0 / 0

حكم الكذب في القسم لجلب مصلحة دنيوية

السؤال: 298796

أنا سوري ، وأعيش في أوروبا ، وأريد أن أعمل ، ولكن طلب مني أوراق دراسية ، أنا درست حتى المرحلة الإعدادية ، ولكن قلت : بأن معي ثانوية ، ولا أستطيع أن أحضر أوراقي بسبب الحرب ، فطلب مني أن أقسم بأن معي شهادة ثانوية ، وسوف يعطونني بدلا منها شهادة إعدادية ؛ لأن المنهج في أوروبا ليس مثل سوريا ، فمثلا إذا قدمت الإعدادية سوف يعطونني الشهادة الابتدائية ، وإذا أقسمت أن معي ثانوية سوف أحصل على الشهادة الإعدادية ، أي مثل شهادتي تماما ، وهذه الشهادة ستفيدني في عملي ، ودراستي ، وإقامتي ، بحيث إنني أعمل ، وأعين اهلي بالمصروف ، وأدرس بنفس الوقت ، وهنا تختلف الرواتب باختلاف الشهادة الدراسية . السؤال : ماذا يترتب علي من كفارة إذا أقسمت القسم كذبا ، مع العلم إنني سأحصل على نفس شهادتي ، ولن أضر أحدا ، وسأستفيد ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

سبق غير مرة أن المسلم إذا دخل بلاد الكفار بإذنهم فإنه يجب عليه الوفاء بما يشترطونه عليه من شروط ، ما دامت هذه الشروط لا يترتب على الالتزام بها معصية لله تعالى ، لأن أمر الله تعالى ونهيه هو المقدم على أمر كل أحد ونهيه .

وجاء في “الموسوعة الفقهية الكويتية” (31 / 144 – 145):

” اتفقوا على أنه يجب على من دخل من المسلمين دار الحرب بأمان منهم: أن لا يغدرهم، ولا يخونهم ” انتهى.

ويدل على ذلك قوله تعالى:  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ المائدة /1.

وقول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ  رواه أبو داود (3594 ) ، وصححه الألباني ؛ فقال رحمه الله تعالى : ” الحديث بمجموع الطرق يرتقى إلى درجة الصحيح لغيره ” انتهى من ” ارواء الغليل ” (5 / 145).

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

” وهاهنا قضيتان كليتان من قضايا الشرع الذي بعث الله سبحانه به رسوله :

إحداهما: أن كل شرط خالف حكم الله وناقض كتابه: فهو باطل؛ كائنا ما كان.

والثانية: أن كل شرط لا يخالف حكمه ، ولا يناقض كتابه ، وهو ما يجوز تركه وفعله بدون الشرط : فهو لازم بالشرط ، ولا يستثنى من هاتين القضيتين شيء، وقد دل عليهما كتاب الله عز وجل ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واتفاق الصحابة رضي الله عنهم ” انتهى من “اعلام الموقعين” (5 / 379).

ويتأكد هذا إذا كانوا يأتمنون المسلم ، ويكتفون منه باليمين ؛ فكيف يكون هؤلاء أكثر تعظيما لليمين من المسلم ؟!

وكيف يجرؤ المسلم على الحلف بالله كاذبا ، وهذه هي اليمين الغموس عند كثير من العلماء ، التي هي من كبائر الذنوب ، وتغمس صاحبها في النار .

ينظر “المغني” (13/448) .

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :

“وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك ).

وهذا دليل واضح على كمال دين الإسلام، وحسن ما يدعو إليه من مكارم الأخلاق، مبين أنه دين سماوي لا شك فيه ” انتهى من “أضواء البيان” (2 / 8 – 9).

فإذا ائتمنك هؤلاء على الإخبار بشهادتك الحقيقية : وجب عليك أن تصدقهم في ذلك ، ولا يجوز لك الكذب ، ولا ضرورة تلجئك إليه أصلا ، ويزداد الإثم إذا اقترن اليمين مع ذلك .

واعلم أنك بهذه اليمين الكاذبة : تأخذ منهم من الأموال والتعليم ما لا تستحق ، فيزداد الإثم ، وتعظم الحرمات .

ولن يأتيك من رزقك إلا ما كتبه الله لك ، فاطلبه بما أحل الله تعالى .

وتأمل هذا الحديث العظيم الذي هو درس وموعظة في القناعة : قال صلى الله عليه وسلم :  إن روح القدس نفث في رُوعي : أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها ، وتستوعب رزقها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ، ولا يحملن أحدَكم استبطاءُ الرزق، أن يطلبه بمعصية الله ، فإن الله تعالى لا يُنال ما عنده إلا بطاعته  رواه أبو نعيم في ” الحلية ” من حديث أبي أمامة ، وصححه الألباني في ” صحيح الجامع” برقم (2085) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android