يريد شراء سلعة ، سيارة مثلا ، ويشترط على البائع أولا أن يدخلها السوق ، ويعرضها ليعرف سعرها في السوق ، ثم يشتريها منه بالسعر الذي رست عليه في السوق ، فما حكم إدخال السلعة إلى السوق وعرضها للمزايدة بغير قصد بيعها ولكن لمعرفة قيمتها السوقية ؟ وهل يجوز للمشتري أن يشترط مثل هذا الشرط في عقد البيع ؟
حكم إدخال السيارة السوق وعرضها في المزاد ولا يريد بيعها فيه وإنما معرفة سعرها
السؤال: 301664
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
يشترط لصحة البيع: العلم بالثمن عند العقد ، والمرجع في تحديده إلى اتفاق المتعاقدين.
ولكن قد يجهل المشتري الأسعار، فيلجأ إلى هذه الطريقة ، وهي أن يطلب من البائع إدخالها إلى سوق المزادات، ليقف على أعلى سعر يبذل فيها.
والذي يظهر لنا عدم مشروعية هذه الطريقة ؛ لما فيها من خداع أهل السوق وغشهم ، فإنهم يظنون صدق البائع في رغبته في البيع ، والواقع أنه لا يريد أن يبيع لهم ، فيضيع وقتهم وجهدهم، في الفحص والنظر والتقييم، وإبداء الرغبة في الشراء، والتنافس في طرح الأسعار، في غير مقابل.
والخداع والغش محرمان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: المكر والخديعة في النار رواه البيهقي في شعب الإيمان، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" ، ورواه البخاري في صحيحه معلقا بلفظ: الخديعة في النار، ومن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد .
وقوله صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي رواه مسلم (102).
ثم إن عرض السيارة في سوق المزاد قد لا يعطي سعرها الحقيقي ، لما جرت عليه العادة في هذه الأسواق من بخس السلع، فاختيار المشتري هذه الطريقة إجحاف وعدم إنصاف.
والسبيل الصحيح ، أن تُعرض السيارة على واحد أو اثنين من أهل الخبرة لتقييمها، ولو دفعتم في مقابل ذلك مالا.
والعرف أن ذلك على المشتري ، ولهما أن يتفقا على غير ذلك.
وللمشتري أن يدخل مع أهل السوق، فإن أعجبه السوم ، زاد على ما انتهى إليه آخر السعر، أدنى ما يزيده أهل السوق في هذا المزاد ، أو يدع غيره يشتري ، إن رضي مالكها بما انتهى إليه السعر.
ثانيا:
إذا اتفق المتبايعان على أن البيع يلزم بالثمن الذي تستقر عليه المزايدة، والبيع قد تم بينهما قبل العلم بما استقر عليه الثمن: فهذا وجه آخر للمنع هنا.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " قوله: أو بما ينقطع به السعر قال: أبيعك إياه بما يقف عليه في المساومة فإنه لا يصح؛ لأننا لا ندري هل يقف على ثمن كثير أو على ثمن قليل، وربما يأتي شخص يناجش فيرتفع الثمن، وربما يكون الحضور قليلين فينقص الثمن؛ ولهذا لا يصح أن يبيعه بما ينقطع به السعر.
وقيل: إنه يصح، وأن بيعه بما ينقطع به السعر أشد طمأنينة من بيعه بالمساومة؛ لأن الإنسان يطمئن فيقول: ما دام الناس وقفوا على هذا السعر فذلك يدل على أن القيمة مطابقة، ولكن في النفس من هذا شيء.
والأقرب: أنه لا يصح بما ينقطع به السعر؛ وذلك لأن ما ينقطع به السعر مجهول، فلو حصل مناجشة زاد، ولو قل الحاضرون نقص، فالجهالة إذاً موجودة، ولهذا ينبغي ألاَّ يباع بما ينقطع به السعر" انتهى من " الشرح الممتع" (8/ 173).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب