0 / 0
79,92825/04/2019

الطريقة النقشبندية

السؤال: 296486

ما هي المراقبة والنقشبندية؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

“النقشبندية” هي طائفة من طوائف الصوفية. وسميت بهذا الاسم نسبة إلى أحد شيوخها ، وهو محمد بهاء الدين شاه نقشبند المتوفى سنة (791 هـ).

ويزعم بعضهم أنه لُقِّب بـ “نقش بند” لأنه من كثرة ذكره لله تعالى ، أصبح اسم الله تعالى منقوشا على ظاهر قلبه، ولا نعلم كيف اطلعوا على قلبه ، فرأوا هذا النقش مطبوعا فيه !؟

تنتشر هذه الطائفة في عدد من البلدان وبالأخص في تركيا وبلاد الشام والعراق.

معتقدات هذه الطريقة:

أولا: يعتقدون أن طريقتهم يرجع سندها إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ويزعمون أنه تم تناقل مبادئ الطريقة ، عن أبي بكر رضي الله عنه ، عبر عدد من الأعلام ، كجعفر الصادق ، إلى أن وصلت إلى محمد بهاء الدين شاه نقشبند.

وهذا مجرد ادعاء ليس له أساس علمي، وهكذا حال سائر الفرق الصوفية ، حيث تختلق انتسابا لأحد أعلام المسلمين المتفق على صلاحهم كالصحابة رضوان الله عليهم أو من جاء بعدهم، توهم به بسطاء الناس وعوامهم.

فأكثر رجال سند طريقتهم : أناس مجهولون لا يعرف لهم ذكر في كتب التاريخ والتراجم ، بمن فيهم شيخهم (نقشبند) الذي ينتسبون إليه .

وأما سلف الأمة الذين انتسبت النقشبندية إليهم ، كأبي بكر رضي الله عنه وجعفر الصادق وغيرهما ، فقد حُفِظت سيرتهم في كتب التاريخ والتراجم والآثار، ولم يعرف عنهم أصلا أنهم باشروا شيئا من هذه المبتدعات التي تتميز بها طائفة النقشبندية.

ومثل هذه الأسانيد التي يدّعيها النقشبنديون هي أسانيد منكرة مكذوبة ، في ميزان النقد ، ووفقاء لقواعد التصحيح والتضعيف التي أجمع عليها أهل العلم.

كما أن هذه الطريقة يكثر فيها المصطلحات الأعجمية التي لا ينطق بمثلها سلفنا الصالح، مما يدل على أنها موضوعة في العصور المتأخرة، ولا علاقة لها بالصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان.

ويزعمون أن (نقشبند) هذا كان يجتمع بأرواح بعض من سبقه من الشيوخ ، ويأخذ منهم الولاية والعهد!!

ويزعمون هذا لغيره من شيوخهم ، ويطلقون على هذه الحالة المزعومة مصطلح “الأويسية”.

وهذا من باب الخرافات والكذب على الناس.

ثانيا:

لهم اعتقاد خاص في ذكر الله تعالى لم يرد به كتاب ولا سنة، فهجروا سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الِّذكْر، وابتدعوا بأهوائهم طرقا عجيبة.

فهم يعتقدون أن الِّذكْر يكون خفيا ، بدون استعمال اللسان ، ومع تغميض العينين، وبجلوس معيّن، مع حبس النفس، وتخيّل أن القلب له لسان يذكر الله ، ويردد ما يعتقدونه من الأذكار.

وهذا مخالف للذكر المشروع، فالمتقرر الثابت في الشرع ، والذي تضافرت عليه أدلة الكتاب والسنة؛ هو أن الذكر يكون باللسان؛ كما يشير حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ رضي الله عنه:

” أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلَامِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ، فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ.

قَالَ: لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ  ” رواه الترمذي ( 3375) وقال: “هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ”.

قال الإمام النووي رحمه الله تعالى:

” اعلم أن الأذكار المشروعة في الصلاة وغيرها، واجبةً كانت أو مستحبةً، لا يُحسَبُ شيءٌ منها ولا يُعتدّ به حتى يتلفَّظَ به، بحيث يُسمِعُ نفسَه إذا كان صحيح السمع لا عارض له ” انتهى. “الأذكار” (ص 10).

ولا يشترط للذكر هيئة جلوس خاصة، بل المسلم يذكر الله تعالى على حسب ما تيسر له.

قال الله تعالى:

  إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ، الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ   آل عمران (190 – 191).

ووضعوا للمريد ما سموه بـ “الرابطة” ، وزعموا أنه بها يصل إلى الله تعالى.

وهذه الرابطة مبناها على ربط قلب من يتبع هذه الطريقة بغير الله تعالى وهو الشيخ، فزعموا أن المريد لا يصل إلى الله ولا يصل إليه التوفيق من الله إلا بواسطة شيخه.

وطريقتها: أن يغمض الشخص المريد عينيه ويلصق اللسان بسقف الحلق والأسنان بالأسنان والشفة بالشفة، ويستحضر صورة الشيخ ويتصورها في جبهته، وعليه أن يتصور أن الشيخ واسطة بينه وبين الله، ويعتقد أن الشيخ يتلقى من الله تعالى مباشرة بلا واسطة، إلى غير ذلك من تفصيلات عجيبة لا تليق بعبادة الله تعالى.

وهذا يوضح أن هذه الطريقة متأثرة ببعض الديانات الهندية التي تمارس “اليوغا” ، خاصة وأن جملة من شيوخها من منطقة الهند.

وهذه البدعة مخالفة لما تقرر من دين الإسلام من قرب الله من عباده ، وأن العبد لا واسطة بينه وبين الله تعالى؛ حيث قال الله تعالى:

  وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ  البقرة/186 .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ  رواه مسلم (482).

وحث على ألا يكون في سِرّ الذاكر غير الله سبحانه وتعالى؛ بل يجمع قلبه على استحضار عظمة الله تعالى وأنه يراه.

ففي حديث سؤال جبريل للنَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:   … قَالَ: مَا الإِحْسَانُ؟ قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ   رواه البخاري (50) ومسلم (9).

واتخاذ الوسائط وتعظيمها هو سبيل أهل الشرك، قال الله تعالى منكرا عليهم:

 إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ، أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ  الزمر /2 – 3 .

ويشتهر عندهم الذكر بالاسم المفرد وذلك بترديد كلمة “الله” أو الضمير “هو”.

وهو ذكر غير مشروع؛ فمجرد ترديد لفظ “الله” أو “هو” لا معنى له ولا فائدة منه، وراجع عن هذا الموضوع جواب السؤال رقم (9389).

ثالثا:

من طرق عباداتهم المبتدعة : الخلوة ، وأقلها ثلاثة أيام ، وأكثرها أربعون يوما ، يتعود فيها الشخص على السهر والجوع والذكر على طريقتهم، ويغلق عليه باب الخلوة فلا يفتحها إلا للشيخ، ولا يدخل الخلوة إلا بعد استئذانه أيضا.

ومثل هذه الخلوات المبتدعة : ليست من شعائر دين الإسلام في شيء ، وإنما تشتهر بها الديانات الشركية كبعض أديان الهند، ولا يستبعد أنها منهم أخذت، ولا يصح الاستدلال على جوازها بتحنث النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء قبل بعثته.

قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

” وأما الخلوات : فبعضهم يحتج فيها بتحنثه بغار حراء قبل الوحي، وهذا خطأ؛ فإن ما فعله صلى الله عليه وسلم قبل النبوة : إن كان قد شرعه بعد النبوة ، فنحن مأمورون باتباعه فيه ، وإلا فلا.

وهو من حين نبأه الله تعالى : لم يصعد بعد ذلك إلى غار حراء ، ولا خلفاؤه الراشدون.

وقد أقام صلوات الله عليه بمكة ، قبل الهجرة ، بضع عشرة سنة، ودخل مكة في عمرة القضاء، وعام الفتح أقام بها قريبا من عشرين ليلة، وأتاها في حجة الوداع؛ وأقام بها أربع ليال، وغار حراء قريب منه ولم يقصده ” انتهى. “مجموع الفتاوى” (10 / 393 – 394).

وقال رحمه الله تعالى:

” و “طائفة” يجعلون الخلوة أربعين يوما ويعظمون أمر الأربعينية، ويحتجون فيها بأن الله تعالى واعد موسى عليه السلام ثلاثين ليلة ، وأتمها بعشر، وقد روي أن موسى عليه السلام صامها وصام المسيح أيضا أربعين لله تعالى وخوطب بعدها. فيقولون يحصل بعدها الخطاب والتنزل كما يقولون في غار حراء حصل بعده نزول الوحي.

وهذا أيضا غلط : فإن هذه ليست من شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، بل شرعت لموسى عليه السلام ، كما شرع له السبت ، والمسلمون لا يسبتون، وكما حرم في شرعه أشياء ، لم تحرم في شرع محمد صلى الله عليه وسلم. فهذا تمسك بشرع منسوخ ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (10 / 394 – 395).

وإنما سُنّة المسلمين في الخلوات : هي الاعتكاف في المساجد ، وحضور الجمع والجماعات مع المسلمين.

رابعا:

والنقشبندية هي على نفس نمط غلاة الصوفية في الغلو في مشايخهم، وتعظيم قبورهم.

ويعتقدون في شيوخهم بعض صفات الربوبية ، كالنفع والضر وعلم الغيب، ونحو هذا مما هو من خصائص الله تعالى لا يشركه فيها غيره، وهي منفية عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو أفضل البشر فكيف بغيره؟!

قال الله تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم:

  قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ  الأعراف /188 .

وقال سبحانه وتعالى:  قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا ، قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا   الجن /21 – 22 .

وهم جمعوا الاعتقاد بقدرة شيوخهم على النفع والضر ، وأيضا جعلوهم واسطة بينهم وبين الله تعالى .

ولا شك أن هذا من الشرك الذي كانت تمارسه العرب في جاهليتها، وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم لإنقاذهم منه.

قال الله تعالى واصفا حال المشركين:   فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ ، وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ  يونس/17 – 17 .

وقال الله تعالى عن حال هؤلاء المشركين:  أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ   الزمر/3 .

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

” ثم أخبر تعالى عن عُبّاد الأصنام من المشركين أنهم يقولون: ( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) أي: إنما يحملهم على عبادتهم لهم أنهم عمدوا إلى أصنام اتخذوها على صور الملائكة المقربين في زعمهم، فعبدوا تلك الصور، تنزيلا لذلك منزلة عبادتهم الملائكة؛ ليشفعوا لهم عند الله في نصرهم ورزقهم، وما ينوبهم من أمر الدنيا، فأما المعاد فكانوا جاحدين له كافرين به.

قال قتادة، والسدي، ومالك عن زيد بن أسلم، وابن زيد: ( إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) أي: ليشفعوا لنا، ويقربونا عنده منزلة.

ولهذا كانوا يقولون في تلبيتهم إذا حجوا في جاهليتهم: “لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك”.

وهذه الشبهة : هي التي اعتمدها المشركون ، في قديم الدهر وحديثه، وجاءتهم الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، بردها والنهي عنها، والدعوة إلى إفراد العبادة لله وحده لا شريك له ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (7 / 84 – 85).

خامسا:

لهم آداب معينة في معاملة الشيخ ، يُلزمون الأتباع بها، ومن يخالفها فيزعمون أنه محروم.

فيلزم التابع أن يتبع الشيخ، ويرهبون الناس بأن من لا يتخذ شيخا فهو ضال؛ لأن شيخه سيكون الشيطان، وإذا اتبع الشخص شيخا من شيوخهم ، فأول واجب عليه، هو أن يقدم البيعة التي تجعله ملزما بطاعة شيخه في كل ما يأمر به.

وهذه البيعة من الأمور المبتدعة والتي فرقت المسلمين جماعات وأحزابا.

وأوجبوا على التابع : أن لا يعترض على شيخه، ولو في شيء يراه محرما، ويكون كما يقول الصوفية: كالميت بين يدي غاسله.

وهذا أمر لا شك أنه منكر عظيم شنيع؛ ففيه اعتقاد العصمة في المشايخ، وفيه إسقاط شعيرة النهي عن المنكر.

فالشرع لم يبح الطاعة إلا في المعروف.

عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:   لاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ  رواه البخاري (7257) ، ومسلم (1840)، ورواه الإمام أحمد في “المسند” (2 / 318) بلفظ: ( لَا طَاعَةَ لِبَشَرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ ).

وبعد هذا يحتجب الشيخ عن أتباعه ، فلا يدخلون عليه إلا بإذنه، ولا يدخل عليه إلا أناس معينون من خاصته، ولا يرونه أثناء أكل أو شرب أو نوم وسائر أموره الشخصية، حتى لا تسقط حرمة الشيخ على حد زعمهم.

وهم بهذا خالفوا هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، ورسل الله الكرام .

قال الله تعالى:   وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا  الفرقان/7 .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشارك أصحابه الطعام والشراب، وربما نام بمكان يوجد فيه بعض أصحابه، وعلى هذا الحال كان أصحابه رضوان الله عليهم كأبي بكر رضي الله عنه الذي تنتسب إليه النقشبندية زورا وكذبا.

سادسا:

يرون للتابع لهم أن يهجر أهل العلم والفقه، ولا يلقي سمعه إلا لمشايخ الطريقة الذين يغلب عليهم الجهل بالشرع .

ويغلب على هذه الطريقة كما هو الحال في الغلاة من الصوفيه احتقار العلم والعلماء؛ لذا لا يكاد يوجد بينهم أهل العلم المشهود لهم بالتمكّن والذين يمكن الرجوع إليهم في معرفة الأحكام الشرعية وأحكام الحوادث المستجدة.

واتخاذ الجاهلين بالعلم الشرعي والمعرضين عنه مشايخا؛ هو طريق الضلال.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:   إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا  رواه البخاري (100) ، ومسلم (2673).

ولجوء مشايخ الصوفية لهذا الأسلوب من تحبيب الجهل بالكتاب والسنة، هو من باب الحفاظ على أتباعهم حتى لا يبصروا الحق فينفضوا عنهم.

سابعا:

تميل هذه الطائفة إلى أصحاب عقيدة الحلول والاتحاد، وهي عقيدة كفرية، قد سبق بسط الكلام عنها في جواب السؤال رقم (147639).

ثامنا:

من أهم مقاصد التعبد والذكر عندهم : الاطلاع على عالم الغيب ، فهو أعظم غاياتهم، ولا شك أن هذا من الضلال، ولم يأمر الله تعالى أحدا من عباده بالسعي إلى معرفة شيء من علوم الغيب ، ولا بين أن هذا له طريق مشروعة ، ولا أن هذا مما يحبه من عباده ، ويشرعه لهم .

وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم (101968) ورقم  (213625) ورقم (282295).

ويكفي لبيان بطلان هذا المقصد قصة أبي بكر رضي الله عنه الذي ينتسبون إليه كذبا.

عَنْ حَنْظَلَةَ، قَالَ: ” كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَعَظَنَا، فَذَكَّرَ النَّارَ، قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ إِلَى الْبَيْتِ فَضَاحَكْتُ الصِّبْيَانَ وَلَاعَبْتُ الْمَرْأَةَ، قَالَ: فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: وَأَنَا قَدْ فَعَلْتُ مِثْلَ مَا تَذْكُرُ، فَلَقِينَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ نَافَقَ حَنْظَلَةُ.

فَقَالَ: مَهْ.

فَحَدَّثْتُهُ بِالْحَدِيثِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَنَا قَدْ فَعَلْتُ مِثْلَ مَا فَعَلَ.

فَقَالَ: يَا حَنْظَلَةُ! سَاعَةً وَسَاعَةً، وَلَوْ كَانَتْ تَكُونُ قُلُوبُكُمْ كَمَا تَكُونُ عِنْدَ الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ، حَتَّى تُسَلِّمَ عَلَيْكُمْ فِي الطُّرُقِ   رواه مسلم (2750).

فهؤلاء هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وأجل الناس بعد الأنبياء ، وأتقاهم لله ، وأعلمهم بالله . ومع ذلك ، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم بالسعي لمصافحة الملائكة، بل أرشدهم إلى السبيل الذي يجعلهم لا يملون ولا يضيعون حقا من الحقوق، لأن الدنيا مجال للعمل.

فكيف بمن يسعون إلى الاطلاع على الغيب ، أو الاتصال برجاله ، كحال أهل الفلسفات الروحية الحديثة ؟!

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android