0 / 0

إذا لم يصل سنة الجمعة القبلية أنكر عليه الناس ، فماذا يفعل ؟

السؤال: 301470

في بلاد الشام وتركيا وعموم الوطن العربي إلا من رحم ربي يوم الجمعة وعندما يحين موعد الأذان يؤذن المؤذن ، فيقوم الناس فيصلون ركعتين ، ومنهم من يصلي ٤ ركعات على أنها سنة ، ثم يصعد الإمام المنبر ، و يؤذن المؤذن مرة أخرى ، ولكنه أذان داخلي داخل المسجد فقط ، ونحن نعلم أن الأصل في الأذان الأول الذي أحدثه عثمان رضي الله عنه أن يكون للتنبيه ، ويكون الأذان الثاني هو الأصل ، و يجب أن يكون في المكبرات الخارجية ، وليس داخل المسجد فقط ، وأن الجمعة ثبت فيها ٤ ركعات بعدها ، ولم يثبت فيها شيء قبلها ، لقد وقع الناس في فتنة كبيرة ، ولأنكم داخل المملكة السعودية قد لا ترون مثل هذه الحالات ، ولكنها في باقي الدول العربية صارت من البلايا العامة ، فهل نصلي معهم على أنها سنة وقعت بين أذانين ؟ أم ماذا نفعل ، علماً أن جميع من في المسجد يقوم ولو بقيت وحدي جالس سينظرون إليك على أنك مخالف للسنة ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً :

ليس لصلاة الجمعة سنة راتبة قبلها ، وهو مذهبُ المالكيَّة ، والحنابلة ، ووجه عند الشافعية ، وهو اختيارُ ابنِ تيميَّة ، وابن القيِّم ، وابنِ حجرٍ العسقلانيِّ وغيرهم .

وذهب الحنفية إلى أنه تسن الصلاة قبل الجمعة ، وفي وجه للشافعية رجحه النووي في “المجموع” (4/9) أنه : ” تسن قبلها وبعدها صلاة ، وأقلها ركعتان قبلها ، وركعتان بعدها ، والأكمل أربع قبلها وأربع بعدها ” انتهى. 

وينظر : “البيان والتحصيل” (1/451)، و”كشاف القناع” (1/423)، و”مجموع الفتاوى” لابن تيمية (24/189)، و”فتح الباري” (2/410).

والراجح هو قول الجمهور ، أنه لا سنة قبلية للجمعة ؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يخرج من بيته يومَ الجُمُعة فيصعَدُ مِنبَرَه ثم يؤذِّنُ المؤذنُ ، فإذا فرغ أخذَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في خُطبتِه .

ولو كان للجُمُعةِ سُنَّةٌ قَبْلَها لفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ، أو أرشد صحابة إلى فعلها .

كما أنه لم يكُن في زمنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غيرُ هذا الأذانِ الذي بين يدي الخَطيبِ ؛ فكيف يكون لها سنة خاصة بين الأذانين، ولم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم ، سوى أذان واحد؟!

فإن قيل : ربما كان يصلي السنة في بيته .

أجيب بأنه لو كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي في بيتِه قبلَ خُروجِه إلى الجُمُعة، لضُبِط ذلك ، كما ضُبِطتْ صلاتُه بعدَها ، وكما ضُبِطتْ صلاتُه قبل الظُّهر ، ولنَقَل ذلك أزواجُه رَضِيَ اللهُ عَنْهنَّ ، كما نقَلْنَ سائرَ صلواته في بيتِه ليلًا ونهارًا ، وكيفيَّة تهجُّده وقِيامة بالليل ، وحيث لم يُنقَلْ شيءٌ من ذلك ، فالأصلُ عدمُه ، ودلَّ على أنه لم يقعْ ، وأنَّه غيرُ مشروعٍ .

وقد صح عنِ ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما أنه قال : ” صليتُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سجدتينِ قبلَ الظُّهرِ ، وسجدتينِ بعد المغربِ ، وسجدتينِ بعدَ العِشاءِ ، وسجدتينِ بعدَ الجُمُعةِ ” أخرجه البخاري (1172)، ومسلم (729).

فلم يذكر للجمعة سُنَّة إلَّا بعدَها ؛ فدلَّ على أنَّه لا سُنَّة قبلَها .

قال الحافظ ابن حجر : ” وأما سنة الجمعة التي قبلها: فلم يثبت فيها شيء ” انتهى من “فتح الباري” لابن حجر (2/ 410).

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (6653) .

ولكن يستحب لمن أتى الجمعة أن يتطوع بالصلاة قبلها ، بما تيسر له ، من حين دخوله إلى المسجد ، إلى أن يخرج الإمام على الناس ، من غير أن يكون ذلك مقيدًا بعدد مخصوص ، فيصلي ركعتين ، أو أربعا ، أو ما شاء الله له أن يصلي ، وهذه الصلاة هي تطوع مطلق ، وليست سنة راتبة للجمعة . 

روى البخاري (883) ، ومسلم (857) عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:   لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى   .

وجاء عن ابنِ شِهابٍ ، عن ثَعلبةَ بن أبي مالكٍ القُرضيِّ : ” أنَّه أخبره أنَّهم كانوا في زمانِ عُمرَ بنِ الخَطَّابِ يُصلُّونَ يومَ الجُمُعةِ حتى يخرجَ عمرُ ، فإذا خرَجَ عُمرُ وجلَس على المنبرِ وأذَّنَ المؤذِّنون ، قَال ثعلبةُ : جَلَسْنا نتحدَّث ، فإذا سكَتَ المؤذِّنونَ وقام عُمرُ يَخطُبُ ، أَنصَتْنا فلم يتكلَّمْ منَّا أحدٌ ” أخرجه مالك في “الموطأ” (1/103) وصححه النووي في “الخلاصة” (2/808).

وينظر جواب السؤال رقم : (181043).

والخلاصة :

أن الجمعة ليس لها سنة قبلية على القول الراجح المختار.

لكن يبقى أيضا : أن المسألة من المسائل الخلافية بين أهل العلم ؛ ومثل هذه المسائل الاجتهادية لا ينكر أحد من المختلفين على الآخر ، ولا يجوز أن تكون مثارًا للجدال أو التعصب، أو سبباً لحصول النفرة بين الناس ، لا سيما وأن بعض البلدان تتبع مذهب الحنفية الذي يقول بأن للجمعة سنة قبلية ، فالإنكار عليهم في هذه الحالة كثيرا ما يسبب وحشة ، ونفرة في القلوب، بل ربما أدى إلى فتنة ، وتباغض وتدابر بين المصلين !!

لذلك فإن الذي يظهر هو أن تنصح من رأيت فيه حرصًا على اتباع السنة ، وعدم التعصب لمذهب معين .

وأما عوام الناس : فمن الصعب إقناعهم ، فلا حرج عليك إن تركت نصيحتهم ، والحال ما ذكر.

وقد سئل الإمام أحمد عمن رأى رجلا يصلي لا يتم الركوع والسجود ، ولا يقيم أمر صلاته .

فقال : إن كان يظن أنه يقبل منه أمره ووعظه ، حتى يحسن صلاته .

وفي سؤال آخر قال : إن كان يقبل منك فانهه .

فيفهم من هذا ؛ أن الشخص إذا كان لا يقبل أن يغير ما هو عليه ، ولا يقبل النصح ، أنه لا حرج من ترك نصحه .

وينظر “الآداب الشرعية” (1/182) لابن مفلح الحنبلي .

وإذا رأيت الناس ينظرون إليك نظر إنكار ؛ فمن الممكن أن تقوم وتصلي ركعتين بنية التطوع ، لا بنية راتبة الجمعة القبلية ، وذلك لكي تدفع عن نفسك كلام الناس ، وإنكارهم ، وتخرج من وحشة القلوب، وتنافرها.

ثانيا:

ثبتت للجمعة سنة بعدية كما تقدم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنها ركعتان . 

وروى الإمام مسلم (881) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :  مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ ، فَلْيُصَلِّ أَرْبَعًا   . 

قال أبو عيسى الترمذي : رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُصَلَّى بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ أَرْبَعًا .

وقال عطاء : قَالَ رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ صَلَّى بَعْدَ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعًا ” .

وقال الإمام أحمد : ” إن شاء صلى بعد الجمعة ركعتين ، وإن شاء صلى أربعًا ” انتهى. “المغني” (2/109) .

وقيل : من صلى سنة الجمعة البعدية في المسجد صلاها أربعًا ، ومن صلاها في البيت صلى ركعتين .

وينظر لمزيد من الفائدة والتفصيل جواب السؤال رقم : (112031)، ورقم: (174669).

ثالثا:

يشرع الأذان الأول للجمعة ، وهو ما فعله عثمان رضي الله عنه ، وأقره الصحابة عليه .

ولكن ينبغي أن يكون الأذان الأول قبل دخول وقت الجمعة ، بنصف ساعة أو نحو من ذلك ، مما يحقق الفائدة منه وهي تذكير الناس بالجمعة ، وحثهم على التهيؤ والمسارعة إليها .

كما ينبغي أن يكون الأذان الثاني في مكبرات الصوت أيضًا ؛ ليعلم الناس بصعود الإمام ، لا سيما وأن هذا الأذان هو الأصل ، أما الأذان الأول فهو للتذكير .

وعليه : فينبغي أن تنصح الإمام وتبين له هذا بأسلوب لطيف ، وبالرفق ، والموعظة الحسنة ، إن أمكن ذلك ، وكنت تعلم أنه يمكنه أن يغير الأمر.

فإن لم يستجب ؛ فقد أديت ما عليك ، وأبرأت ذمتك ، وفي كل الأحوال يجوز لك الصلاة معهم ، وليس لك أن تترك الجمعة في مساجد المسلمين لأجل ذلك، أو لأجل أنهم يصلون للجمعة راتبة قبلها ، أو أنك أنت ستصلي تلك النافلة، على ما سبق ذكره ، أو نحو ذلك من مسائل الاجتهاد.

وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (100225)، (148205).

والله أعلم.

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android