أنا شاب أبلغ من العمر ٢٨ سنة، تعرفت على فتاة من مدينة أخرى بعيدة نسبيا، وتقدمت لخطبتها، رفض والداها في البداية الزواج لبعد المسافة عنهم، ٣ ساعات تقريبا، ولكنهم وافقوا بعد ذلك، المشكلة هو أن هذه الفتاة اشترطت بعد الخطبة كي تنتقل إلى مدينتي أن يتم تأخير الزواج لِأكثر من ٣ سنوات للعمل لتوفير جهازها، وتوفير سيارة لتسهيل تنقلها. فما حكم تأخير الزواج لهذه الأسباب علما بأني أخشى الوقوع في الفتن؟ وما حكم انتقال الزوجة للعيش في بلدة الزوج مع العلم أن فُرَص عَمَلِها أقل؟
خطب امرأة فاشترطت عليه تأخير الدخول بها ثلاث سنوات
السؤال: 318947
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
الأصل في الشروط في النكاح أنها جائزة ، فلكل واحد من الزوجين أن يشترط ما يرى فيه مصلحة له .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ رواه أبو داود (3594 )، ورواه الترمذي (1352) من حديث عمرو بن عوف. وصححه الألباني ؛ فقال رحمه الله تعالى : ” الحديث بمجموع الطرق يرتقى إلى درجة الصحيح لغيره ” انتهى من ” إرواء الغليل ” (5 / 145).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
” واعلم أن الأصل في جميع الشروط في العقود الصحة، حتى يقوم دليل على المنع؛ والدليل على ذلك: عموم الأدلة الآمرة بالوفاء بالعقد: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )، ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا )، وكذلك الحديث الذي روي عن الرسول عليه الصلاة والسلام:
( الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا )…
فالحاصل: أن الأصل في الشروط الحل والصحة، سواء في النكاح، أو في البيع…
والغريب أن فقهاء المذهب رحمهم الله يرون أن الوفاء بالشروط في عقد النكاح سنة وليس بواجب، حتى فيمن لا يملك الفسخ، ولكن هذا القول ضعيف، ومخالف لقول الرسول عليه الصلاة والسلام الثابت عنه في الصحيحين: (أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ).
فالصواب أنه يجب على الزوج والزوجة، وعلى كل من شُرط عليه شرط أن يوفي به، استنادا إلى الآيات التي أشرنا إليها، وإلى هذا الحديث الصحيح ” انتهى من”الشرح الممتع” (12 / 163 – 165).
فإذا اشترط أحدهما شرطا ليس بمضاد لأحكام الشرع، فهو شرط صحيح يجب الوفاء به.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
” وهاهنا قضيتان كليتان من قضايا الشرع الذي بعث الله سبحانه به رسوله:
إحداهما: أن كل شرط خالف حكم الله، وناقض كتابه: فهو باطل؛ كائنا ما كان.
والثانية: أن كل شرط لا يخالف حكمه، ولا يناقض كتابه، وهو ما يجوز تركه وفعله بدون الشرط -: فهو لازم بالشرط .
ولا يستثنى من هاتين القضيتين شيء، وقد دل عليهما كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، واتفاق الصحابة رضي الله عنهم ” انتهى من “إعلام الموقعين” (5 / 379).
وبناء على هذا؛ فإن اشتراط المخطوبة تأخير النكاح، إلى ما بعد ثلاث سنوات، شرط صحيح ، فإما أن توافق عليه ، وإما أن ترفض وتتزوج بغيرها .
وأما خوفك الفتنة، مع طول زمن الانتظار؛ فالذي يحسن؛ هو أن تفاوض وليها على تعجيل النكاح، مع إبقاء زوجتك في مدينتها عند أهلها، أو تؤجّر سكنا لها إن استطعت، وتزورها بين الحين والآخر؛ إلى أن تنتهي هذه السنوات .
فإن رفضوا وخفت على نفسك الفتنة فليس أمامك إلا أن تتزوج بغيرها .
عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ رواه البخاري (5066)، ومسلم (1400).
وللأهمية طالع جواب السؤال رقم : (146150).
ثانيا :
أما انتقال الزوجة إلى بلد زوجها فهذا واجب عليها ما دام البلد آمنا ، ولا ضرر عليها في ذلك .
وهي ليست في حاجة إلى العمل ما دام زوجها ينفق عليها .
أما إذا كان راتبه لا يكفي للنفقة عليها ، فلا يلزمها الانتقال إلا برضاها ، فمن حقها حينئذ أن لا تنتقل حتى تجد عملا مناسبا .
وينظر جواب السؤال : (138453) ، (129949) ، (262677) .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة