0 / 0

هل كانت الملائكة ترسل للناس، لهدايتهم إلى الحق؟

السؤال: 297506

سمعت من أحد الاشخاص أن الملائكه كانت تنزل لهداية الناس إلى عبادة الله عز وجل قبل الأنبياء ، باستثناء سيدنا آدم ، فهل هذه المعلومة صحيحة ؟

ملخص الجواب

الكلام المذكور : باطل ، لا أصل له في دين الله ، ولا سند له من التاريخ ، بل هو من رجم الظنون ، والقول على الله تعالى بغير علم .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

لا يعلم في نصوص الوحي ما يدل على أن الله تعالى كان يرسل الملائكة للبشر، مباشرة ، من غير أن يكون هناك أنبياء ، وأن هؤلاء الملائكة كانوا يهدون الناس للحق، بل القرآن نص على أنّ هذا لم يحدث، وأن الرسالة محصورة في الرسل من البشر.

بل دلت النصوص الشرعية على بطلان هذه الدعوى .

قال الله تعالى:  وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى   يوسف/109.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

” ( مِنْ أَهْلِ الْقُرَى ) ليسوا من أهل السماء ، كما قلتم ” .

انتهى من “تفسير ابن كثير” (4 / 573).

وقال الله تعالى:  وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ   النحل/43.

وقال الله تعالى:  وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ، وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ ، ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ  الأنبياء/7 – 9.

قال الشيخ المفسّر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:

” قوله تعالى: ( وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ )، ذكر – جل وعلا – في هذه الآية الكريمة: أنه لم يرسل قبله صلى الله عليه وسلم من الرسل إلا رجالا، أي: لا ملائكة.

وذلك أن الكفار استغربوا جدا بعث الله رسلا من البشر، وقالوا: الله أعظم من أن يرسل بشرا يأكل الطعام، ويمشي في الأسواق ; فلو كان مرسلا أحدا حقا ، لأرسل ملائكة كما بينه تعالى في آيات كثيرة، كقوله: ( أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ )…

وقوله: ( فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ )…

وحصر الرسل في الرجال في الآيات المذكورة لا ينافي أن من الملائكة رسلا؛ كما قال تعالى: ( اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ )، وقال: ( الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا ) الآية؛ لأن الملائكة يرسلون إلى الرسل، والرسل ترسل إلى الناس.

والذي أنكره الكفار هو إرسال الرسل إلى الناس، وهو الذي حصر الله فيه الرسل في الرجال من الناس، فلا ينافي إرسال الملائكة للرسل بالوحي ” .

انتهى من “أضواء البيان” (3 / 330 – 332).

وقال تعالى :    وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولا * قُلْ لَوْ كَانَ فِي الأرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنزلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولا   الإسراء/94-95 .

قال ابن كثير رحمه الله : ” يَقُولُ تَعَالَى: وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَيْ: أَكْثَرَهُمْ أَنْ يُؤْمِنُوا وَيُتَابِعُوا الرُّسُلَ، إِلَّا اسْتِعْجَابُهُمْ مِنْ بَعْثَتِهِ (4) الْبَشَرَ رُسُلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى: أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا [يُونُسَ: 2] .

وَقَالَ تَعَالَى: ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ [التَّغَابُنِ: 6] ، وَقَالَ فِرْعَوْنُ وَمَلَؤُهُ: أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ [الْمُؤْمِنُونَ: 47] ، وَكَذَلِكَ قَالَتِ الْأُمَمِ لِرُسُلِهِمْ: إِنْ أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ [إِبْرَاهِيمَ: 10] ، وَالْآيَاتُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُنَبِّهًا عَلَى لُطْفِهِ وَرَحْمَتِهِ بِعِبَادِهِ: إِنَّهُ يَبْعَثُ إِلَيْهِمُ الرَّسُولَ مِنْ جِنْسِهِمْ، لِيَفْقَهُوا عَنْهُ وَيَفْهَمُوا مِنْهُ، لِتَمَكُّنِهِمْ مِنْ مُخَاطَبَتِهِ وَمُكَالَمَتِهِ، وَلَوْ بَعَثَ إِلَى الْبَشَرِ رَسُولًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَمَا اسْتَطَاعُوا مُوَاجَهَتَهُ وَلَا الْأَخْذَ عَنْهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ [آلِ عِمْرَانَ: 164] ، وَقَالَ تَعَالَى: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ [التَّوْبَةِ: 128] ، وَقَالَ تَعَالَى: كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ * فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ [الْبَقَرَةِ: 151، 152] ؛ وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا: لَوْ كَانَ فِي الأرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ أَيْ: كَمَا أَنْتُمْ فِيهَا لَنزلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولا أَيْ: مِنْ جِنْسِهِمْ، وَلَمَّا كُنْتُمْ أَنْتُمْ بَشَرًا، بَعَثْنَا فيكم رسلنا منكم لطفًا ورحمة. ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (5/121) .

والحاصل :

أن الكلام المذكور : باطل ، لا أصل له في دين الله ، ولا سند له من التاريخ ، بل هو من رجم الظنون ، والقول على الله تعالى بغير علم .

وقد قال الله تعالى :  وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا  الإسراء/36 .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android