بودّي أن أطلب رأيك ونصائحك حول الصراع الداخلي الذي كنت أعاني منه، قبل بضع سنوات ، قدّم زميل لي زجاجة صغيرة من العطور السحرية، أخبرني أنه إذا استعملت منه ، فسأبدو أكثر جاذبية للمرأة التي أريدها ؛ لأن زميلي كان خارقا للطبيعة في الأشياء، كنت متشكّكا جدا من أن استخدام مثل هذه الطريقة يعتبر حلالا ، أيضا ، أخبرته أنني أخشى أن يعتبر استخدامه شركا ، أجاب بما أنني أشعر بالقلق أكثر من اللازم ، يمكنني أن أدعو الله قبل استخدام العطر وأطلب منه أن يكون فعالاً فقط بإذنه تعالى ، أيضاً أطلب منه ألا يكون له أي تأثير إذا تطلّب الأمر المساعدة من الكائنات الأخرى ، لذلك فعلت هذا بالضبط ، فقط قبل أن أقرّر رمي الزجاجة بعيدا ، لأنه بعد ذلك صار ضميري يؤنّبني بأن ما فعلته قد يكون خاطئًا ، وأنا ندمت على ذلك لاحقًا. سؤالي : هل ارتكبت الشرك؟ إذا كانت الإجابة بنعم ، فيرجى توضيح السبب ، وماذا أفعل ؟
استعمل عطرا سحريا ليكون أكثر جاذبية للمرأة فهل كفر بذلك ؟
السؤال: 301733
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
السؤال فيه أمور مبهمة، فلا ندري المقصود بأنك تصير أكثر جاذبية، ولا المقصود بأن زميلك كان خارقا للطبيعة في الأشياء، ولا طبيعة المرأة التي تريد أن تجذبها هل هي من تريد خطبتها أم غير ذلك.
والذي يفهم من السياق أن زميلك أعطاك عطرا يزعم أنه سحري، ولعله من سحر التحبيب والتقريب، بحيث تنجذب إليك المرأة التي تريد خطبتها، بزعمه.
فإن كان كذلك فالسحر كله محرم، سواء كان بعقاقير أم برقى وتعويذات، لكن يكون كفرا إذا اشتمل على كفر، كالاستعاذة والاستعانة بالجن أو التقرب إليهم بالذبح ونحوه، ولا يمكن معرفته إلا بالرجوع إلى مصدر هذا العطر.
فقد يكون سحر هذا العطر، من طريق المواد المكونة له؛ وهذا غايته: أن يكون من نوع “العقاقير”، وهذا لا يكفر صاحبه بمجرد استعماله، ما لم يقل قولا كفريا، أو يفعل فعلا كفريا، كمن يتقرب للشياطين، أو نحو ذلك.
وقد لا يكون من ذلك شيء، مطلقا؛ وإنما الرجل دجال، يوهم الناس أنه يقدم السحر، أو أمرا خارقا، لتحقيق مطالبهم، وهو لا يقدم ذلك، وإنما يلعب بعقولهم، ويأكل أموالهم.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” وأما في الشرع; فإنه ينقسم إلى قسمين:
الأول: عقد ورقى; أي: قراءات وطلاسم، يتوصل بها الساحر إلى استخدام الشياطين فيما يريد به ضرر المسحور، لكن قد قال الله تعالى: وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ.
الثاني: أدوية وعقاقير تؤثر على بدن المسحور، وعقله وإرادته وميله; فتجده ينصرف ويميل، وهو ما يسمى عندهم بالصرف والعطف، فيجعلون الإنسان ينعطف على زوجته أو امرأة أخرى، حتى يكون كالبهيمة تقوده كما تشاء.
والصرف بالعكس من ذلك، فيؤثر في بدن المسحور بإضعافه شيئا فشيئا حتى يهلك، وفي تصوره بأن يتخيل الأشياء على خلاف ما هي عليه، وفي عقله؛ فربما يصل إلى الجنون والعياذ بالله.
فالسحر قسمان:
أ: شرك، وهو الأول الذي يكون بواسطة الشياطين; يعبدهم ويتقرب إليهم ليسلطهم على المسحور.
ب: عدوان وفسق، وهو الثاني الذي يكون بواسطة الأدوية والعقاقير ونحوها.
وبهذا التقسيم الذي ذكرناه نتوصل به إلى مسألة مهمة، وهي: هل يكفر الساحر أو لا يكفر؟ اختلف في هذا أهل العلم: فمنهم من قال: إنه يكفر ومنهم من قال: إنه لا يكفر.
ولكن التقسيم السابق الذي ذكرناه، يتبين به حكم هذه المسألة، فمن كان سحره بواسطة الشياطين; فإنه يكفر لأنه لا يتأتى ذلك إلا بالشرك غالبا; لقوله تعالى: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ إلى قوله: وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ.
ومن كان سحره بالأدوية والعقاقير ونحوها ؛ فلا يكفر، ولكن يعتبر عاصيا معتديا” انتهى من “شرح كتاب التوحيد” (1/ 489).
ثانيا:
الواجب عليك التوبة إلى الله تعالى من تعاطي ما اعتقدت أنه سحر، لكن لا يحكم بأن عملك كفر إلا بعد الوقوف على نوع السحر.
ولا نرى أن تنشغل بذلك، بل يكفيك التوبة النصوح من ذلك، ونصح صاحبك ألا يعود لمثل هذا، وأن يحذر السحر والسحرة.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب