0 / 0
32,81602/04/2019

متى يجوز بيع التمر وهو على النخل ؟

السؤال: 295965

متى يجوز بيع التمر في رؤوس النخيل ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

يجوز بيع التمر، وهو على رؤوس النخل، بعد أن يبدو صلاحه ؛ لما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم : ” نَهَى عَن بَيعِ الثَّمَارِ حَتَّى يَبدُوَ صَلَاحُهَا ، نَهَى البَائِعَ وَالمُبتَاعَ – أي المشتري -” رواه البخاري (2194) ، ومسلم (1534) .

 ويظهر صلاح التمر في لونه، بأن يحمرّ أو يصفرّ ؛ لما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ” أنه نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها ، وعن النخل حتى يزهو ” ، قيل : وما يزهو ؟ قال : ( يحمار أو يصفار ) أخرجه البخاري (2197).

قال ابن قدامة : ” فإِنْ كَانَتْ ثَمَرَةَ نَخْلٍ، فَبُدُوُّ صَلاحِهَا : أَنْ تَظْهَرَ فِيهَا الْحُمْرَةُ أَوْ الصُّفْرَةُ ” انتهى من “المغني” (6/158).

والمراد ببدو الصلاح : أول ظهوره وبدايته ، بحيث تكون الثمرة صالحة للأكل ، وليس المراد كمال النضج، ولذلك جاء في الحديث: ( حتى يبدو صلاحها ) ولم يقل: ( حتى يتم صلاحها). 

كما لا يشترط بدو صلاح التمر كله ، بل إذا بدا الصلاح في شجرة ، جاز بيع الشجرة كاملة ، وإن لم يبد الصلاح فيها كلها ، باتفاق العلماء. وينظر: “المغني” (6/156).

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : ” وبدو الصلاح في كل شيء من الثمار بحسبه ، ففي ثمار النخل : بدء الاحمرار أو الاصفرار ، ولو في بعضه ، وفي الحبوب حتى تشتد، ولو في بعضها، وفي العنب حتى يبيض أو يسود ” انتهى من “فتاوى اللجنة الدائمة” (14/82).

وإذا كان البستان واحدا ، فلا يشترط أن يبدو الصلاح في كل شجرة من شجر البستان ، بل يعتبر كل نوع على حدة ، فيكفي أن يبدو الصلاح في شجرة واحدة من كل نوع .

فمثلاً : إذا كان البستان فيه أنواع من التمر كالبرحي والسكري مثلا ، فلا يعتبر بدو الصلاح في البرحي كافياً لبيع السكري ، ولكن لا بد من بدو الصلاح في كل نوع ، ولو في نخلة واحدة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ” إذا بدا صلاح بعض الشجرة ، كان صلاحًا لباقيها ، باتفاق العلماء ، ويكون صلاحها صلاحًا لسائر ما في البستان من ذلك النوع ، في أظهر قولي العلماء ، وقول جمهورهم ، بل يكون صلاحًا لجميع ثمرة البستان التي جرت العادة بأن يباع جملة، في أحد قولي العلماء ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (29/ 489) . 

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في “الشرح الممتع على زاد المستقنع” (9/ 40) :

” قوله: ( وصلاح بعض الشجرة صلاح لها ولسائر النوع الذي في البستان ) مثال ذلك: البستان فيه أنواع من التمر كالسكري والبرحي وأم حمام ، بدا الصلاح في واحدة من البرحي ، يقول المؤلف: إن بدو الصلاح في هذه الشجرة صلاح لها ، ولسائر النوع ، الذي هو البرحي .

أما السكري وأم الحمام : فلا يكون صلاح البرحية صلاحاً لهما؛ لأن النوع مختلف.

وظاهر كلام المؤلف أنه سواء بيع النوع جميعاً ، أو بيع تفريداً ، بأن بعنا التي بدا صلاحها ، وانتقل ملكها إلى المشتري ، ثم بعنا البقية من نوعها على آخرين ، فالكل صحيح ، حيث ذكر المؤلف أن صلاح بعض الثمرة صلاح لها ولسائر النوع الذي في البستان .

وهذا أحد القولين في مذهب الإمام أحمد : أنه إذا بدا صلاح في شجرة ، فهو صلاح لها ولسائر النوع الذي في البستان.

أما المذهب : فإنه إذا بِيعَ النوع جميعاً ، فصلاح بعض الشجرة ، صلاح للنوع ؛ لأنه لما بيع جميعاً ، صار كأنه نخلة واحدة ، وصلاح بعض النخلة صلاح لجميعها ، فالعقد يقع عليها جميعاً .

أما إذا أفرد : فإنك إذا بعت ما بدا صلاحه ، ثم جددت عقداً لِمَا لم يبد صلاحه ، صدق عليك أنك بعت ثمرة قبل بدو صلاحها ، وقد نهى النبي صلّى الله عليه وسلّم عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها .
والمذهب أصح مما هو ظاهر كلام المؤلف .

وقال بعض العلماء : إن صلاح بعض الشجرة : صلاح لها ، ولنوعها ، ولجنسها ؛ فمثلاً : إذا كان عند إنسان بستان فيه عشرة أنواع من النخل ، وبدا الصلاح في نوع منها : جاز بيع الجميع صفقة واحدة ، الذي من نوعه ، والذي ليس من نوعه .

لكن المذهب لا يعتبرون ذلك ، يعتبرون النوع ، والمذهب أحوط  ، وإن كان هذا القول قوياً جداً…” انتهى .

ثانيًا: 

استثنى العلماء عدة صور ، يجوز فيها بيع الثمار ، ولو لم يبدُ صلاحها .

الأولى : أن يبيع الثّمرة مع الشّجر ، فهذا جائز ، سواء كان الثمر قد بدا صلاحه أم لا ، ولا يختلف في ذلك الفقهاء ، لأنّ بيع الثّمر هنا تابع للشّجر ، والقاعدة عند العلماء : ” أنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في الشيء المستقل ” .

قال ابن قدامة : ” أن يبيعها مع الأصل ، فيجوز بالإجماع ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر ، فثمرتها للذي باعها ، إلا أن يشترط المبتاع ) ، ولأنه إذا باعها مع الأصل حصلت تبعا في البيع ، فلم يضر احتمال الغرر فيها ” انتهى من “المغني” لابن قدامة (6/ 150).

وفي “الموسوعة الفقهية الكويتية” (15/ 15) : ” واستثنى الفقهاء من عدم جواز بيع الثمر قبل بدو صلاحه : ما إذا بيع الثمر مع الأصل ، وذلك بأن يبيع الثمرة مع الشجر ؛ لأنه إذا بيع مع الأصل ، دخل تبعا في البيع ، فلم يضر احتمال الغرر فيه ” انتهى .

الثانية : أن يبيع الثمرة قبل بدوّ صلاحها ، بشرط أن يقطعها المشتري في الحال ، ولا ينتظر نضجها ، فهذا البيع صحيح بالإجماع ، وعلّله العلماء بأنّ المنع من البيع قبل بدوّ الصّلاح ، إنّما كان خوفاً من تلف الثّمرة ، وحدوث العاهة عليها قبل أخذها ، وهذا مأمون فيما يقطع في الحال .

 قال ابن قدامة : ” أن يبيعها بشرط القطع في الحال ، فيصح بالإجماع ؛ لأن المنع إنما كان خوفًا من تلف الثمرة ، وحدوث العاهة عليها قبل أخذها ؛ بدليل ما روى أنس : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهو . قال : أرأيت إذا منع الله الثمرة ، بم يأخذ أحدكم مال أخيه ؟ ) رواه البخاري . وهذا مأمون فيما يُقطع ، فصح بيعه ، كما لو بدا صلاحه ” انتهى من “المغني” (6/ 149).

ويتصور اشتراط القطع في الحال في بعض الثمار التي يستفاد منها قبل النضج ، كما لو كانت صالحة لتكون علفاً للبهائم مثلاً ، ونحو ذلك من أوجه الانتفاع بها .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android