0 / 0

حول صحة حديث ابن عباس ، أنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرج فخذي الحسين وقبل زبيبته .

السؤال: 310392

بينما كنت أقرأ كتابًا ، صادفت حديثًا يقول : إن النبي قد باعد ساقي الحسين وقبّل زبيبته ، فهل هذه الرواية صحيحة ؟ لقد وجدت أحاديث أخرى زعمت أن النبي مصّ أيضا ألسنتهم ، هل حقا فعل ذلك؟

ملخص الجواب

حديث تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم زبيبة الحسين لا يصح ، وأما مصه لسان الحسن فصحيح إن شاء الله .

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أما حديث تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم زبيبة الحسين : فإنه لا يصح ، وقد روي من أربعة طرق:

الأول :

أخرجه الطبراني في “المعجم الكبير” (3/51) ، وابن أبي الدنيا في “العيال” (211) ، والضياء في “المختارة” (549) ، وابن عدي في “الكامل” (7/175) ، من طريق جرير ، عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ:” رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَّجَ مَا بَيْنَ فَخِذَيِ الْحُسَيْنِ وَقَبَّلَ زَبِيبَتَهُ “.

وإسناده ضعيف ، علته قابوس بن أبي ظبيان .

ضعفه الإمام أحمد ، وابن معين ، كما في “العلل” (771) ، (4018) ، وابن سعد في “الطبقات” (6/339) ، وقال أبو حاتم كما في “الجرح والتعديل” (7/145) :” ضعيف الحديث ، لين حديثه ، ولا يحتج به “. انتهى ، وقال ابن حبان في “المجروحين” (2/216) :” كَانَ رَدِيء الْحِفْظ ، يتفرد عَن أَبِيه بِمَا لَا أصل لَهُ ، رُبمَا رفع الْمَرَاسِيل ، وَأسْندَ الْمَوْقُوف “. انتهى

والحديث ضعفه ابن طاهر في “ذخيرة الحفاظ” (2/770) ، وقال :” ولا يتابع قابوس عليه ، مع ضعفه  “. انتهى .

وضعفه ابن حجر في “التلخيص الحبير” (1/222) ، وقال :” وَقَابُوسٌ ضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ ”   انتهى.

الثاني :

أخرجه البيهقي في “السنن الكبرى” (651) ، من طريق محمد بن إسحاق ، قال حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ  ، قال حَدَّثَنِى أَبِى ، قال حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى لَيْلَى ، عَنْ عِيسَى  ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى ، عَنْ أَبِى لَيْلَى قَالَ : ” كُنَّا عِنْدَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم – فَجَاءَ الْحَسَنُ فَأَقْبَلَ يَتَمَرَّغُ عَلَيْهِ ، فَرَفَعَ عَنْ قَمِيصِهِ وَقَبَّلَ زَبِيبَتَهُ “.

وإسناده ضعيف ، علته : محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى .

قال شعبة كما في “سؤالات السلمي” (248) :” ما رأيتُ أسوأَ حِفظًا مِن ابنِ أبي ليلى “. انتهى ، وقال فيه أحمد بن حنبل كما في “العلل” (862) :” مضطرب الحديث ” . انتهى ، وقال النسائي كما في “الضعفاء والمتروكون” :” ليس بالقوي في الحديث “. انتهى ، وقال ابن معين :” ليس بذاك ” . وقال أبو حاتم :” محله الصدق، كان سيئ الحفظ ، شغل بالقضاء فساء حفظه ، لا يتهم بشيء من الكذب، إنما ينكر عليه كثرة الخطأ، يكتب حديثه ولا يحتج به “. انتهى من “الجرح والتعديل” (7/323) ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ رَدِيء الْحِفْظ كثير الْوَهم ، وَقَالَ أَبُو أَحْمد الْحَاكِم عَامَّة أَحَادِيثه مَقْلُوبَة “. انتهى من “المغني للضعفاء” للذهبي (2/603) . وقال ابن حبان في “المجروحين” (2/244) :” كَانَ رَدِيء الْحِفْظ كثير الْوَهم فَاحش الْخَطَأ يروي الشَّيْء على التَّوَهُّم وَيحدث على الحسبان، فَكثر الْمَنَاكِير فِي رِوَايَته فَاسْتحقَّ التّرْك ” انتهى.

والحديث ضعفه البيهقي فقال بعد روايته له :” إسناده غير قوي “. انتهى ، وضعفه ابن الصلاح في “شرح مشكل الوسيط” (1/191) ، والنووي في “المجموع” (2/43) ، والشيخ الألباني في “إرواء الغليل” (1811) .

الثالث :

أخرجه تمام في “الفوائد” (610) ، ومن طريقه ابن عساكر في “تاريخ دمشق” (13/222) ، من طريق مُحَمَّد بْن سُفْيَانَ الْمِصِّيصِي ، قال ثنا الْيَمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، قال ثنا الْحَارِثُ بْنُ عَطِيَّةَ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:” رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْرِجُ بَيْنَ رِجْلَيِ الْحَسَنِ وَيُقَبِّلُ ذَكَرَهُ “.

وإسناده ضعيف ، فيه علتان:

الأولى : الانقطاع ، حيث لم يسمع إبراهيم النخعي من أحد من الصحابة ، كما نصّ على ذلك علي بن المديني في “المراسيل” لابن أبي حاتم (19) .

الثانية : يمان بن سعيد ، ضعفه الدارقطني كما في “الضعفاء والمتروكين” (610).

والحديث ضعفه أيضا ابن حجر الهيتمي في “تحفة المحتاج” (7/197).

الرابع :

أخرجه الخطيب في “تاريخ بغداد” (4/464) فقال :” أَخْبَرَنِي الأَزْهَرِيُّ ، قَالَ: أخبرنا الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا الْجَرِيرِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَزْيَدِ بْنِ أَبِي الأَزْهَرِ ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ ، عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَده ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ: وحدثنا مَرَّةً أُخْرَى ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ:” رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُفَحِجُ بَيْنَ فَخِذَيِ الْحُسَيْنِ وَيُقَبِّلُ زَبِيبَتَهُ وَيَقُولُ:   لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَكَ   .

قَالَ جَابِرٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ قَاتِلُهُ؟ قَالَ:  رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي يُبْغِضُ عِتْرَتِي لا يَنَالُهُ شَفَاعَتِي ، كَأَنِّي بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَطْبَاقِ النِّيرَانِ يَرْسَبُ تَارَةً وَيَطْفُو أُخْرَى ، وَإنَّ جَوْفَهُ لَيَقُولُ غَقْ غَقْ  .

قال الخطيب البغدادي :” وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا مَوْضُوعٌ إِسْنَادًا وَمَتْنًا ، وَلا أُبْعِدُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ أَبِي الأَزْهَرِ وَضَعَهُ ، وَرَوَاهُ عَنْ قَابُوسَ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ جَابِرٍ ، ثُمَّ عَرِفَ اسْتِحَالَةَ هَذِه الرِّوَايَة،ِ فَرَوَاهُ بَعْدُ وَنَقَّصَ مِنْهُ عَنْ جَدِّهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا ظَبْيَانَ قَدْ أَدْرَكَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ وَسَمِعَ مِنْهُ ، وَسَمِعَ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَيْضًا ، واسم أبي ظبيان حصين بن جندب ، وجندب أبوه لا يُعْرَفُ ، أكان مسلما أو كافرا، فضلا عن أن يكون روى شيئا . ولكن في الحديث الذي ذكرناه عنه فساد آخر لم يقف واضعه عليه فيغيره ، وهو استحالة رواية سعيد بن عامر عن قابوس ، وذلك أن سعيدا بصري وقابوسا كوفي ولم يجتمعا قط ، بل لم يدرك سعيد قابوسا! وكان قابوس قديما روى عنه سفيان الثوري وكبراء الكوفيين ، ومن آخر من أدركه جرير بن عبد الحميد ، وليس لسعيد بن عامر رواية إلا عن البصريين خاصة ، والله أعلم ” انتهى.

والذي صح في هذا: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل بطن الحسن وهو صغير، عندما يداعبه ويمازحه .

والحديث أخرجه أحمد في “مسنده” (7462) ، من طريق ابْنِ عَوْنٍ ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ:” كُنْتُ مَعَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، فَلَقِيَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ ، فَقَالَ: أَرِنِي أُقَبِّلْ مِنْكَ حَيْثُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ . قَالَ: فَقَالَ: بِقَمِيصِهِ ، قَالَ: فَقَبَّلَ سُرَّتَهُ “.

والحديث حسن .

قال الهيثمي في “مجمع الزوائد” (9/177) :” رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَالطَّبَرَانِيُّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: فَكَشَفَ عَنْ بَطْنِهِ ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى سُرَّتِهِ . وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ ، وَهُوَ ثِقَةٌ “. انتهى.

وعمير بن إسحاق : وثقه ابن معين ، كما في “الجرح والتعديل” (6/375) ، وقال النسائي ليس به بأس . انتهى من “تهذيب الكمال” (22/370) .

وأما حديث مصّ النبي صلى الله عليه وسلم لسان الحسن ، فهو حديث صحيح ، وروي من عدة طرق ، نذكر منها أشهرها :

وهو ما أخرجه أحمد في “مسنده” (16848) ، من طريق عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ الْجُرَشِيِّ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ ، قَالَ:” رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” يَمُصُّ لِسَانَهُ – أَوْ قَالَ: شَفَتَهُ ، يَعْنِي الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ – وَإِنَّهُ لَنْ يُعَذَّبَ لِسَانٌ أَوْ شَفَتَانِ مَصَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “.

قال الهيثمي في “مجمع الزوائد” (9/177) :” رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ ، وَهُوَ ثِقَةٌ “. انتهى.

وعبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي ، وثقه الدارقطني كما في “سؤالات السلمي” (398) ، والذهبي في “الكاشف” (3284).

وفي حاشية “مسند أحمد” ط الرسالة (28/62): ” إسناده صحيح”  انتهى.

فمما سبق يتبين أن حديث تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم زبيبة الحسين لا يصح ، وأما مصه لسان الحسن فصحيح إن شاء الله .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android