0 / 0

يجوز لمن تعذر عليه سجود التلاوة أن يومئ بالسجود

السؤال: 302652

هل السجدة في قراءة القرآن فرض؟ وعندما أقرأ القرآن وأنا في السيارة وأصل إلى السجدة ما الواجب علي فعله ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

اتفق الفقهاء على مشروعية سجود التلاوة ؛ للآيات والأحاديث الواردة فيه ، ولكنهم اختلفوا في حكمه على قولين :

القول الأول : 

أن سجود التلاوة سنة وليس بواجب ، وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم ، المالكية والشافعية والحنابلة ، واستدلوا بما يلي : 

1- ما جاء عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : ”  قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّجْمِ ، فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا ” رواه البخاري (1073)، ومسلم (577).

وفي رواية : ” فلم يسجد منا أحد” رواه ابن خزيمة (566) وإسناده حسن .

2- ما ورد عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الهُدَيْرِ التَّيْمِيِّ ، عن عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ” أنه قَرَأَ يَوْمَ الجُمُعَةِ عَلَى المِنْبَرِ بِسُورَةِ النَّحْلِ ، حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ ، نَزَلَ فَسَجَدَ ، وَسَجَدَ النَّاسُ. حَتَّى إِذَا كَانَتِ الجُمُعَةُ القَابِلَةُ ، قَرَأَ بِهَا ، حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ ، قَالَ: ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ ، فَمَنْ سَجَدَ ، فَقَدْ أَصَابَ ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ ، فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ “. 

وَزَادَ نَافِعٌ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، ” إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضِ السُّجُودَ ، إِلَّا أَنْ نَشَاءَ “رواه البخاري (1077).

قال ابن عبد البر رحمه الله : ” هذا عمر ، وابن عمر ، ولا مخالف لهما من الصحابة ، فلا وجه لقول من أوجب سجود التلاوة فرضًا ؛ لأن الله لم يوجبه ولا رسوله ولا اتفق العلماء على وجوبه…” انتهى من “الاستذكار” (2/ 508).

القول الثاني :

أن سجود التلاوة واجب مطلقًا ، وإلى هذا ذهب الحنفية ، وهو رواية عن الإمام أحمد ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية .
واستدلوا بأن الله تعالى أمر بالسجود في عدة مواضع من القرآن الكريم ، وذم من لم يسجد عند قراءة القرآن ، كقوله تعالى :   وَإِذا قرئَ عَلَيْهِم الْقُرْآن لَا يَسْجُدُونَ  الانشقاق/21. 

والراجح هو قول الجمهور وهو أن سجود التلاوة سنة ؛ لقوة أدلتهم ، وصراحتها في عدم الوجوب ، وإلى هذا ذهب الشيخان : ابن باز ، وابن عثيمين .  

وينظر : “الموسوعة الفقهية الكويتية” (24/212)، و”الفتاوى الكبرى” لابن تيمية (5/340)، و”اللباب في الجمع بين السنة والكتاب” للمنبجي (1/288)، و”فتاوى نور على الدرب” لابن باز (10/446)، و”تفسير جزء عم” لابن عثيمين (ص121).

ولمعرفة ما يتعلق بسجود التلاوة من أحكام كحكم الطهارة له والتكبير والتسليم ونحو ذلك ينظر أجوبة الأسئلة رقم : (235969)، (73402)، (104336)، (4890).

ثانيا :

من كان يقرأ القرآن ، ومر بآية فيها سجدة ، وتعذر عليه السجود على الأرض ؛ كمن كان في سيارة أو طائرة  أو دابة أو نحو ذلك ؛ فإنه يجوز أن يومئ بالسجود ، كصلاة النافلة .

قال النووي رحمه الله : ” إذا كان المسافر قارئًا ، فقرأ السجدة في صلاة سجد : بالإيماء ، بلا خلاف ، وإن كان في غير صلاة ، سجد بالإيماء أيضًا ، على المذهب ، وبه قطع الجمهور ، وفيه وجه شاذ : أنه لا يسجد ، وبه قال بعض الحنفية .

وقال مالك وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر وأحمد وداود: يسجد مطلقا [أي : إذا كان داخل الصلاة أو خارجها]” انتهى من “المجموع شرح المهذب” (4/ 73).

وقال ابن قدامة رحمه الله : ” وإذا كان على الراحلة في السفر ، جاز أن يومئ بالسجود حيث كان وجهه ، كصلاة النافلة ؛ فعل ذلك علي ، وسعيد بن زيد ، وابن عمر ، وابن الزبير ، والنخعي ، وعطاء ، وبه قال مالك ، والشافعي ، وأصحاب الرأي ، ولا نعلم فيه خلافا .

وقد روى أبو داود ، عن ابن عمر ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ عام الفتح سجدة ، فسجد الناس كلهم ، منهم الراكب ، والساجد في الأرض ، حتى إن الراكب ليسجد على يده “. ولأنها لا تزيد على صلاة التطوع ، وهي تفعل على الراحلة ” انتهى من “المغني” لابن قدامة (2/ 370).

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : ” إذا كان الإنسان يقرأ القرآن ، فمرت به آية فيها سجدة ، فيشرع له السجود على الأرض إن تمكن من ذلك . وإن لم يتمكن من ذلك ، كأن يكون راكبًا في سيارة : فيومئ إيماء ، على حسب استطاعته ، وإن لم يسجد فلا حرج عليه ؛ لأن سجود التلاوة سنة وليس بواجب ” انتهى من “فتاوى اللجنة الدائمة – 2” (6/ 167).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android