إذا كان بيع المؤجل بثمن مؤجل يجوز بإبرام وعد بالبيع والشراء قبل العقد فما هي الحكمة من تحريم بيع الدين بالدين؟ وما الفرق بين العقد والوعد هنا؟
علة تحريم بيع الدين بالدين وهل يدخل في ذلك المواعدة في بيع المرابحة؟
السؤال: 291561
ملخص الجواب
لا يجوز بيع السلعة التي اشتراها بدين ، على من اشتراها منه ، بنقد أقل؛ لأنها بذلك تكون من صور العينة، ومن وسائل الربا، ولها عدة صور. – الوعد بالبيع لا يأخذ حكم البيع، إلا إذا كان وعدا ملزما للطرفين.
Table Of Contents
أولا: بيع الدين بالدين مجمع على تحريمه
بيع الدين بالدين مجمع على تحريمه، وممن حكى الإجماع: الإمام أحمد، وابن المنذر، وابن قدامة، وابن رشد وغيرهم.
قال ابن قدامة رحمه الله: "قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن بيع الدين بالدين لا يجوز. وقال أحمد: إنما هو إجماع.
وقد روى أبو عبيد في الغريب أن النبي – صلى الله عليه وسلم – نهى عن بيع الكالئ بالكالئ . وفسره بالدين بالدين. إلا أن الأثرم روى عن أحمد، أنه سئل: أيصح في هذا حديث؟ قال: لا" انتهى من "المغني" (4/ 37).
وقال ابن القطان: " وأجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم، على أن بيع الدين بالدين لا يجوز" انتهى من "الإقناع في مسائل الإجماع" (2/ 234).
والحكمة من تحريم بيع الدين بالدين: أنه إن كان البيع للمدين نفسه، فإن ذلك يفضي للربا غالبا. وإن كان لغير المدين، فقد يفضي للربا، أو يكون من باب المخاطرة والمقامرة، أو من باب ربح ما لم يضمن.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز، رحمه الله:
"بيع الكالئ بالكالئ هو: بيع الدين بالدين، والحديث في ذلك ضعيف، كما أوضح ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله في بلوغ المرام، ولكن معناه صحيح، كما أوضح ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه (إعلام الموقعين)، وكما ذكر ذلك غيره من أهل العلم.
وصفة ذلك: أن يكون للشخص دين -عند زيد مثلًا- فيبيعه على شخص آخر بالدين، أو يبيعه على من هو عليه بالدين؛ لما في ذلك من الغرر، وعدم التقابض.
لكن إذا كان المبيع والثمن من أموال الربا، جاز أخذ أحد العوضين عن الآخر، بشرط التقابض في المجلس، مع التماثل إذا كانا من جنس واحد. أما إذا كانا من جنسين، جاز التفاضل، بشرط التقابض في المجلس؛ لما ثبت عن النبي أنه سأله بعض الصحابة، فقال: يا رسول الله: إننا نبيع بالدراهم ونأخذ عنها الدنانير، ونبيع بالدنانير ونأخذ عنها الدراهم، فقال النبي : لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء. رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة وأبو داود والنسائي، بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما وصححه الحاكم، ولأدلة أخرى في الموضوع.
أما إذا اشترى الإنسان سلعة بثمن مؤجل ثم باعها على آخر، بعد قبضها بثمن مؤجل أو معجل، فإنه لا حرج في ذلك؛ لعموم قول الله سبحانه: وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275] وقول : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ) الآية [البقرة:282].
لكن لا يجوز بيع السلعة التي اشتراها بدين ، على من اشتراها منه ، بنقد أقل؛ لأنها بذلك تكون من صور العينة، ومن وسائل الربا. والله ولي التوفيق" . انتهى
وينظر في حكمة ذلك، وتفصيل صوره :
"الموسوعة الفقهية الكويتية" (9/176) وما بعدها ، "الشرح الممتع" (8/444) وما بعدها ، "شرح زاد المستقنع" للشيخ الشنقيطي، على المكتبة الشاملة.
ثانيا: متى يباح البيع الآجل ؟
أما البيع الآجل فإنه يباح إذا كانت السلعة حاضرة مملوكة للبائع، فيكون هذا بيعا لعين بدين.
وإذا لم تكن السلعة مملوكة للبائع، فتواعدا على أن يشتريها البائع ويحوزها، ثم يبيعها بالأجل، فلا حرج في ذلك، والوعد – غير الملزم ، وهو الوعد المشروع في البيع – ليس بيعا، ولا يترتب عليه شيء من المحاذير التي ذكرنا في بيع الدين بالدين.
ولهذا فإن جمهور الفقهاء على جواز بيع المرابحة للآمر بالشراء، وجواز الوعد ، غير الملزم لأي من الطرفين، فيه؛ لانتفاء المحذور.
قال الشافعي رحمه الله: "وإذا أرى الرجلُ الرجلَ السلعة فقال: اشتر هذه وأربحك فيها كذا، فاشتراها الرجل فالشراء جائز، والذي قال: أربحك فيها، بالخيار إن شاء أحدث فيها بيعا، وإن شاء تركه.
وهكذا إن قال: اشتر لي متاعا ووصفه له، أو متاعا أي متاع شئت، وأنا أربحك فيه، فكل هذا سواء، يجوز البيع الأول ويكون هذا فيما أعطى من نفسه بالخيار، وسواء في هذا ما وصفت إن كان قال: أبتاعه وأشتريه منك بنقد أو دين، يجوز البيع الأول، ويكونان بالخيار في البيع الآخر، فإن جدداه جاز.
وإن تبايعا به على أن ألزما أنفسهما الأمر الأول فهو مفسوخ من قبل شيئين:
أحدهما: أنه تبايعاه قبل أن يملكه البائع.
والثاني: أنه على مخاطرة أنك إن اشتريته على كذا أربحك فيه كذا" انتهى من "الأم" (3/ 39).
وعلم منه أنه لو كانت مواعدة ملزمة للطرفين : فإنها تمنع؛ لأن هذه المواعد لها حكم البيع.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (229091) .
فالحاصل أن الوعد لا يأخذ حكم البيع، إلا إذا كان وعدا ملزما للطرفين.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة