة أحاديث ” ، وأن ذلك يُفهِم استعداد الزهري ، لأن يكسو رغبات الحكومة ، باسمه المعترف به عند الأمة الإسلامية.

قدمنا لك عند الحديث عن صدق الزهري وجرأته، أنه أبعد الناس عن الرضوخ لأهواء الحاكمين، وذكرنا لك من الوقائع التاريخية بينه وبين خلفاء بني أمية ، ما تجزم معه بأنه ليس ذلك الرجل المستعد لأن يكسو رغبات الحكومة باسمه المعترف به عند المسلمين.

أما هذا النص الذي نقله ففيه تحريف متعمد، يقلب المعنى رأسا على عقب .

وأصله كما في ابن عساكر وابن سعد: أن الزهري كان يمتنع عن كتابة الأحاديث للناس – ويظهر أنه كان يفعل ذلك ليعتمدوا على ذاكرتهم، ولا يتكلوا على الكتب كما ذكرنا من قبل – فلما طلب منه هشام ، وأصر عليه أن يملي على ولده ، ليمتحن حفظه كما تقدم، وأملى عليه أربعمائة حديث، خرج من عند هشام ، وقال بأعلى صوته:

” يا أيها الناس إنا كنا منعناكم أمرا ، قد بذلناه الآن لهؤلاء، وإن هؤلاء الأمراء أكرهونا على كتابة (الأحاديث) ، فتعالوا حتى أحدثكم بها ؛ فحدثهم بالأربعمائة الحديث “.

هذا هو النص التاريخي لقول الزهري، وقد رواه الخطيب بلفظ آخر وهو:

” كنا نكره كتاب العلم – أي كتابته – حتى أكرهنا عليه هؤلاء الأمراء ، فرأينا أن لا نمنعه أحدا من المسلمين “.

فانظر! كم الفرق بين أن يكون قول الزهري كما روى جولدتسيهر: “أكرهونا على كتابة (أحاديث)”، وبين أن يكون قوله ، كما رواه المؤرخون: “أكرهونا على كتابة (الأحاديث)” ، أو كما رواه الخطيب “على كتابة العلم” !!

ثم انظر إلى هذه الأمانة العلمية ، حذف “الـ” من “الأحاديث” فقلبت الفضيلة رذيلة .. حيث كان النص الأصلي يدل على أمانة الزهري ، وإخلاصه في نشر العلم، فلم يرض أن يبذل للأمراء ما منعه عن عامة الناس ، إلا أن يبذله للناس جميعا، فإذا أمانة هذا المستشرق تجعله ينسب للزهري أنه وضع للأمراء أحاديث أكرهوه عليها، فأين هذا من ذاك؟؟. ” انتهى من “السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي” (ص 221 – 222).

وفي المقابل يكذّب مالا يتوافق مع هواه ، ويبني تكذيبه على إخفاء الحقائق وكتمانها.

ومن ذلك تعامله مع ما أخرجه الإمام مالك في “الموطأ” من رواية محمد بن الحسن الشيباني (936)؛ قال أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: : ” أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، كَتَبَ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: أن انْظُرْ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ سُنَّتِهِ، أَوْ حَدِيثِ عُمَرَ، أَوْ نَحْوِ هَذَا فَاكْتُبْهُ لِي، فَإِنِّي قَدْ خِفْتُ دُرُوسَ الْعِلْمِ، وَذَهَابَ الْعُلَمَاءِ “.

فما كان من جولد تسهير إلا أن كذّب هذا الخبر بحجة أنه لم يجده إلا في هذه الرواية.

قال فؤاد سيزكين معلقا عليه:

” …وفوق هذا فجولد تسهير يعلم أن هذا الخبر وارد كذلك في سنن الدرامي، هذا وقد ذكره كل من ابن سعد والبخاري” انتهى من “تاريخ التراث العربي” (1  / 121).

وبسبب استماتته في تأكيد شكّه ، لم يكن يتحرج أن يترك المصادر الأصليه لهذه العلوم ، ويتكئ على كتب وضعت للترفيه والمؤانسة ، لا لتأصيل العلم؛ ” ككتاب “ألف ليلة وليلة”، الذي كثيرا ما اعتمد عليه في النقل أثناء بحوثه العلمية، أو في كتاب “حياة الحيوان” للدميري الذي ينقل عنه كثيرا ” انتهى من “السنة ومكانتها” للسباعي (ص 228).

فالحاصل؛ أن ما أثاره جولدتسهير من شكوك حول السنة ماهي إلا خيالات صورها وحاول أن يحرف بعض النصوص لتأييدها؛ ويكذب مالا يتوافق مع هواه .

وإلا ، فالحقيقة التي تظهر لكل دارس لعلم الحديث أن السنة لقيت عناية شديدة لحفظها من عهد النبي صلى الله عليه وسلم وإلى أن دوّنت في المصنفات.

وننصح ـ بشدة ـ للتعمق في دراسة هذه القضية الدقيقة ، ومعرفة ما يثار حولها من شبهات ، والرد عليها ، بمراجعة هذه المؤلفات النفيسة ، وهي متاحة ، جميعا ، على الشبكة :

دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه ، للعلامة محمد مصطفى الأعظمي ، رحمه الله : 

http://waqfeya.com/book.php?bid=2582

دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين ، للشيخ محمد محمد أبو شهبة ، رحمه الله :

 http://waqfeya.com/book.php?bid=7051

السنة ، ومكانتها في التشريع الإسلامي ، للدكتور مصطفى السباعي ، رحمه الله :

http://waqfeya.com/book.php?bid=81

زوابع في وجه السنة ، صلاح الدين مقبول أحمد :

http://waqfeya.com/book.php?bid=6903

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android