0 / 0
15,19729/05/2018

كيف أستطيع المشاركة في خدمة الإسلام؟

السؤال: 289963

كيف يمكن للمسلم أن يخدم دينه ، ومجتمعه الذي يعيش فيه ؛ حتى ولو لم يكن متخصصا في العلم الشرعي ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

نسأل الله أن يبارك في همتك ، وأن يثبتك على الدين .

واعلم أن خدمة الإسلام وأهله من أجلِّ الأعمال وأشرفها ، وأعظمها أجرًا ، وأكثرها مرضاة لله تعالى.

وطرق خدمة الإسلام كثيرة ومتنوعة ، وينبغي على كل مسلم أن ينظر في هذه الطرق ويسلك منها الطريق التي تناسبه ما استطاع إلى ذلك سبيلا .

ونذكر من هذه الطرق :

أولا : الدعوة إلى الله تعالى :

والدعوة إلى الله من أعظم الأعمال نفعاً ، إذ ليس أعظم من الدعوة إلى توحيد الله تعالى ؛ ولذلك منح الله هذه الوظيفة لأفضل الخلق من بني آدم ، وهم الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم ، وكذلك من سار على دربهم.

قال تعالى: ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) فصلت/33.

قال ابن كثير رحمه الله : ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا ) : أي دعا عباد الله إليه. 

وقال الله تعالى: ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الإنعام/122.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( لَئِنْ يَهْدِي اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خيرٌ لك من حمر النعم ) رواه مسلم (34).

ومن الدعوة : إشاعة كل عمل إسلامي تراه أو تسمع به ، فتدل عليه وتخبر عنه ولك مثل أجر فاعله ، ويكون ذلك حديثا في المجالس أو نشرة عبر الصحف والمجلات والإذاعة ، أو من خلال المدرسة أو الجامعة أو التجمعات العائلية أو غير ذلك .

ومن ذلك : التحدث بفضائل هذا الدين ومحاسنه ، وإزالة الالتباس الذي  زرعه  الفكر  السيء  الدخيل  على  الأمة ، وهكذا تساهم في إزالة ما علق في أذهان الناس من تشويه للإسلام .

ثانيًا : تعليم الناس العلم النافع :

تعليم الناس العلم النافع ، كتعريفهم بالحلال والحرام ، وتعليمهم الأحكام الشرعية ، والأخلاق الحميدة ، ونحو ذلك من أعظم الأعمال التي تخدم الإسلام والمسلمين ، ولذلك وردت أدلة كثيرة في فضل تعليم الناس ، منها :

فعن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ ) رواه البخاري (5027). 

وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا فَلَهُ أَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهِ ، لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الْعَامِلِ ) أخرجه ابن ماجه (240) ، وحسنه الألباني .

وبما أنك تحب القراءة ولا تمل منها ، فيمكنك خدمة الإسلام من هذا الباب ، بتعليم الناس الخير وتحذيرهم من الشر ، وذلك بأن تطلب العلم وتقرأ الكتب ، ثم تعلم الناس القرآن والسنة والأحكام الشرعية .

وقد سبق وبينا في موقعنا كيفية طلب العلم والكتب التي يبدأ بها طالب العلم في عدة أجوبة ، منها : (230969)، (153227)، (178489) ، (14082)

ثالثًا : بناء المساجد :

وبناء المساجد وإعمارها وتهيئتها للمصلين ، من أفضل أعمال البر والخير التي رتب عليها الله تعالى ثوابا عظيمًا ، ومن أهم الأعمال التي يخدم بها الإسلام ؛ إذ هي بيوت الله تعالى في الأرض ، وفيها يتعلم الناس شرائع الإسلام ، كما أن بناءها من الصدقة الجارية التي يمتد ثوابها وأجرها حتى بعد موت الإنسان.

قال الله تعالى : ( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ) التوبة/18.

وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ بَنَى اللهُ لَهُ فِي الْجَنَّةِ مِثْلَهُ ) رواه البخاري (450) ، ومسلم (533) واللفظ له .

وروى ابن ماجه (738) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ ، أوْ أَصْغَرَ ، بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ) صححه الألباني .

والقطا طائر معروف ، ومَفْحص القطاة : موضعها الذي تبيض فيه ، وخصصت القطاة بهذا لأنها لا تبيض في شجر ولا على رأس جبل ، إنما تجعل بيتها على بسيط الأرض دون سائر الطيور، فلذلك شبه به المسجد . ينظر : “حياة الحيوان” للدميري .

قال أهل العلم : وهذا مذكور للمبالغة ، أي ولو كان المسجد بالغا في الصغر إلى هذا الحد.

ومن شارك في بناء مسجد كان له من الأجر على قدر مشاركته ، وله أجر آخر على إعانته غيره على البر والتقوى .

ومن ذلك بناء دور تحفيظ القرآن وتعليم العلم الشرعي ، وبناء دور إيواء الأيتام والفقراء ، ونحو ذلك .

رابعًا : الإصلاح بين الناس :

قال الله تعالى : ( لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ) النساء/ 114.

أي : لا خير في كثير من الكلام الذي يُسِرُّه الناس ، ولا نفع منه ، إلا إن كان كلامهم أمرًا بصدقة ، أو معروف جاء به الشرع ودل عليه العقل ، أو دعوة إلى الإصلاح بين المتنازعين ، ومن يفعل ذلك طلبًا لرضا الله فسوف نؤتيه ثوابًا عظيمًا .

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أفضل الصدقة إصلاح ذات البين ) رواه عبد بن حميد (335) وصححه الألباني في ” السلسلة الصحيحة ” (2639) .

خامسًا : إطعام الطعام:

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير ؟ قال : ( تُطْعِمُ الطَّعَامَ , وَتَقْرَأُ السَّلَامَ , عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ ) رواه البخاري (12) ، ومسلم (39).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِسَلَامٍ) رواه الترمذي (2485) ، وصححه الألباني في “الترغيب” (949).

سادسًا : كفالة الأيتام:

عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِى الْجَنَّةِ هَكَذَا ) ، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى ” رواه البخاري (4998).

قال ابن بطال رحمه الله : ” حق على كل مؤمن يسمع هذا الحديث أن يرغب في العمل به ليكون في الجنة رفيقاً للنبي صلى الله عليه وسلم ولجماعة النبيين والمرسلين ” .

انتهى من “شرح البخاري “لابن بطال (9/217).

سابعًا : السعي على الأرملة والمسكين :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ) رواه البخاري (5038) ، ومسلم (2982).

قال النووي في “شرح مسلم” (18/112) :” الْمُرَادُ بِالسَّاعِي : الْكَاسِبُ لهما ، العامل لمؤنتهما ، والأرملة من لا زوج لَهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ تَزَوَّجَتْ أَمْ لَا ، وَقِيلَ هي التي فارقت زوجها .

قال بن قُتَيْبَةَ : سُمِّيَتْ أَرْمَلَةً لِمَا يَحْصُلُ لَهَا مِنَ الْإِرْمَالِ ، وَهُوَ الْفَقْرُ وَذَهَابُ الزَّادِ بِفَقْدِ الزَّوْجِ ، يُقَالُ أَرْمَلَ الرَّجُلُ إِذَا فَنِيَ زَادُهُ ” انتهى .

وقال ابن هبيرة في “الإفصاح عن معاني الصحاح” (6/267) :” والمراد أن الله تعالى يجمع له ثواب الصائم والقائم والمجاهد في دفعة ؛ وذلك أنه قام للأرملة مقام زوجها الذي سلبها إياه القدر ، وأرضاها عن ربها ، وقام على ذلك المسكين الذي عجز عن قيامه بنفسه ؛ فأنفق هذا فضل قوته ، وتصدق بجَلَدِه ؛ فكان نفعه إذا [ يكافئ ] الصوم والقيام والجهاد ” انتهى .

هذا ومن الممكن خدمة الإسلام في الطب والهندسة وشتى العلوم الدنيوية ، وذلك بتسخيرها في خدمة المسلمين ، بناء على أحكام الشريعة وضوابطها .

وللتوسع في معرفة كيفية خدمة الإسلام ، راجع الكتب الآتية :

“كيف أخدم الإسلام” ؛ للشيخ عبد الملك القاسم .
“اترك أثرًا قبل الرحيل” ؛ للشيخ محمد صالح المنجد.
“كن نافعا أينما كنت” ، للشيخ محمد صالح المنجد
“مشروعك الذي يلائمك” ، للشيخ محمد صالح المنجد .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android