والدي متزوج من زوجتين، الزوجة الأولى والدي خصص لها بيتا، وينفق عليها ويتحمل جميع التكاليف، ولا ينقصها شيء، ورغم ذلك ترفض أن يبيت عندها أو يأكل أو يشرب في بيتها، ولا تخدمه بشيء، فوالدي احترم رغبتها ويقيم معنا، وهو كبير في السن، ونحن نقوم بخدمته، وقد جاءه مبلغ من المال، فهل إذا أخذنا هذا المال برضا منه، وقمنا بشراء شقة وكتابتها باسم أمي، فهل هذا جائز أم لا ؟
هل يجوز أن يكتب شقة باسم إحدى زوجاته لأنها تخدمه وتقوم على شئونه؟
السؤال: 294486
ملخص الجواب
ليس لوالدك أن يشتري شقة يجعلها باسم والدتك، وليس لَكُنَّ دعوتُه إلى ذلك؛ لما فيه من خلاف العدل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ) رواه أبو داود (2133)، والنسائي (3881) وصححه الشيخ الألباني. ولا أثر لكون الأولى لا تخدمه ولا تقوم على شئونه، ما دام أنه قد رضي ببقائها زوجة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هل يجب على من له زوجتان فأكثر العدل في كل شيء؟
الواجب على من له زوجتان فأكثر أن يعدل بينهن في المبيت والسكن والنفقة، إلا إن تنازلت إحداهن عن حقها في شيء من ذلك.
وإذا قام الزوج بما يجب عليه تجاه زوجاته، وأعطى كل واحدة نفقتها، فهل يلزمه أن يعدل فيما وراء ذلك من الهدايا والتوسعات؟
في ذلك خلاف بين الفقهاء، فمنهم من أجاز التفضيل، ومنهم من منع ذلك وأوجب التسوية ، وهو الراجح .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (33/ 186): "وإذا قام الزوج بالواجب من النفقة والكسوة لكل واحدة من زوجاته، فهل يجوز له بعد ذلك أن يفضل إحداهن عن الأخرى في ذلك، أم يجب عليه أن يسوي بينهن في العطاء فيما زاد على الواجب من ذلك كما وجبت عليه التسوية في أصل الواجب؟
اختلف الفقهاء في ذلك:
فذهب الشافعية والحنابلة ، وهو الأظهر عند المالكية : إلى أن الزوج إن أقام لكل واحدة من زوجاته ما يجب لها، فلا حرج عليه أن يوسع على من شاء منهن بما شاء.
ونقل ابن قدامة عن أحمد في الرجل له امرأتان قال: له أن يفضل إحداهما على الأخرى في النفقة والشهوات والكسوة إذا كانت الأخرى في كفاية، ويشتري لهذه أرفع من ثوب هذه، وتكون تلك في كفاية، وهذا لأن التسوية في هذا كله تشق، فلو وجب، لم يمكنه القيام به إلا بحرج، فسقط وجوبه، كالتسوية في الوطء.
لكنهم قالوا: إن الأولى أن يسوي الرجل بين زوجاته في ذلك، وعلل بعضهم ذلك بأنه للخروج من خلاف من أوجبه.
وقال ابن نافع: يجب أن يعدل الزوج بين زوجاته فيما يعطي من ماله، بعد إقامته لكل واحدة منهن ما يجب لها.
ونص الحنفية على وجوب التسوية بين الزوجات في النفقة، على قول من يرى أن النفقة تقدر بحسب حال الزوج، أما على قول من يرى أن النفقة تقدر بحسب حالهما، فلا تجب التسوية وهو المفتى به، فلا تجب التسوية بين الزوجات في النفقة، لأن إحداهما قد تكون غنية وأخرى فقيرة"" انتهى.
ووافق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ما ذهب إليه ابن نافع، فأوجب العدل في كل ما يمكن فيه العدل.
قال رحمه الله: " وأما العدل في " النفقة والكسوة " فهو السنة أيضا اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يعدل بين أزواجه في النفقة؛ كما كان يعدل في القسمة؛ مع تنازع الناس في القسم: هل كان واجبا عليه؟ أو مستحبا له؟ وتنازعوا في العدل في النفقة: هل هو واجب؟ أو مستحب؟ ووجوبه أقوى وأشبه بالكتاب والسنة" انتهى من "مجموع الفتاوى" (32/ 270).
وهذا القول اختاره الشيخ السعدي، والشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، وعلماء اللجنة الدائمة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "القول الصحيح في العدل بين الزوجات أنه يجب على الزوج أن يعدل بينهن في كل ما يمكنه العدل فيه، سواءٌ من الهدايا أو النفقات، بل وحتى الجماع إن قدر: يجب عليه أن يعدل فيه " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (10/ 252).
وعلى هذا؛ فليس لوالدك أن يشتري شقة يجعلها باسم والدتك، وليس لَكُنَّ دعوتُه إلى ذلك؛ لما فيه من خلاف العدل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ رواه أبو داود (2133)، والنسائي (3881) وصححه الشيخ الألباني.
ولا أثر لكون الأولى لا تخدمه ولا تقوم على شئونه، ما دام أنه قد رضي ببقائها زوجة.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب