0 / 0

كتب أسباب النزول

السؤال: 300732

هل يوجد كتاب يحتوي على أسباب النزول المتفق عليها ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

(أسباب النزول): هي من جملة علوم القرآن المهمة، وطرائق البيان التي تعين على فهم مراد الله جل جلاله بكلامه.

“قال الواحدي: لا يمكن تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها.

وقال ابن دقيق العيد: بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن ” انتهى  من “الإتقان في علوم القرآن” للسيوطي (1/108).

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ” معرفة ” سبب النزول ” يعين على فهم الآية فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب” . انتهى من “مجموع الفتاوى” (13/339).

وللفائدة حول هذا الموضوع، ينظر المقال التالي:

https://www.alukah.net/sharia/0/63768/

ثانيا:

هناك كتب مهمة في معرفة أسباب النزول، وأثرها في التفسير، لكنا لا نعلم من أفرد أسباب النزول المتفق عليها دون المختلف فيها.

وعليه، فعليك النظر في الكتب التي اعتنت بتحرير أسباب النزول، والعناية بنقدها، ومنها:

1- “الصحيح المسند من أسباب النزول”، مقبل الوادعي .

2- “الصحيح من أسباب النزول”، د. عصام بن عبدالمحسن الحميدان .

3- “التسهيل في أسباب التنزيل”، عمرو الشرقاوي .

ومن الكتب التي اعتنت بالنقد، وضبط القواعد:

“المحرر في أسباب النزول”، للدكتور خالد المزيني، وهو كتاب مهم ونفيس .

ثالثا:

ننبه هنا إلى أن ما يذكره المفسرون من أسباب النزول، فهو كالمثال على ما تشمله الآية من عموم الأشخاص، أو الأحوال، متى كان لفظها عاما في شيء من ذلك؛ ولهذا قال أهل العلم في تقرير ذلك الأمر : إن العبرة بعموم اللفظ ، لا بخصوص السبب.

يقول الشيخ د. مساعد الطيار: ” ذكر شيخ الإسلام تنبيهًا مهمًّا فيما يتعلَّق بأسباب النُّزول، الصريحة، وغير الصريحة، وأنها من باب المثال في التفسير، فقال:

«وقد يجيء كثيرًا من هذا الباب قولهم: هذه الآية نزلت في كذا، لا سيما إن كان المذكور شخصًا؛ كأسباب النُّزول المذكورة في التفسير؛ كقولهم:

إن آية الظهار نزلت في امرأة أوس بن الصامت، وإن آية اللعان نزلت في عويمر العجلاني أو هلال بن أمية، وإن آية الكلالة نزلت في جابر بن عبد الله.

وإن قوله: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ نزلت في بني قريظة والنضير.

وإن قوله: وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يُوْمَئِذٍ دُبُرَهُ نزلت في بدر.

وإن قوله: شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ نزلت في قضية تميم الداري وعدي بن بدَّاء.

وقول أبي أيوب: إن قوله: وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ نزلت فينا معشر الأنصار … الحديث.

ونظائر هذا كثير، مما يذكرون أنه نزل في قوم من المشركين بمكة، أو في قوم من أهل الكتاب: اليهود والنصارى، أو في قوم من المؤمنين.

فالذين قالوا ذلك، لم يقصدوا أن حكم الآية مختص بأولئك الأعيان دون غيرهم، فإن هذا لا يقوله مسلم، ولا عاقل على الإطلاق».

وإذا اعتبرت هذه الأسباب من باب المثال في التفسير: فإنه لن يُشكلَ عليك تعدُّدُها؛ كالأسباب المذكورة في سبب نزول أول سورة الأنفال، ولا تعدد من نزلت فيه الآية؛ كالأسباب المذكورة في قوله تعالى: إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ [الكوثر: 3]” انتهى.

ومعنى ذلك: أن السبب ، غير الصريح : هو من باب الاجتهاد في بيان ما تنطبق عليه الآية من الصور، أو الأحوال.

يقول شيخ الإسلام: ” وقد تنازع العلماء في قول الصاحب: نزلت هذه الآية في كذا؛ هل يجري مجرى المسند ، كما يذكر السبب الذي أنزلت لأجله ، أو يجري مجرى التفسير منه ، الذي ليس بمسند ، فالبخاري يدخله في المسند ، وغيره لا يدخله في المسند ، وأكثر المساند على هذا الاصطلاح كمسند أحمد وغيره.

بخلاف ما إذا ذكر سببا نزلت عقبه ، فإنهم كلهم يدخلون مثل هذا في المسند.

وإذا عرف هذا ؛ فقول أحدهم نزلت في كذا ، لا ينافي قول الآخر نزلت في كذا ؛ إذا كان اللفظ يتناولهما ، كما ذكرناه في التفسير بالمثال .

وإذا ذكر أحدهم لها سببا نزلت لأجله ، وذكر الآخر سببا؛ فقد يمكن صدقهما ، بأن تكون نزلت عقب تلك الأسباب أو تكون نزلت مرتين مرة لهذا السبب ومرة لهذا السبب.” انتهى  من “مجموع الفتاوى” (13/340).

يقول د. مساعد، وفقه الله:

“وكذا قد يقع من بعض من يتعرض للتفسير؛ ردُّ بعض الأقوال التي تحتملها الآية ، بسبب عدم موافقتها لسبب النُّزول، مع أن الآية تحتملها إذا فسَّرتها على سبيل العموم.

ومن ذلك ما ذكره ابن حجر العسقلاني (ت:852) في شرحه لصحيح البخاري عند تفسير قوله تعالى: وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة: 195]. فقد أورد عن أسلم بن عمران قال: كنا بالقسطنطينية، فخرج صف عظيم من الروم، فحمل رجل من المسلمين على صف الروم ، حتى دخل فيهم ، ثم رجع مقبلاً، فصاح الناس: سبحان الله، ألقى بيده إلى التهلكة. فقال أبو أيوب: أيها الناس، إنكم تؤولون هذه الآية على هذا التأويل، وإنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار، إنا لما أعزَّ الله دينه، وكثر ناصروه، قلنا بيننا سِرًّا: إن أموالنا قد ضاعت، فلو أنا أقمنا فيها، وأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله هذه الآية، فكانت التهلكة : الإقامة التي أردناها …

إلى أن قال ابن حجر: «وجاء عن البراء بن عازب في الآية، تأويل آخر أخرجه ابن جرير وابن المنذر وغيرهما عنه بإسناد صحيح، عن أبي إسحاق، قال: قلت للبراء: أرأيت قول الله عزّ وجل: وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ هو الرجل يحمل على الكتيبة فيها ألف؟ قال: لا، ولكنه الرجل يذنب، فيُلْقِي بيده، فيقول: لا توبة لي».

ثمَّ قال ابن حجر (ت:852): والأول أظهر؛ لتصدير الآية بذكر النفقة، فهو المعتمد في نزولها، وأما قصرها عليه: ففيه نظر؛ لأن العبرة بعموم اللفظ ” انتهى من ” شرح مقدمة ابن تيمية في أصول التفسير” (84 – 86).

والله أعلم 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android