كيف يستطيع المسلم الوصول لأحكام الله تعالى؟
إن أوامر الله تعالى ونواهيه موجودان في كتاب الله تعالى وسنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم، وقد بيَّن ذلك العلماء في كتبهم سواء الحديثية أو الفقهية.
وقد جمع بعض العلماء كتباً خاصَّة في “آيات الأحكام”، وآخرون جمعوا كتباً في “أحاديث الأحكام”، ثم تتابعت الشروحات لهذه الكتب وهذه المتون فكان منها “أحكام القرآن” للجصاص، و “نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار” و “سبل السلام شرح بلوغ المرام”، و “إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام”.
فيستطيع المسلم الوصول لأحكام الله تعالى وأوامره ونواهيه عن طريقين:
- الأول: الكتب الموثوق بها. ويمكنكم مراجعة الأسئلة التالية ففيها زيادة بيان في أسماء الكتب الموثوقة: (14082)، (20191).
- والثاني: العلماء الموثوق بهم. قال الشيخ ابن عثيمين:
“ولنيل العلم طريقان:
- أحدهما: أن يتلقى ذلك من الكتب الموثوق بها، والتي ألَّفها علماء معروفون بعلمهم، وأمانتهم، وسلامة عقيدتهم من البدع والخرافات…
- الثاني: أن تتلقى ذلك من معلم موثوق في علمه ودينه، وهذا الطريق أسرع وأتقن للعلم؛ لأن الطريق الأول قد يضل فيه الطالب وهو لا يدري، إما لسوء فهمه، أو قصور علمه، أو لغير ذلك من الأسباب… وإذا جمع الطالب بين الطريقين: كان ذلك أكمل وأتم، وليبدأ الطالب بالأهم فالأهم، وبمختصرات العلوم قبل مطولاتها، حتى يكون مترقيّاً من درجة إلى درجة أخرى، فلا يصعد درجة حتى يتمكن من التي قبلها، حتى يكون صعوده سليماً. انتهي من “كتاب العلم” (ص 64، 65).
العلم قبل العمل
وأما العمل بما أنزل الله: فلا يمكن أن يكون قبل العلم بما أنزل الله، فعلى المسلم أن يحرص على العلم ثم إذا علم فعليه أن يعمل بما علمه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
“قال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يُقرئوننا القرآن: عثمان بن عثمان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلَّموا من النَّبي صلَّى الله عليه وسلم عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلَّمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً.
وقال الحسن البصري: “ما أنزل الله آية إلا وهو يحب أن يعلم في ماذا نزلت وماذا عنى بها. وقد قال تعالى: أفلا يتدبرون القرآن، وتدبر الكلام إنما يُنتفع به إذا فُهم، وقال: إنَّا جعلناه قرآناً عربيّاً لعلكم تعقلون، فالرسل تبيِّن للناس ما أنزل إليهم من ربهم، وعليهم أن يبلغوا الناس البلاغ المبين، والمطلوب من الناس أن يعقلوا ما بلغه الرسل، والعقل يتضمن العلم والعمل، فمن عرف الخير والشر فلم يتبع الخير ويحذر الشر: لم يكن عاقلاً، ولهذا لا يعدُّ عاقلاً إلا من فعل ما ينفعه واجتنب ما يضره، فالمجنون الذي لا يفرق بين هذا وهذا قد يلقي نفسه في المهالك، وقد يفر مما ينفعه.” انتهى من “مجموع الفتاوى” (15 / 108).
والعمل بما أنزل الله يكون بالوقوف على الأوامر وتنفيذها، وعلى النواهي والابتعاد عنها، وعلى القصص والأخبار وتصديقها والاعتبار بما فيها من عظات وعبَر.
والله أعلم.