تنزيل
0 / 0

هل صح عن عمر أنه لما قيل له : ” ألا تكسوا الكعبة بالحرير ؟ قال : بطون المسلمين أولى ” ؟

السؤال: 304368

عندما سئل عمر أين كسوة الكعبة، قال : بطون المسلمين أولى، فهل هذه الرواية صحيحة ؟

ملخص الجواب

لم نقف لذلك القول على أثر في كتب السنة والآثار ، ولا في غيرها من المصنفات ، بحسب ما بحثنا ، ولم نقف أيضا على أحد من أهل العلم المعتبرين ذكره في كتابه . فلا يجوز نشره ، والحال ما ذكر ، ولا نسبته إلى عمر رضي الله عنه .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

انتشر بين كثير من الناس ، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قيل له : ” ألا تكسو الكعبة بالحرير ؟ قال : بطون المسلمين أولى ” !! .

ولم نقف لذلك القول على أثر في كتب السنة والآثار ، ولا في غيرها من المصنفات ، بحسب ما بحثنا ، ولم نقف أيضا على أحد من أهل العلم المعتبرين ذكره في كتابه .

فلا يجوز نشره ، والحال ما ذكر ، ولا نسبته إلى عمر رضي الله عنه .

ولكن صح أن عمر رضي الله عنه أراد أن يقسم كنز الكعبة المدفون فيها على فقراء المسلمين ، فلما أُخبر بأن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر لما يفعلا ذلك ، توقف عنه واقتدى بهما.

ففي “صحيح البخاري” (1594) عَنْ وَاصِلٍ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، قَالَ : جَلَسْتُ مَعَ شَيْبَةَ عَلَى الكُرْسِيِّ فِي الكَعْبَةِ ، فَقَالَ : لَقَدْ جَلَسَ هَذَا المَجْلِسَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ : ” لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لاَ أَدَعَ فِيهَا صَفْرَاءَ وَلاَ بَيْضَاءَ إِلَّا قَسَمْتُهُ ” .

قُلْتُ : إِنَّ صَاحِبَيْكَ لَمْ يَفْعَلاَ !!

قَالَ : ” هُمَا المَرْءَانِ أَقْتَدِي بِهِمَا “.

وصح عَنْ شَقِيقٍ أنه قَالَ : بَعَثَ رَجُلٌ مَعِيَ بِدَرَاهِمَ هَدِيَّةً إِلَى الْبَيْتِ ، قَالَ : فَدَخَلْتُ الْبَيْتَ ، وَشَيْبَةُ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ ، فَنَاوَلْتُهُ إِيَّاهَا ، فَقَالَ: أَلَكَ هَذِهِ ؟

قُلْتُ: لَا ، وَلَوْ كَانَتْ لِي لَمْ آتِكَ بِهَا . 

قَالَ : أَمَا لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ ، لَقَدْ جَلَسَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَجْلِسَكَ الَّذِي جَلَسْتَ فِيهِ ، فَقَالَ : لَا أَخْرُجُ حَتَّى أَقْسِمَ مَالَ الْكَعْبَةِ بَيْنَ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ ، قُلْتُ : مَا أَنْتَ فَاعِلٌ ، قَالَ : لَأَفْعَلَنَّ ، قَالَ : وَلِمَ ذَاكَ ؟ قُلْتُ : لِأَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَدْ رَأَى مَكَانَهُ وَأَبُو بَكْرٍ ، وَهُمَا أَحْوَجُ مِنْكَ إِلَى الْمَالِ ، فَلَمْ يُحَرِّكَاهُ ، فَقَامَ كَمَا هُوَ، فَخَرَجَ .

أخرجه ابن ماجه (3116)، وصححه الألباني في “صحيح ابن ماجه” (2546)، والأرناؤوط في “تحقيق سنن ابن ماجه”.

قال الحافظ ابن حجر : ” قال ابن بطال : أراد عمر لكثرته إنفاقه في منافع المسلمين ، ثم لما ذكر بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعرض له ، أمسك .

وإنما تركا ذلك – والله أعلم- ؛ لأن ما جعل في الكعبة ، وسُبِّل لها : يجري مجرى الأوقاف ؛ فلا يجوز تغييره عن وجهه ، وفي ذلك تعظيم الإسلام وترهيب العدو .

قلت : أما التعليل الأول : فليس بظاهر من الحديث ؛ بل يحتمل أن يكون تركه صلى الله عليه وسلم لذلك رعاية لقلوب قريش ، كما ترك بناء الكعبة على قواعد إبراهيم .

ويؤيده ما وقع عند مسلم في بعض طرق حديث عائشة في بناء الكعبة : (لأنفقت كنز الكعبة) ، ولفظه : ( لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله ولجعلت بابها بالأرض ) الحديث .

فهذا التعليل هو المعتمد ” انتهى من “فتح الباري” (3/ 456).

وجاء عنه رضي الله تعالى عنه أنه كسا الكعبة القَباطي من بيت المال ، فجاء في “أخبار مكة” للأزرقي (1/ 253) : عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ” أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَسَا الْكَعْبَةَ الْقَبَاطِيَّ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ، وَكَانَ يَكْتُبُ فِيهَا إِلَى مِصْرَ ، تُحَاكُ لَهُ هُنَاكَ. ثُمَّ عُثْمَانُ مِنْ بَعْدِهِ .

فَلَمَّا كَانَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ كَسَاهَا كِسْوَتَيْنِ : كِسْوَةَ عُمَرَ الْقَبَاطِيَّ ، وَكِسْوَةَ دِيبَاجٍ ، فَكَانَتْ تُكْسَى الدِّيبَاجَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ، وَتُكْسَى الْقَبَاطِيَّ فِي آخِرِ شَهْرِ رَمَضَانَ لِلْفِطْرِ ، وَأَجْرَى لَهَا مُعَاوِيَةُ وَظِيفَةً مِنَ الطِّيبِ لِكُلِّ صَلَاةٍ ، وَكَانَ يَبْعَثُ بِالطِّيبِ وَالْمُجْمَرِ وَالْخَلُوقِ فِي الْمَوْسِمِ وَفِي رَجَبٍ ، وَأَخْدَمَهَا عَبِيدًا بَعَثَ بِهِمْ إِلَيْهَا ، فَكَانُوا يَخْدُمُونَهَا ، ثُمَّ اتَّبَعَتْ ذَلِكَ الْوُلَاةُ بَعْدَهُ ” انتهى .

والقباطي : ثوب أبيض رقيق كان ينسج بمصر ، وكأنه منسوب إلى القبط ، وهم أهل مصر .

ينظر “النهاية” لابن الأثير (4/10) .

فهذا الأثر يدل على بطلان الأثر الوارد في السؤال .

وإن صح الأثر الوارد في السؤال ، فلعله كان في وقت حاجة المسلمين وفقرهم ، كعام الرمادة.

والله أعلم .

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android
at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android