0 / 0
200,94713/10/2018

حكم قص الشعر وفق التقويم القمري

السؤال: 294092

أردت السؤال عن حكم القص وفق التقويم القمري ، وهي طريقة شاعت مؤخراً عند بعض البنات معتمدين على القمر ، وطريقتها : القص حسب توقيت محدد في الشهر ، مثل : هدفي الجمال فأقص في الشهر هذا بيوم ٩ الشهر ، الثاني تطويل بيوم كذا ، وهكذا ، ويقولون : القوانين التي تنطبق على المَحاصيل تنطبق على الشعر ، فكما هناك جدول للبستاني للعناية بمحصوله ، يفترض وجود جدول لزيارة الكوافير ، فأريد معرفة حكم هذه الطريقة ؟ وهل لها علاقة بالعقيدة ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

لا يجوز قص الشعر وفق التقويم القمري على الصورة المذكورة ؛ لأن ذلك من التعلق المحرم بالنجوم ، والنجوم لا أثر لها في شيء ، لا في تطويل الشعر، أو تكثيفه، أو تحسينه، ولا في حصول برد أو حر، أو خصوبة زرع أو قحطه .

ومن اعتقد أن النجوم تؤثر في ذلك بنفسها فهو كافر .

ومن اعتقد أنها سبب في التأثير : فهو مشرك شركا أصغر؛ لأنه جعل ما ليس بسبب سببا.

وإنما غاية الأمر : أن النجوم يستدل بها على الزمان ، فيقال: إذا ظهر النجم الفلاني، فهذا وقت الشتاء أو البرد ، وإذا ظهر النجم الفلاني فهذا وقت الحر، فيراعي المزارع ذلك فيزرع ما يناسب البرد أو الحر .

لكن ليس للنجم أي تأثير في حصول البرد أو الحر، أو جودة المحصول أو فساده .

ومثل ذلك يقال هنا ؛ فلا علاقة بالنجوم بالشَّعر مطلقا، لا في تأثير، ولا غيره، ونحن نعلم الآن شهور الصيف وشهور الشتاء، وشهور الربيع، ونجزم أنه لا علاقة لذلك بطول الشعر أو جماله أو كثافته .

فمن ادعى أنه إذا قص شعره في اليوم العاشر من الشهر : أفاده طولا، فهو منجّم آثم ، يدور أمره بين الكفر الأكبر والأصغر :

فإن اعتقد أن النجم أو شيئا يظهر في هذا اليوم يؤثر في طول الشعر بنفسه ، فهو كافر كفرا أكبر.

وإن اعتقد أن هذا النجم سبب في طول الشعر إذا قُص فيه ، كان مشركا شركا أصغر.

وإن قال : إن قص الشعر في الحر يؤدي إلى طوله أو جماله مثلا ، وأنا أستدل بالنجم على الحر، قلنا هذا باطل من وجهين :

1-القول بأن قص الشعر في الحر يؤدي إلى طوله أو جماله : وهم لا حقيقة له.

2-أنه لا علاقة لهذا بيوم معين ، فالحر يشمل شهورا كاملة ، والبرد كذلك، فبطل الزعم أنه يستدل بالنجم على الحر أو البرد، وظهر أن تحديد يوم معين ، ليس إلا تعلقا بالنجم نفسه ، وهذا هو الكفر والكهانة والاقتباس المحرم من النجوم .

كما روى أحمد (2840 ) ، وأبو داود (3905) ، وابن ماجه (3726) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  مَنْ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنَ النُّجُومِ، اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ  وصححه محققو المسند ، وحسنه الألباني.

وقال البخاري في صحيحه: “بَابٌ فِي النُّجُومِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ [الملك: 5] :

خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلاَثٍ: جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، وَعَلاَمَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا ؛ فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ : أَخْطَأَ، وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ، وَتَكَلَّفَ مَا لاَ عِلْمَ لَهُ بِهِ” انتهى.

قال الحافظ ابن حجر في “الفتح” (6/ 295): “وصله عبد بن حميد من طريق شيبان عنه به، وزاد في آخره: وإن ناسا جهلة بأمر الله ، قد أحدثوا في هذه النجوم كهانة: مَنْ غَرَس بنجم كذا ، كان كذا، ومَن سافر بنجم كذا ، كان كذا، ولعمري ما من النجوم نجم ، إلا ويولد به الطويل والقصير والأحمر والأبيض والحسن والدميم، وما علم هذه النجوم ، وهذه الدابة ، وهذا الطائر ، شيئا من هذا الغيب انتهى” انتهى.

وينظر : “العظمة” لأبي الشيخ (4/1226) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” علم النجوم ينقسم إلى قسمين:

1 – علم التأثير. 2- علم التسيير.

فالأول: علم التأثير. وهذا ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

أ- أن يعتقد أن هذه النجوم مؤثرة فاعلة ، بمعنى أنها هي التي تخلق الحوادث والشرور، فهذا شرك أكبر؛ لأن من ادعى أن مع الله خالقا ، فهو مشرك شركا أكبر ، فهذا جعل المخلوق المسخر خالقا مسخرا .

ب- أن يجعلها سببا يدعي به علم الغيب ، فيستدل بحركاتها وتنقلاتها وتغيراتها ، على أنه سيكون كذا وكذا؛ لأن النجم الفلاني صار كذا وكذا ، مثل أن يقول: هذا الإنسان ستكون حياته شقاء؛ لأنه ولد في النجم الفلاني، وهذا حياته ستكون سعيدة؛ لأنه ولد في النجم الفلاني، فهذا اتخذ تعلم النجوم وسيلة لادعاء علم الغيب، ودعوى علم الغيب كفر مخرج عن الملة؛ لأن الله يقول: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل: 65] ، وهذا من أقوى أنواع الحصر؛ لأنه بالنفي والإثبات، فإذا ادعى أحد علم الغيب، فقد كذب القرآن.

ج- أن يعتقدها سببا لحدوث الخير والشر، أي أنه إذا وقع شيء نسبه إلى النجوم، ولا ينسب إلى النجوم شيئا إلا بعد وقوعه، فهذا شرك أصغر…

الثاني: علم التسيير. وهذا ينقسم إلى قسمين:

الأول: أن يستدل بسيرها على المصالح الدينية، فهذا مطلوب، وإذا كان يعين على مصالح دينية واجبة كان تعلمها واجبا، كما لو أراد أن يستدل بالنجوم على جهة القبلة، فالنجم الفلاني يكون ثلث الليل قبلة، والنجم الفلاني يكون ربع الليل قبلة، فهذا فيه فائدة عظيمة.

الثاني: أن يستدل بسيرها على المصالح الدنيوية، فهذا لا بأس به، وهو نوعان:

النوع الأول: أن يستدل بها على الجهات، كمعرفة أن القطب يقع شمالا، والجدي وهو قريب منه يدور حوله شمالا، وهكذا، فهذا جائز، قال تعالى: وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ [النحل: 16] .

النوع الثاني: أن يستدل بها على الفصول، وهو ما يعرف بتعلم منازل القمر، فهذا كرهه بعض السلف، وأباحه آخرون.

والذين كرهوه قالوا: يخشى إذا قيل: طلع النجم الفلاني، فهو وقت الشتاء أو الصيف: أن بعض العامة يعتقد أنه هو الذي يأتي بالبرد أو بالحر أو بالرياح….

والصحيح : أنه لا بأس بتعلم منازل القمر؛ لأنه لا شرك فيها، إلا إنْ تعلمها ليضيف إليها نزول المطر وحصول البرد، وأنها هي الجالبة لذلك، فهذا نوع من الشرك، أما مجرد معرفة الوقت بها: هل هو الربيع، أو الخريف، أو الشتاء، فهذا لا بأس به” .

انتهى من ” القول المفيد على كتاب التوحيد” (2/ 5، 10).

والحاصل :

أنه لا تأثير للقمر والنجوم في شيء من الحوادث، ولا علاقة لطول الشعر أو قصره، أو جماله، أو قبحه، بقصه في يوم كذا، أو عند ظهور نجم كذا، وهذا من الكهانة التي يدور أمرها بين الكفر الأكبر والأصغر، كما تقدم.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android