استمعت قبل مدة لأحد الدكاترة من بلد عربي يقول فيه : بأن الحائض يجب أن تصوم ، وما من دليل على أنها يجب أن تفطر ، ورد أحد رجال الدين على هذا بحديث للرسول صلى الله عليه وسلم فيما معنى الحديث : ” أمرنا أن نقضي الصيام ولا نقضي الصلاة والاختلاف هنا يكمن في معنى القضاء ، فقد ورد في القرآن آيات كثيرة كان فيها القضاء بمعنى أداء الفرائض ، مثلا : الآية 200 من سورة البقرة:(فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ…) ، الآية 103 من سورة النساء:( فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ ….) ، الآية 29 من سورة الحج: ( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ )، الآية 10 من سورة الجمعة:( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ …) ، وكلها هنا ورد فيها معنى القضاء بالأداء وليس التعويض ، فهل هذا يعني أن المقصود من الحديث الذي أمرنا فيه بقضاء الصيام دون الصلاة هو أن الحائض يجب أن تؤدي صيامها ولا تؤدي صلاتها ؟ وليس تعويض الصيام ؟
القول بأن الحائض تصوم مخالف للسنة والإجماع
السؤال: 310596
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الحائض لا يجب عليها الصوم، إجماعا. ويحرم عليها أن تصوم.
قال ابن حزم رحمه الله في مراتب الإجماع، ص40 : “وأجمعوا أَن الْحَائِض تقضي مَا أفطرت فِي حَيْضهَا.
وَأَجْمعُوا وَأجْمع من يَقُول على أَن الْحَائِض لَا تَصُوم أَن النُّفَسَاء لَا تَصُوم” انتهى.
وقال ابن المنذر في كتابه “الإجماع”، ص42: ” وأجمعوا على أن الحائض لا صلاة عليها في أيام حيضتها، فليس عليها القضاء.
وأجمعوا على أن عليها قضاء الصوم الذي تفطره في أيام حيضتها في شهر رمضان” انتهى.
وقال ابن القطان في “الإقناع في مسائل الإجماع” (1/ 103):
“وامتناع الصلاة والصيام والطواف والوطء في الفرج، في حال الحيض: بإجماع متيقن، بلا خلاف بين أحد من أهل الإسلام فيه، (إلا قومًا) من (الأزارقة)، وحقهم ألا يُعدوا في أهل الإسلام.
وأجمع أهل العلم على أن قضاء ما تركت من الصلاة في أيام حيضتها غير واجب عليها.
وأجمعوا على أن عليها قضاء ما تركت من الصوم في أيام حيضتها”.
وقال في (1/ 230): “واتفقوا أن الحائض لا تصوم، واختلفوا في المستحاضة تصوم أم لا” انتهى.
فأهل العلم متفقون على أن الحائض ممنوعة من الصوم والصلاة، وأنها تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة.
وأما التشكيك في ذلك بالنظر إلى أن القضاء يأتي بمعنى الأداء، فلا قيمة له، فإن الإجماع يقطع الاحتمال.
ثم هذا الاحتمال مردود بالسنة الصريحة أيضا:
فقد روى البخاري (1951) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ، فَذَلِكَ نُقْصَانُ دِينِهَا).
وهذا صريح في أن الحائض لا تصوم، كما أنها لا تصلي.
وروى البخاري (1950) ، ومسلم (1146) عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، تَقُولُ: (كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ، الشُّغْلُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
وعَنْ مُعَاذَةَ، قَالَتْ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ. فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي أَسْأَلُ. قَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ.
رواه البخاري (321) ، ومسلم (69/335)، واللفظ له.
وهذا القضاء لا شك أنه التعويض، لا الأداء، والغالب أن تركها الصيام لأجل الحيض، وقد يكون شيء منه لأجل السفر.
والحاصل: أن كون الحائض لا تصوم، أمر مجمع عليه، مقطوع به، فلا يلتفت إلى من يقول بخلاف ذلك؛ فإنه شذوذ وضلالة، لم يقل بها أحد من أهل العلم من قبل، وليس عليها أثارة من علم، إلا أنه الشذوذ، واتباع الهوى بغير علم.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب