0 / 0
10,08109/03/2021

ما حكم تلقين المصلي التشهد في الصلاة إذا عجز عن حفظه؟

السؤال: 294868

أمي في الستين تقريبا، ولا تحفظ التشهد الأول ولا الأخير في الصلاة، فقط تكتفي تقريباً ب (التحيات لله و الصلوات و الطيبات)، فهل يجوز لي أن أجلس بجانبها أثناء الصلاة، وإذا حان وقت التشهد أقرأه عليها و تردد وراءي حتى يتيسر لها حفظه؟ وإذا كانت هذه الطريقة لا بأس بها، ولكن رفضتها أمي فما الواجب علي فعله؟ 

ملخص الجواب

لا حرج عليك في الجلوس بجانب والدتك، وتلقينها ما لا تحسنه من أقوال الصلاة، أو أفعالها.  وإذا أتت بالتشهد، مقتصرة على القول الذي تحفظه، مع الشهادتين، فلا حرج عليها في ذلك، إن شاء الله.  وإن لم يمكن تعليمها، ولا تلقينها؛ فإنها تأتي بما يمكنها من أقوال الصلاة، وأفعالها، فهذا خير من أن تدعها بالكلية

الجواب

أولا:

حكم من عجز عن حفظ التشهد 

التشهد الأول واجب، ولا يجوز تعمد تركه، وأما التشهد الأخير فركن من أركان الصلاة لا تصح بدونه، كما هو مذهب الشافعي وأحمد.

والواجب حفظ هذا التشهد، فإن ضاق الوقت، أو عجز الإنسان عن حفظه، فالواجب أن يقرأه من ورقة، أو من على الجدار إن كان مكتوبا ويعرف القراءة، وإلا أتى ببدله، وهو التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، كمن عجز عن الفاتحة.

قال قليوبي رحمه الله في حاشيته (1/190): "لو عجز عن التشهد جالسا، لكونه مكتوبا على رأس جدار مثلا: قام له، كما في الفاتحة، في عكسه، ثم يجلس للسلام." انتهى.

وقال النووي رحمه الله: "لو قرأ القرآن من المصحف: لم تبطل صلاته، سواء كان يحفظه أم لا، بل يجب عليه ذلك إذا لم يحفظ الفاتحة كما سبق، ولو قلب أوراقه أحيانا في صلاته لم تبطل." انتهى من "المجموع" (4/ 95).

ويؤخذ من هذا: وجوب قراءة التشهد من ورقة، لمن لم يحفظه، وكان يستطيع القراءة، وهذا مقدم على الإتيان بالبدل.

فإن عجز عن القراءة، أتى بذكر آخر، بدلا من التشهد ، مع مراعاة اشتمال ذلك البدل على توحيد الله جل جلاله – الشهادتين – ، والثناء عليه بما يحسنه .
قال الشرواني في "حاشيته على تحفة المحتاج" (2/82): "ولو عجز عن التشهد أتى ببدله، كما هو ظاهر. وينبغي اعتبار وجوب اشتمال بدله على الثناء، حيث أمكن. وهل يعتبر اشتماله على (التوحيد) [يعني: الشهادتين] مع الإمكان؟ فيه نظر… وقوله: وهل يعتبر إلخ: الظاهر أنه يعتبر؛ بل هو أولى بالاعتبار من الاشتمال على الثناء." انتهى.

وإذا كانت تحفظ من التشهد: (التحيات لله و الصلوات و الطيبات)؛ فاجتهدي معها في أن تقرأ الشهادتين بعدهما، ونرجو أن يكون ذلك مجزئا لها، إذا لم تقدر إلا على ذلك، وهو أقرب من البدل وأيسر تعلما؛ فإنها إذا لم يمكنها تعلم التشهد، فلا يظهر أن تعلم بدله قريب عليها. 

والأصل في مشروعية البدل عند العجز: ما روى أبو داود (832)، والنسائي (924) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ مِنْ الْقُرْآنِ شَيْئًا، فَعَلِّمْنِي مَا يُجْزِئُنِي مِنْهُ؟ قَالَ:  قُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ .

قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَمَا لِي؟ قَالَ: قُلْ:  اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَارْزُقْنِي وَعَافِنِي وَاهْدِنِي  فَلَمَّا قَامَ قَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ !!فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  أَمَّا هَذَا فَقَدْ مَلَأَ يَدَهُ مِنْ الْخَيْرِ  .

والحديث: جوَّد إسنادَه المنذري في "الترغيب والترهيب" (2 /430)، وأشار إلى تحسينه الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/236)، وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود".

وينظر جواب السؤال: من عجز عن التشهد الأخير ماذا يفعل؟

ثانيا:

تلقين المصلي التشهد في الصلاة

لا حرج في تلقين المصلي هذا التشهد، بأن تجلسي إلى جوار والدتك، وتقولي التشهد، وتردده خلفك، وهذا أقل شغلا من النظر في الورقة، فإذا جاز النظر في الورقة، فهذا أولى إن تيسر.

وقد صرح الفقهاء بوجوب قراءة الفاتحة في الصلاة، ولو تلقينا، إذا لم يكن يحفظها بنفسه، والتشهد مثله في ذلك، كما ذكروه في قراءته من الورقة. 

قال الشيخ زكريا الأنصاري، رحمه الله: 

"الركن (الرابع: قراءة الفاتحة في قيام كل ركعة، أو بدله)، للمنفرد وغيره، في السرية والجهرية، حفظا، أو تلقينا، أو نظرا في مصحف، أو نحوه؛ لخبر الصحيحين لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب، ولخبر لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب رواه ابنا خزيمة وحبان في صحيحيهما، ولفعله – صلى الله عليه وسلم – كما في مسلم مع خبر البخاري صلوا كما رأيتموني أصلي." انتهى من"أسنى المطالب" (1/149).

وقال الخطيب الشربيني رحمه الله: 

"(وتتعين الفاتحة): أي: قراءتها، حفظا، أو نظرا في مصحف، أو تلقينا، أو نحو ذلك، (في كل ركعة)، في قيامها أو بدله، للمنفرد وغيره " انتهى من "مغني المحتاج" (1/156). 

وقد صرح المالكية بتعميم التلقين في كل ما يطلب من أقوال الصلاة وأفعالها، ولو أن يستأجر من يلقنه ذلك في صلاته. 

جاء في "الفواكه الدواني"، للنفرواي (2/595): "لو كان المريض يستطيع الإتيان بالصلاة على حالة من الحالات، لكن نسي بعض أقوالها وأفعالها، ولكن يقدر عليها بالتلقين، فهل يجب عليه اتخاذ من يلقنه أم لا؟ 

قال الأجهوري نقلا عن ابن المنير من علماء المالكية: إنه يجب عليه اتخاذ من يلقنه، نحو القراءة والتكبير، ولو بأجرة، ولو زادت على ما يجب عليه بذله في ثمن الماء؛ فيقول له عند الإحرام للصلاة قل: الله أكبر، وهكذا إلى السلام، ويقول له بعد الفاتحة والسورة: افعل هكذا إشارة إلى الركوع أو السجود عند نسيانهما." انتهى.

وجاء في "حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني" (1/347): "لَوْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِبَعْضِ أَقْوَالِ الصَّلَاةِ، أَوْ أَفْعَالِهَا، إلَّا بِالتَّلْقِينِ: لَوَجَبَ عَلَيْهِ اتِّخَاذُ مَنْ يُلَقِّنُهُ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ، وَلَوْ زَادَتْ عَلَى مَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُهُ فِي ثَمَنِ الْمَاءِ، فَيَقُولُ لَهُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ لِلصَّلَاةِ قُلْ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَهَكَذَا. وَيَقُولُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ: افْعَلْ هَكَذَا، إشَارَةً إلَى الرُّكُوعِ." انتهى من "حاشية العدوي، على كفاية الطالب الرباني" (1/347).

وقال الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله: 

" لو قرأ تَلْقِينًا يجوز أو لا يجوز؟ تَلْقِينًا يعني: عنده واحد يُلَقِّنُه؛ قل: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فقال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ يجزئ أو لا؟

طلبة: يجزئ.

الشيخ: يجزئ؛ لأنه يَصْدُقُ عليه أنه قرأ، ولأنه يحتاج إليه أحيانًا، أحيانًا يكون مع الإنسان نسيان إما لِكِبَرٍ أو لعاهة أو لحادث وينسى، فيكون عنده ابنه أو ابنته يُذَكِّرُه، يقول قل: الله أكبر، فيقول: الله أكبر. قل: كذا، ويلقنه حتى ينتهي من الصلاة، فصلاته؟

طلبة: صحيحة.

الشيخ: صحيحة.

قال: (ثم يركع إلى آخره).

طالب: شيخ.

الشيخ: نعم.

الطالب: في قراءة سورة الكهف يوم الجمعة هل يصح وتجزئ إذا لقنها كبير السن؟

الشيخ: إي نعم، يصح، يصدق عليه أنه قرأها." انتهى، من "الشرح الصوتي لزاد" (2/25) ـ نسخة الشاملة. 

والحاصل: 

أنه لا حرج عليك في الجلوس بجانب والدتك، وتلقينها ما لا تحسنه من أقوال الصلاة، أو أفعالها. 

وإذا أتت بالتشهد، مقتصرة على القول الذي تحفظه، مع الشهادتين، فلا حرج عليها في ذلك، إن شاء الله. 

وإن لم يمكن تعليمها، ولا تلقينها؛ فإنها تأتي بما يمكنها من أقوال الصلاة، وأفعالها، فهذا خير من أن تدعها بالكلية، وقد قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ التغابن/16.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android