تنزيل
0 / 0

حكم الأكل من طعام اشتري وقت صلاة الجمعة

السؤال: 299197

ما حكم الأكل من طعام تمّ شراؤه وقت صلاة الجمعة ، علما بأن المشتري تجب عليه صلاة الجمعة ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

اتفق أهل العلم على النهي عن التجارة بالبيع والشراء إذا أذّن الاذان الثاني لصلاة الجمعة.

قال الله تعالى:  يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ  الجمعة/9.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

” وقوله: ( وَذَرُوا الْبَيْعَ ) أي: اسعوا إلى ذكر الله واتركوا البيع إذا نودي للصلاة.

ولهذا اتفق العلماء على تحريم البيع بعد النداء الثاني ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (8 / 122).

وقال ابن العربي رحمه الله تعالى:

” قوله تعالى: ( وَذَرُوا الْبَيْعَ ): وهذا مجمع على العمل به، ولا خلاف في تحريم البيع…

لأن البيع إنما منع للاشتغال به، فكل أمر يشغل عن الجمعة من العقود كلها، فهو حرام شرعا ” انتهى من “أحكام القرآن” (1805 – 1806).

لكن مع القول بتحريم البيع في هذا الوقت؛ إلا أن أهل العلم اختلفوا في صحته:

فمن ذهب إلى أن النهي الراجع إلى أمر خارج عقد البيع لا يقتضي الفساد؛ فإنه قال بصحة البيع ، مع إثم صاحبه؛ ومعنى هذا : أن ما اشتراه هذا الرجل بعد النداء الثاني لصلاة الجمعة ، يصبح ملكا له ، ويصح التصرف فيه بالأكل والتصدق ونحو هذا، وهذا مذهب الحنفية والشافعية.

وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أن ما يشتريه الرجل بعد النداء الثاني لصلاة الجمعة يكون عقده باطلًا ، ولا يصح  شرعا أن يتملكه؛ لأن النهي يقتضي الفساد؛ وهذا مذهب المالكية والحنابلة.

قال ابن رشد:

” وهذا أمر مجمع عليه فيما أحسب، أعني: منع البيع عند الأذان الذي يكون بعد الزوال ، والإمام على المنبر.

واختلفوا في حكمه إذا وقع هل يفسخ أم لا؟…

فالمشهور عند مالك : أنه يفسخ، وقد قيل: لا يفسخ، وهذا مذهب الشافعي، وأبي حنيفة.

وسبب الخلاف كما قلنا غير ما مرة: هل النهي الوارد لسبب من خارج : يقتضي فساد المنهي عنه ؟ أو لا يقتضيه؟ ” انتهى من “بداية المجتهد” (3 / 327).

فتبين بهذا :

أن في صحة هذا البيع خلافا بين العلماء ، فمن صححه أجاز للمشتري الأكل منه ، ومن أفسده أوجب عليه رده ، وحرم عليه الأكل منه ، لأن العقد الفاسد لا يترتب عليه أثره ، من انتقال ملك السلعة إلى المشتري ، وانتقال ملك الثمن إلى البائع .

فإن تعذر الرد ، أو كان العاقد يرجح صحة العقد ، أو يقلد من يفتي بذلك ، فإنه يحكم بصحة العقد ، ويحل له ولغيره الانتفاع بما اشتراه .

ينظر جواب السؤال رقم : (184263) ، كما ينظر “مجموع الفتاوى” (29/411-413) .

هذا إذا كان السؤال عن انتفاع المشتري نفسه بما اشتراه .

أما إذا كان السؤال عن انتفاع غير المشتري بما اشتراه المشتري ، فإنه يجوز له ذلك ، لأن التحريم حينئذ يتعلق بالعاقد وحده ، ولا يتعلق بمن انتقل إليه هذا الطعام بطريق مباح ، كالهدية أو إطعام الرجل لأولاده وأهل بيته ونحو ذلك  .

روى عبد الرزاق في “المصنف” (8 / 150) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: ” جَاءَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ لِي جَارًا يَأْكُلُ الرِّبَا، وَإِنَّهُ لَا يَزَالُ يَدْعُونِي؟

فَقَالَ: “مَهْنَؤُهُ لَكَ، وَإِثْمُهُ عَلَيْهِ “.

وقد سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

” رجل علم أن مصدر أموال أبيه من الحرام، فهل يأكل من طعام أبيه؟ وإذا لم يأكل من طعام أبيه فهل يكون ذلك من العقوق؟

فأجاب:

 الرجل الذي علم أن مال أبيه من الحرام: إن كان حراما بعينه، بمعنى: أنه يعلم أن أباه سرق هذا المال من شخص: فلا يجوز أن يأكله، لو علمت أن أباك سرق هذه الشاة وذبحها فلا تأكل، ولا تجب دعوته.

أما إذا كان الحرام من كسبه يعني: أنه هو يرابي أو يعامل بالغش أو ما يشابه ذلك فكل، والإثم عليه هو.

ودليل هذا: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أكل من مال اليهود ، وهم معروفون بأخذ الربا وأكل السحت، أهدت إليه يهودية شاة في خيبر مسمومة ليموت ، ولكن الله عصمه من ذلك إلى أجل مسمى.

دعاه يهودي إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجابه وأكل، اشترى من يهودي طعاما لأهله وأكله هو وأهله. فليأكل والإثم على والده ” انتهى من “لقاء الباب المفتوح” (188 / 14).

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android