تزوجتُ من ابن خالتي، وتزوج أخي من ابنت خالتي، فزوجي أخ لزوجة أخي، وحصل خلاف شديد بين أخي وزوجته، ونصح كبراء العائلة زوجة أخي كثيرًا لكنها لم تستجب، فاضطر أخي للزواج عليها، ورزقه الله تعالى بامرأة عاقلة حكيمة، ولأن زوجة أخي الأولى ابنة خالته فعائلتنا مراعاة لها تصل زوجة أخي الثانية في السر، لكن ابنت خالتي ـ زوجة أخي الأولى ـ تتحسس، وتحاول معرفة هل نصل الزوجة الثانية أم لا، إلى أن عرفت أننا نصلها، وبمجرد معرفتها بذلك تنهار، وتصرخ في بيت أمها –خالتي-، وتصاب بحالة هستيرية، وانهيار..الخ، وعندئذ أخذت زوجي الحمية، فمنعني زوجي من زيارة زوجة أخي الثانية، بل أصدر قرارا بمنعي من أي نوع من أنواع التواصل معها، لا رسائل، ولا مكالمات، ولا واتس أب، وأمرني بحظرها في وسائل التواصل، بل قال: لو وجدتيها قدرًا في مكان عام لا تسلمي عليها، وتخرجي من المكان فورًا، أعلم أنه يجب علي طاعة زوجي، فلا أدخل أحدا الدار إلا بإذنه، ولا أخرج إلا بإذنه. لكن هل يجب علي طاعته في عدم الرد على اتصال زوجة أخي الثانية أو على رسائلها، أو عدم السلام عليها في مكان عام، أو الخروج من مكان تتواجد فيه؟ مع العلم أنها لا تخبب، ولا تتدخل في أي شأن من الشؤون، بل لا تحاول أن تضايق ابنة خالتي –ضرتها- في أي أمر من الأمور، بل هي سبب ساقه الله تعالى للم شعث أسرة أخي من زوجته الأولى، والصبر عليها وعلى سوء معاملتها.
هل يلزمها طاعة زوجها إذا أمرها بقطيعة امرأة مسلمة؟
السؤال: 294228
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
الزوجة مأمورة بطاعة زوجها وذلك مقيد بالمعروف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ رواه البخاري (7257)، ومسلم (1840)، وقوله: لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رواه أحمد (1098).
وليس من المعروف هجر مسلمة بغير حق، بترك السلام عليها، والخروج من مكانٍ توجد فيه، وحظرها في وسائل التواصل؛ بل فيما أمر الزوج به من الغلو والمبالغة ما لا يخفى.
فلا يلزم الزوجة طاعة زوجها في ذلك.
ثانيا:
ينبغي أن يُعلم أن الفقهاء مختلفون هل يلزم الزوجة طاعة زوجها في كل مباح، أم تختص الطاعة بأمور النكاح وتوابعه، كعدم الخروج من البيت إلا بإذنه، وعدم إدخال أحد إلى بيته إلا بإذنه؟
وفي "الموسوعة الفقهية" (41/313): "اتفق الفقهاء على أن طاعة الزوج واجبة على الزوجة، لقوله تعالى الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ولقوله تعالى ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة، واتفقوا كذلك على أن وجوب طاعة الزوجة زوجها مقيدة بأن لا تكون في معصية لله تعالى، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل )" انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " الْوَاجِب عَلَيْهَا طَاعَة زَوجهَا إِذا لم يأمرها بِمَعْصِيَة، وطاعته أَحَق من طاعتهما [أي والديها] " انتهى من "مختصر الفتاوى المصرية" ص347.
وقال في "الدر المختار" (3/208) " وحقه عليها أن تطيعه في كل مباح يأمرها به" انتهى. ومثله في "البحر الرائق" (3/237).
قال ابن عابدين في حاشيته عليه: "ظاهره أنه عند الأمر به منه يكون واجبا عليها، كأمر السلطان الرعية به" انتهى.
وظاهر هذه النقول أن الزوجة يلزمها طاعة زوجها في كل مباح.
ومنهم من قيد الطاعة بأمور النكاح وتوابعه:
قال ابن نجيم رحمه الله في "البحر الرائق" (5/77): " المرأة لا يجب عليها طاعة الزوج في كل ما يأمر به، إنما ذلك فيما يرجع إلى النكاح وتوابعه" انتهى.
وعلى القولين، لا يلزم طاعته في المعصية.
والذي ننصحك به: ألا تظهري لزوجك أنك تخالفين أمره، فإن ذلك سيؤدي إلى إفساد العلاقة بينك وبين زوجك، ولا مصلحة لك في ذلك.
وإذا قابلتِها، فلا حرج عليك أن تسلمي عليها وتكلميها، فإنه لا يلزمك طاعة زوجك في مقاطعتها من غير سبب شرعي يبيح له أن يأمرك بذلك.
وبإمكانك الاعتذار إليها عما كان معتادا من التواصل بينكما، برغبة زوجك؛ إن كان في ذلك تطييب لقلبها، وجبر لخاطرها.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب