أنا سوري ، وأعيش في أوروبا ، وأريد أن أعمل ، ولكن طلب مني أوراق دراسية ، أنا درست حتى المرحلة الإعدادية ، ولكن قلت : بأن معي ثانوية ، ولا أستطيع أن أحضر أوراقي بسبب الحرب ، فطلب مني أن أقسم بأن معي شهادة ثانوية ، وسوف يعطونني بدلا منها شهادة إعدادية ؛ لأن المنهج في أوروبا ليس مثل سوريا ، فمثلا إذا قدمت الإعدادية سوف يعطونني الشهادة الابتدائية ، وإذا أقسمت أن معي ثانوية سوف أحصل على الشهادة الإعدادية ، أي مثل شهادتي تماما ، وهذه الشهادة ستفيدني في عملي ، ودراستي ، وإقامتي ، بحيث إنني أعمل ، وأعين اهلي بالمصروف ، وأدرس بنفس الوقت ، وهنا تختلف الرواتب باختلاف الشهادة الدراسية . السؤال : ماذا يترتب علي من كفارة إذا أقسمت القسم كذبا ، مع العلم إنني سأحصل على نفس شهادتي ، ولن أضر أحدا ، وسأستفيد ؟
حكم الكذب في القسم لجلب مصلحة دنيوية
السؤال: 298796
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
سبق غير مرة أن المسلم إذا دخل بلاد الكفار بإذنهم فإنه يجب عليه الوفاء بما يشترطونه عليه من شروط ، ما دامت هذه الشروط لا يترتب على الالتزام بها معصية لله تعالى ، لأن أمر الله تعالى ونهيه هو المقدم على أمر كل أحد ونهيه .
وجاء في “الموسوعة الفقهية الكويتية” (31 / 144 – 145):
” اتفقوا على أنه يجب على من دخل من المسلمين دار الحرب بأمان منهم: أن لا يغدرهم، ولا يخونهم ” انتهى.
ويدل على ذلك قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ المائدة /1.
وقول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ رواه أبو داود (3594 ) ، وصححه الألباني ؛ فقال رحمه الله تعالى : ” الحديث بمجموع الطرق يرتقى إلى درجة الصحيح لغيره ” انتهى من ” ارواء الغليل ” (5 / 145).
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
” وهاهنا قضيتان كليتان من قضايا الشرع الذي بعث الله سبحانه به رسوله :
إحداهما: أن كل شرط خالف حكم الله وناقض كتابه: فهو باطل؛ كائنا ما كان.
والثانية: أن كل شرط لا يخالف حكمه ، ولا يناقض كتابه ، وهو ما يجوز تركه وفعله بدون الشرط : فهو لازم بالشرط ، ولا يستثنى من هاتين القضيتين شيء، وقد دل عليهما كتاب الله عز وجل ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واتفاق الصحابة رضي الله عنهم ” انتهى من “اعلام الموقعين” (5 / 379).
ويتأكد هذا إذا كانوا يأتمنون المسلم ، ويكتفون منه باليمين ؛ فكيف يكون هؤلاء أكثر تعظيما لليمين من المسلم ؟!
وكيف يجرؤ المسلم على الحلف بالله كاذبا ، وهذه هي اليمين الغموس عند كثير من العلماء ، التي هي من كبائر الذنوب ، وتغمس صاحبها في النار .
ينظر “المغني” (13/448) .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :
“وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك ).
وهذا دليل واضح على كمال دين الإسلام، وحسن ما يدعو إليه من مكارم الأخلاق، مبين أنه دين سماوي لا شك فيه ” انتهى من “أضواء البيان” (2 / 8 – 9).
فإذا ائتمنك هؤلاء على الإخبار بشهادتك الحقيقية : وجب عليك أن تصدقهم في ذلك ، ولا يجوز لك الكذب ، ولا ضرورة تلجئك إليه أصلا ، ويزداد الإثم إذا اقترن اليمين مع ذلك .
واعلم أنك بهذه اليمين الكاذبة : تأخذ منهم من الأموال والتعليم ما لا تستحق ، فيزداد الإثم ، وتعظم الحرمات .
ولن يأتيك من رزقك إلا ما كتبه الله لك ، فاطلبه بما أحل الله تعالى .
وتأمل هذا الحديث العظيم الذي هو درس وموعظة في القناعة : قال صلى الله عليه وسلم : إن روح القدس نفث في رُوعي : أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها ، وتستوعب رزقها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ، ولا يحملن أحدَكم استبطاءُ الرزق، أن يطلبه بمعصية الله ، فإن الله تعالى لا يُنال ما عنده إلا بطاعته رواه أبو نعيم في ” الحلية ” من حديث أبي أمامة ، وصححه الألباني في ” صحيح الجامع” برقم (2085) .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب