قرأت أن الطهر من دم الحيض يكون بإحدى العلامتين، إما الجفاف التام ، أو القصة البيضاء ، وأجد صعوبة كبيرة في تحديد طهري ، حيث ينزل مني الدم لمدة ما بين 4 إلي 5 أيام بشكل طبيعي، ثم بعد ذلك ينقص شيئا فشيئا ، ولمدة 3 أو 4 أيام أبدأ برؤية جفافا يستمر لمدة ساعات ، في بعض الأحيان حتى 12 ساعة أو أكثر، وفي بعض الأحيان يكون فيها إفرازات شفافة تميل قليلا إلى الأصفر، ثم بعد ذلك بعد ساعات تنزل إفزازات شفافة فيها دم ، ويحدث أنني أغتسل عندما يكون عندي جفاف لمدة ساعات ، وأصلي ، ثم أقطع الصلاة عندما ينزل الدم مجددا ، مع أن كميته قليلة جدا جدا، وأنتظر حتى يكون جفافا تاما بدون أية افزازات صفراء أو دم ، وفي بعد الأحيان أرى القصة البيضاء ، فأعلم بذلك طهري ، فأصلي ، فكم ساعة علي أن أرى الجفاف لكي أعلم أنني طاهرة ؟ وهل يجب أن يكون الجفاف لمدة يوم و ليلة، علما أنني في بعض الساعات يكون الجفاف تاما من غير صفرة ولا دم ؟
عودة الصفرة واثر الدم القليل جدا بعد انقطاع دم الحيض
السؤال: 298275
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الحيض هو الدم المعهود عند النساء .
قال ابن رشد رحمه الله تعالى:
" قول الله عز وجل: ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى ) ، والأذى: الدم الخارج من الرحم، فوجب أن يحمل على أنه حيض، حتى يعلم أنه ليس بحيض، وهذا ما لا أعلم فيه خلافا، وبالله التوفيق " انتهى من"البيان والتحصيل" (1 / 105).
والأذى المعهود عند النساء في فترة الحيض : كما يتناول الدم ، يتناول الصفرة والكدرة.
روى الإمام مالك في "الموطأ" (1 / 59) عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ مَوْلَاةِ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّهَا قَالَتْ: " كَانَ النِّسَاءُ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، بِالدِّرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ، فِيهِ الصُّفْرَةُ مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ، يَسْأَلْنَهَا عَنِ الصَّلَاةِ.
فَتَقُولُ لَهُنَّ: لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ .
تُرِيدُ بِذَلِكَ : الطُّهْرَ مِنَ الْحَيْضَةِ " وذكره البخاري معلقا بصيغة الجزم "فتح الباري" (1 / 420)، وصححه الألباني في "ارواء الغليل" (1 / 218).
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:
" وأما قول عائشة ( لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ ) فإنها تريد: لا تعجلن بالاغتسال إذا رأيتن الصفرة؛ لأنها بقية من الحيضة، حتى ترين القصة البيضاء، وهو الماء الأبيض الذي يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض، يشبه لبياضه بالقص ؛ وهو الجصّ … " انتهى من "الاستذكار" (3 / 194).
وبناء على هذا ، فإن صفة انقطاع الدم الذي ذكر في السؤال على حالين:
الحالة الأولى: أن يكون الانقطاع ، في أصله ، غير تام ؛ بحيث يبقى شيء من الصفرة أو الكدرة ؛ فهذا لا يعد طهرا ، وعلى المرأة في هذه الحالة أن تصبر حتى تنقطع هذه الكدرة أو الصفرة ، كما سبق في حديث عائشة رضي الله عنها.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" وفيه دلالة على أن الصفرة والكدرة ، في أيام الحيض : حيض " انتهى من "فتح الباري" (1 / 420).
الحالة الثانية: أن يكون انقطاع الدم : انقطاعا تاما ، بحيث لا تبقى لا صفرة ولا كدرة، ، ففي هذه الحال يكون هذا علامة انقضاء فترة الحيض.
قال الشيخ عبد القادر بن عمر الشيباني رحمه الله تعالى:
" وإن طهرت أثناءَ عادَتِها ، طهرا خالصا ، لا تتغير معه القطنة إذا احتَشَتْها، ولو أقلّ مدة: فهي طاهر، تغتسل ، وتصلي ، وتفعل ما تفعله الطاهرات .
لأن الله تعالى وَصَفَ الحيض بكونه أذى، فإذا ذهب الأذى ، وجب زوال الحيض " انتهى من "نيل المآرب" (1 / 108).
فإذا تحقق هذا الظهر ، بعلامته ، ثم خرج بعد ذلك شيء من الكدرة أو الصفرة ، بعد زمن طويل ، أو قصير: فهذا لا يعد حيضا.
لما رواه البخاري رحمه الله تعالى في "الصحيح" (326) في باب "الصُّفْرَةِ وَالكُدْرَةِ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الحَيْضِ" عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: " كُنَّا لاَ نَعُدُّ الكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ شَيْئًا " .
ورواه أبو داود (307 ) بلفظ: " كُنَّا لَا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ، وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا "، وصححه الألباني في "ارواء الغليل" (1 / 219).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" و"الصفرة والكدرة" للفقهاء فيها ثلاثة أقوال ، في مذهب أحمد وغيره: هل هي حيض مطلقا، أو ليست حيضا مطلقا.
والقول الثالث – وهو الصحيح – : أنها إن كانت في العادة ، مع الدم الأسود والأحمر : فهي حيض، وإلا ؛ فلا… قالت أم عطية: كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا " .
انتهى من " مجموع الفتاوى" (26 / 220).
وكذلك أثر الدم القليل جدا كالنقطة والنقطتين من الدم : لا يحكم لهما بحكم الحيض.
سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" إذا كانت المرأة تحيض ثمانية أيام، فتغتسل في اليوم الثامن، ومن ثَمَّ تنزل عليها قطرات دم خفيفة في ذلك اليوم، فهل لها أن تغتسل؟ مع العلم أنها قد تغتسل مرتين، وأحياناً تترك الغسل، فهل تأثم؟ وماذا تفعل؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كانت تعرف أن الدم لم ينقطع انقطاعاً تاماً ، فلتنتظر حتى ينقطع انقطاعاً تاما، ثم تغتسل.
وأما إذا عرفت أنه انقطع انقطاعا تاما : فإنها تغتسل ، من حين انقطاعه، ثم إن حصل بعد ذلك نقطة أو نقطتان فإن ذلك لا يضر " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (3 / 323).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب