زوجي معدد، ويبعد منزل أهلي قرابة 85 كيلو متر، وعندما أكون عندهم أحيانًا يتعذر زوجي بالمجيء لأخذي منهم بانشغاله، ويكون نصيبي من الأيام مع زوجته، فهل يحق لي طلب التعويض؟ لأن ما أعرفه أنه يسقط حق الزوجة في حال أنها بقيت برغبتها، أو بطلب منها، ولكن ما أريد معرفته هل يسقط حقها في حال أن الزوج انشغل عن الذهاب والإتيان بها إلى بيتها؟
إذا سافرت لأهلها بإذنه وتأخر في إرجاعها هل يقضي لها مدة تأخره؟
السؤال: 304214
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
إذا سافرت المرأة لحاجتها كزيارة أهلها، سقط حقها في القسم، فلا يقضي لها مدة سفرها.
قال في زاد المستقنع: “وإن سافرت بلا إذنه، أو بإذنه في حاجتها، أو أبت السفر معه، أو المبيت عنده في فراشه، فلا قسم لها ولا نفقة”.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه: “هذه عدة مسائل:
الأولى: قوله: إن سافرت بلا إذنه: إن سافرت بلا إذنه فليس لها قسم، وليس لها نفقة؛ لأنها عاصية وناشز، وفوتت عليه الاستمتاع، وإذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، فكيف بمن تسافر؟!
فإذا قال قائل: قوله: لا قسم لها هذا تحصيل حاصل؛ لأنها إذا كانت مسافرة فكيف يقسم؟ نقول: أي: لا يلزمه القضاء إذا رجعت.
الثانية: قوله: أو بإذنه في حاجتها إذا سافرت بإذنه فإما أن يكون في حاجته، وإما أن يكون في حاجتها.
فإن كان في حاجته فلها النفقة، ولها القَسْم. مثلاً له أم في المستشفى في بلد آخر، وسافرت بإذنه، فالحاجة له هو، ففي هذه الحال نقول: لها النفقة؛ لأن ذلك لحاجته، وجزاها الله خيراً أن ذهبت.
وأما إذا سافرت بإذنه لحاجتها، قالت له مثلاً: إني أريد أن أزور أقاربي أو ما أشبه ذلك، فأذن لها، يقول المؤلف: ليس لها قسم، وليس لها نفقة، أما كونها ليس لها قسم فلا شك في ذلك؛ لأنها اختارت ذلك بسفرها.
وأما أنه لا نفقة لها؛ لأن النفقة في مقابلة الاستمتاع، وهذا فيه نظر؛ لأن المرأة لم تمنع زوجها من نفسها إلا بعد أن أذن، فإذا أذن والحق له، فإن حقها لا يسقط، فلها أن تطالبه بالنفقة، ولكن لا يجب عليه من النفقة إلا مقدار نفقة الحضر؛ لأنها إذا سافرت تحتاج إلى أجرة للذهاب وأجرة للإياب، وربما تكون البلد الثانية المؤنة فيها أشد، والسعر فيها أغلى، فلا يلزمه إلا مقدار نفقة الإقامة، إلا إذا أذن بذلك ورضي، وقال: أنا آذن لك، والنفقة عليَّ، فهنا لا إشكال في أنها تجب عليه” انتهى من “الشرح الممتع” (12/433).
وأما إن انشغل الزوج عن الذهاب إليها وإرجاعها، فهذا يتفرع على مسألة: هل يلزمه الذهاب إليها وإرجاعها؟
والجواب: أنه لا يلزمه ذلك، كما لا يلزمه الذهاب بها إلى أهلها ابتداء، إلا اشترطت عند سفرها إرجاعها، وقَبِل، أو كان يعلم أنه لا محرم لها يمكنه أن يرجع بها إلى بلد زوجها، أو كان العرف أنها إن ذهبت إلى أهلها بإذنه فهو الذي يرجعها، والقاعدة أن المعروف عرفا كالمشروط شرطا.
فحينئذ، إذا تأخر في إرجاعها، كان تفويت القَسْم من قِبَله، فيلزمه أن يقضي لها ما فات بسبب تأخره.
وإذا لم يكن اتفاق ولا عرف، فإنه لا يلزمه إرجاعها، وعليها أن ترجع مع محرم لها، فإن تبرع الزوج بإرجاعها، وتأخر لانشغاله، لم يلزمه القضاء لها، لأن تفويت القسم جاء من جهتها، وتلحق هذه المدة بأصل أيام سفرها.
وأما إن كان الزوج طلب منها السفر لحاجته، فإنه يقضي لها مدة غيابها إلى أن تعود.
قال ابن قدامة رحمه الله: “فأما إن أشخصها، وهو أن يبعثها لحاجته، أو يأمرها بالنقلة من بلدها، لم يسقط حقها من نفقة ولا قسم؛ لأنها لم تفوت عليه التمكين، ولا فات من جهتها، وإنما حصل بتفويته، فلم يسقط حقها، كما لو أتلف المشتري المبيع، لم يسقط حق البائع من تسليم ثمنه إليه. فعلى هذا، يقضي لها بحسب ما أقام عند ضرتها” انتهى من “المغني” (7/313).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب