ما صحة الحديث المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم : (اللهم إني أعوذ بك من زوجة تشيبني قبل المشيب) ؟
درجة حديث : ” اللهم إني اعوذ بك من زوج تشيبني قبل المشيب ” .
السؤال: 310963
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أخرج الطبراني في “الدعاء” (ص: 399) عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَارِ السُّوءِ ، وَمِنْ زَوْجٍ تُشَيِّبُنِي قَبْلَ الْمَشِيبِ ، وَمِنْ وَلَدٍ يَكُونُ عَلَيَّ رِبًا ، وَمِنْ مَالٍ يَكُونُ عَلَيَّ عَذَابًا ، وَمِنْ خَلِيلٍ مَاكِرٍ عَيْنَهُ تَرَانِي وَقَلْبُهُ يَرْعَانِي، إِنْ رَأَى حَسَنَةً دَفَنَهَا ، وَإِذَا رَأَى سَيِّئَةً أَذَاعَهَا .
وفي إسناده نظر :
ففيه : أبو خالد الأحمر ، مختلف في توثيقه ، فضعفه جماعة من العلماء ووثقه آخرون .
ورتبته عند الحافظ ابن حجر : “صدوق يخطئ ” . وينظر : “تقريب التهذيب” (2547).
كما أن فيه : محمد بن عجلان ، وهو مختلف فيه أيضًا .
قال الذهبي – رحمه الله – :
” إمام صدوق مشهور ، روى عن أبيه ، والمقبري ، وطائفة . وعنه مالك ، وشعبة، ويحيى القطان.
وثقه أحمد ، وابن معين ، وابن عيينة ، وأبو حاتم .
وروى عباس ، عن ابن معين ، قال : ابن عجلان أوثق من محمد بن عمر ، وما يشك في هذا أحد.
قال الحاكم : أخرج له مسلم في كتابه ثلاثة عشر حديثاً كلها شواهد .
وقد تكلم المتأخرون من أئمتنا في سوء حفظه .
قلت : والثلاثة المسمون قلَّ ما رووا عنه .
قال يحيى القطان : كان مضطربًا في حديث نافع “.
انتهى من “ميزان الاعتدال” (3/ 644).
وقال الحافظ ابن حجر: ” صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبى هريرة “. وينظر : “تقريب التهذيب” (6136).
وقد جود الألباني رحمه الله هذا الإسناد في “السلسلة الصحيحة” (7/ 377) فقال : ” وهذا إسناد جيد ، رجاله كلهم من رجال ” التهذيب “، ولولا الخلاف المعروف في ابن عجلان ؛ لقلت بصحته ” انتهى.
كما جود إسناده أيضًا الشيخ : محمد عمرو عبد اللطيف رحمه الله ، إلا أنه ذكر أن وصل الحديث ورفعه وهم ، وأن الصحيح أنه من قول سعيد المقبري رحمه الله ، فقال :
” هذا إسناد جيد لكن وصله ورفعه وهم ، والصحيح أنَّه من قول سعيد المقبري رحمه الله – يحكيه عن داود عليه السلام -كما رواه ابن أبي شيبة (10/ 277)، وهناد (2038، 1401)، وبحشل في “تاريخ واسط” (ص 130) ، عن أبى سعيد عبد الله بن سعيد الأشج ، ثلاثتهم عن أبي خالد الأحمر عن ابن عجلان عن سعيد قال : كان من دعاء داود النبي صلى الله عليه وآله وسلم … فذكره.
وابن أبي شيبة وهناد والأشج ثقات حفاظ كلهم ، أما الحسن بن حماد الحضرمي – ولقبه : سجادة – فثقة كما قال ابن حبان والخطيب والذهبي في “الكاشف” (1/ 220) بل قال الحافظ في “التقريب” (1230): “صدوق”.
ولا أعلم أحدًا وصفه بالحفظ ، ومنشأ الوهم عندي أن أبا خالد الأحمر – واسمه : سليمان بن حيان – كان قد حَدَّث أيضًا عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحديث : ” اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة ، فإن جار البادية يتحول ” ، كما عند ابن أبي شيبة (8/ 359)، وعنه الطبراني (1340)، والبخاري في “الأدب” (117)، وابن حبان (2056)، والحاكم (1/ 532)، كما حدَّث عن ابن عجلان عن سعيد المقبري قال : ” كان من دعاء داود … الخ” ؛ فاختلط الأمر على الحسن بن حماد ، فأدرج المتنين بالسند الموصول وحده ، ولم يفصل هذا من ذاك .
هذا إن لم يكن الوهم من الحافظ الطبراني نفسه – رحمه الله – فإن له أوهامًا نادرة ، فانظر ترجمته من “لسان الميزان” (3/ 383، 384) ” . انتهى من “تبييض الصحيفة بأصول الأحاديث الضعيفة” (1/ 36).
والذي يطمئن إليه القلب : أن رفع الحديث ووصله : وهم من أحد الرواة المختلف فيهم ، وإنما هو من قول سعيد المقبري يحكيه عن داود عليه السلام ، كما جاء في رواية الحفاظ .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب