تنزيل
0 / 0

حول معنى ما جاء في الأثر المروي عن ابن عباس :” ودميتها في الشهر مرتين “.

السؤال: 309817

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : ” لَمَّا أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ : مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تَعْصِيَنِي ؟ قَالَ : رَبِّ ، زَيَّنَتْهُ لِي حَوَّاءُ ، قَالَ : فَإِنِّي أَعْقَبْتُهَا أَنْ لا تَحْمِلَ إِلا كُرْهًا ، وَلا تَضَعُ إِلا كُرْهًا ، وَدَمَيْتُهَا فِي الشَّهْرِ مَرَّتَيْنِ . فَلَمَّا سَمِعَتْ حَوَّاءُ ذَلِكَ رَنَّتْ ، فَقَالَ : عَلَيْكِ الرَّنَّةُ وَعَلَى بَنَاتِكِ ” ما صحة هذا الحديث؟ و مالمقصود ب (ودميتها في الشهر مرتين) ؛ لأن اآن فترة الدورة مرة في الشهر ، فهل الأمر كان يختلف مع حواء والأزمان السابقة ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا:

أخرجه ابن أبي الدنيا في “الرقة والبكاء” (307) ، وأحمد بن منيع في “مسنده” كما في “المطالب العالية” (215) ، وابن المنذر في “الأوسط” (779) ، وأبو الشيخ في “العظمة” (5/1583) ، والحاكم في “المستدرك” (3437) ، والبيهقي في “شعب الإيمان” (5407) ، جميعا من طريق عباد بن العوام ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: ” لَمَّا أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ عَصَيْتَنِي؟ قَالَ: رَبِّ زَيَّنَتْهُ لِي حَوَّاءُ . قَالَ: فَإِنِّي أَعْقَبْتُهَا أَنْ لَا تَحْمِلَ إِلَّا كُرْهًا ، وَلَا تَضَعَ إِلَّا كُرْهًا . وَدَمَّيْتُهَا فِي الشَّهْرِ مَرَّتَيْنِ . فَلَمَّا سَمِعَتْ حَوَّاءُ ذَلِكَ رَنَّتْ . فَقَالَ لَهَا: عَلَيْكِ الرَّنَةُ وَعَلَى بَنَاتِكِ “.

وإسناده صحيح إلى ابن عباس رضي الله عنهما .

قال ابن حجر في “المطالب العالية” (215) :” هذا موقوف صحيح الإسناد “. انتهى

إلا أن في النفس منه شيئا ، فإن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كان ممن أخذ عن كعب الأحبار ، وهو ينقل عن بني إسرائيل ، فيُخشى أن يكون ذلك مما أخذه عن كعب الأحبار .

والحافظ ابن كثير قد نقل عدة آثار عن ابن عباس رضي الله عنهما ، إلا أنه توقف في الاحتجاج بها لأجل هذه العلة .

قال ابن كثير في “البداية والنهاية” (1/21) :” وَهُوَ مَحْمُولٌ إِنْ صَحَّ نَقْلُهُ عَنْهُ على أنه أخذه ابن عباس رضى الله عنه عَنِ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ ” انتهى .

وقال ابن كثير أيضا في “تفسير القرآن العظيم” (5/293) :” أخرجه أبو جعفر بن جرير ، وابن أبي حاتم في تفسيريهما ، كلهم من حديث يزيد بن هارون به . وهو موقوف من كلام ابن عباس ، وليس فيه مرفوع إلا قليل منه ، وكأنه تلقاه ابن عباس ، رضي الله عنه مما أبيح نقله من الإسرائيليات عن كعب الأحبار أوغيره ” انتهى.

وقال في “تفسيره” أيضا (7/69) :” إسناده إلى ابن عباس قوي ، ولكن الظاهر أنه إنما تلقاه ابن عباس – إن صح عنه – من أهل الكتاب ”  انتهى.

وقد نص ابن الصلاح في مقدمته “علوم الحديث” (ص182) ، أن العبادلة ممن رووا عن كعب الأحبار .

وقال شيخ الإسلام في “الرد على البكري” (2/581) :” فلما رخص في الحديث عن بني إسرائيل استجاز ذلك عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عباس “. انتهى.

وقد سبق بيان ذلك أيضا في جواب السؤال رقم : (290591) .

ثانيا:

مما يقوي أن هذا الأثر لا يصح مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ويرجح جانب تلقيه عن بني إسرائيل: أن قوله فيه : ( ودميتها في الشهر مرتين ) : مخالف لعادة النساء الغالبة أنها تحيض في الشهر مرة واحدة .

وقال البغوي في “التهذيب في فقه الشافعي” (6/238) :” والغالب من عادات النساء أنهن يحضن في كل شهر مرة “. انتهى.

وقال ابن نجيم في “البحر الرائق” (1/223) :” الْغَالِبُ أَنَّ النِّسَاءَ تَحِيضُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً “. انتهى

وليس معنى ذلك انتفاء أن تحيض المرأة أكثر من مرة في الشهر ، بل قد تحيض المرأة ثلاث حيض في الشهر ، إلا أن هذا نادر .

فقد بوب الإمام البخاري في “صحيحه” فقال :” باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض “.

وقال ابن رجب في “فتح الباري” (2/145) :” وأما ما ذكره البخاري عَن عطاء والنخعي: فروى ابن المبارك ، عَن ابن لهيعة ، عَن خالد بنِ يزيد ، عَن عطاء في امرأة طلقت ، فتتابعت لها ثلاث حيض في شهر: هل حلت ؟ قالَ: أقراؤها ما كانت .

وروي نحوه عَن النخعي ، كَما حكاه البخاري ، وحكاه عَنهُ إسحاق بن راهويه .

فهؤلاء كلهم يقولون: إن المرأة قَد تنقضي عدتها بثلاثة أقراء في شهر واحد ، وَهوَ قول كثير مِن العلماء، مِنهُم: مالك ، وأحمد ، وإسحاق وغيرهم “. انتهى.

لذا : فنرى أنه مع صحة الإسناد إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، إلا أنه لا يأخذ حكم المرفوع ، لاحتمال أن يكون أخذه عن كعب الأحبار.

ولمزيد إيضاح حول معنى ما جاء في الأثر من قوله :” زينته لي حواء “. يمكن مراجعة جواب السؤال رقم : (275776) .

والله أعلم .

 

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android