تقدم لي عريس ، وكان متزوجا في السابق ، وانفصل عن زوجته ، وعند سؤالنا عن سبب انفصاله عن زوجته السابقة قال : إن السبب أمر يخص تلك المرأة ، ولو كان يخصه لذكره ، ولم يفصح عن السبب ؛ لأنه لا يريد أن يتكلم عنها ، ويجرح فيها ، وأنه لم يسعَ لتطليقها ، وكانت هذه الزيجة لعدة شهور ، وأنه يخشى أن يتحمل وزر الغيبة في حقها إن أفصح عن السبب ، فهل هذا من حقه أن لا يفصح ؟ أم يجب أن نتعرف علي سبب الانفصال ؛ لكي أطمئن له ، وأن ذلك لا يعتبر غيبة في حق مطلقته ؟
هل تسأل الخاطب عن سبب طلاقه السابق، إذا كان يلزم منه الغيبة؟
السؤال: 295998
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
لا يجوز ذكر أحد من المسلمين في غيبته بما يكرهه .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟
قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ .
قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟
قَالَ: إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ، فَقَدْ بَهَتَّهُ رواه مسلم (2589).
فلا يجوز للرجل أن يتكلم عن مطلقته بما تكرهه ، وليس لكِ أن تسأليه عن سبب طلاقها ، ما دام ذلك سيوقعه في غيبتها .
ثم إن هذا الكلام لن يحقق لكِ أي مصلحة ، ولن يكون سبيلا إلى ما ترغبين معرفته عن حال الخاطب ؛ لأن الأصل في الخصومات عموما -الزوجية وغيرها- يرى كل طرف نفسه محقا والآخر على باطل ، فهذه الغيبة لن تظهر لك حقيقة الرجل.
والمنهج الشرعي في الزواج هو اختيار صاحب الدين والخلق.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ رواه الترمذي (1084) ، ورواه أيضا من حديث أَبِي حَاتِمٍ المُزَنِيِّ رضي الله عنه (1085)، وصححه الحاكم في المستدرك (2 / 165) ، وحسّنه الألباني في “إرواء الغليل” (6 / 268).
ومعرفة دينه وخلقه ، وجديّته في تحمل مسؤولية الأسرة : إنما يكون بسؤال أهل الصدق والنصح ممن يعرفونه واستشارتهم، كما ورد في حديث فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ … قَالَتْ: ” فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ – أي لرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ ، وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَمَّا أَبُو جَهْمٍ، فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ [أي : كثير الضرب للنساء] ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ” رواه مسلم (1480).
وينبغي أن لا تقدمي على أمر إلا بعد استخارة الله تعالى فيه .
عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ” كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا ، كَالسُّورَةِ مِنَ القُرْآنِ: إِذَا هَمَّ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي- أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ – فَاقْدُرْهُ لِي، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي- أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ – فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ ، وَاقْدُرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ، وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ رواه البخاري (6382).
فإن اطمأنت نفسك إلى سمعته ، ورأيت من كلام من يعرفونه : جديته في أمر الزواج ، وأنه ليس متهاونا ، ولا متسرعا إلى هدم بيته : فتوكلي على الله ، وأقبلي على ما عزمت عليه .
ونسأل الله تعالى أن ييسر لك ما هو خير لك في دينك ودنياك.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب