هل يجوز للموكل بتوزيع مال الزكاة أن يزوج رجلا فقيرا يريد الزواج، علما أن صاحب المال قد وكل شخصا لتوزيع الزكاة للفقراء والمساكين، وهذا الموكل وكل شخصا آخر؟
هل للوكيل في توزيع الزكاة أن يوكل غيره وهل له أن يعطي الزكاة لفقير يريد الزواج؟
السؤال: 319791
ملخص الجواب
– يجوز دفع الزكاة لمن احتاج إلى الزواج ولم يجد مالا، ولم يكن له من ينفق عليه من أب أو ابن، أو وجد، وامتنع من تزويجه، فيدفع له من الزكاة حينئذ – جمهور الفقهاء على أنه ليس للوكيل أن يوكل غيره، إلا إذا أذن له الموكل، أو قال له: اصنع ما شئت، أو تصرف كما شئت. وينظر الجواب المطول لمعرفة الصورة التي يجوز فيها ذلك
Table Of Contents
أولا:
دفع الزكاة لمن يريد الزواج
يجوز دفع الزكاة لمن احتاج إلى الزواج ولم يجد مالا، ولم يكن له من ينفق عليه من أب أو ابن، أو وجد، وامتنع من تزويجه، فيدفع له من الزكاة حينئذ، بشرط ألا يجاوز حد اللائق بمثله، ويقع في السرف والتبذير، كما هو مشاهد من حال كثير من الفقراء!!
ثانيا:
على الوكيل في الزكاة أن لا يحابي في إعطاء الزكاة
إذا وكل صاحب المال من يوزع له زكاته، وأعطاه حرية التصرف، حتى لو أعطى المال لشخص واحد، فلا حرج على الوكيل لو دفع المال لهذا الفقير الذي لا يجد ما يتزوج به.
وإذا كان مال الزكاة كثيرا، ولا يأخذ الفقير إلا بعضه فهذا أولى بالجواز.
وينبغي للوكيل أن يتوخى المصلحة، وألا يحابي في إعطاء الزكاة، ولا يجحف بمن كانت حاجته مثل هذا الفقير، أو أشد منه ؛ بل عليه أن يتقي الله في قسم مال الله بين أهله، والمستحقين له.
ثالثا:
هل يجوز للوكيل أن يوكل غيره؟
جمهور الفقهاء على أنه ليس للوكيل أن يوكل غيره، إلا إذا أذن له الموكل، أو قال له: اصنع ما شئت، أو تصرف كما شئت.
أما إذا قال له: وزع هذا المال، ولم يقل ما يفيد حرية التصرف، فليس له أن يوكل آخر في توزيعه؛ لأن صاحب المال إنما رضيه هو وكيلا عنه، ولم يرض غيره.
قال في “كشاف القناع” (3/ 466): “(وليس لوكيلٍ توكيلٌ، فيما يتولى مثله بنفسه؛ إلا بإذن موكل)؛ لأنه لم يأذن له في التوكيل، ولا تَضَمَّنه إذنُه، لكونه يتولى مثله، ولأنه استئمان فيما يمكنه النهوض فيه، فلم يكن له أن يوليه غيره؛ كالوديعة. (أو يقول) الموكل، (له) أي؛ للوكيل (اصنع ما شئت، أو تصرف كيف شئت؛ فيجوز) للوكيل أن يوكل، لأنه لفظ عام، فيدخل في عموم التوكيل.” انتهى.
وفي “الموسوعة الفقهية” (45/ 82): ” ذهب جمهور الفقهاء (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في المذهب): إلى أن الوكيل ليس له أن يوكل غيره فيما وُكل به، لأنه فوض إليه التصرف دون التوكيل به، ولأنه إنما رضي برأيه، والناس يتفاوتون في الآراء فلا يكون راضيا بغيره.
ونص الحنفية على أنه ليس للوكيل أن يوكل ما وكل به، إلا أن يأذن له الموكل أو يفوض له، بأن يقول له: اعمل برأيك، أو اصنع ما شئت، لإطلاق التفويض إلى رأيه…
متى يجوز للوكيل في توزيع الزكاة أن يوكل غيره؟
واستثنى بعض الفقهاء من هذا الحكم صورتين، حيث أجازوا للوكيل أن يوكل غيره، وهما:
الصورة الأولى: أن يكون العمل محل الوكالة يترفع الوكيل عن القيام بمثله، كالأعمال الدنيئة في حق أشراف الناس المرتفعين عن فعلها في العادة، كبيع دابة في سوق، أو يعجز الوكيل عن العمل الذي وكل فيه، لكونه لا يحسنه.
نص على ذلك المالكية والشافعية والحنابلة، لأن الإذن ينصرف إلى ما جرت به العادة، ولأن التفويض في مثل هذه الحالة؛ إنما يقصد منه الاستنابة.
وقيد المالكية والشافعية هذا الحكم بما إذا كان الموكل يعلم بوجاهة الوكيل، أو اشتُهر الوكيل بها، أما إذا لم يكن يعلم الموكل بهذا؛ فإنه ليس للوكيل أن يوكل، ويضمن إن وكل في هذه الحالة، لتعديه.
الصورة الثانية: أن يكون العمل الذي فيه التوكيل مما يعمله الوكيل بنفسه، ولكنه يعجز عن عمله كله، لكثرته وانتشاره:
فذهب جمهور الفقهاء إلى جواز التوكيل في هذه الحالة أيضا، ولكنهم اختلفوا في مدى حق الوكيل في التوكيل، بمعنى هل يحق له التوكيل في فعل العمل كله، أو فيما زاد على مقدرته فقط؟
ذهب المالكية والشافعية في المذهب والحنابلة في وجه اختاره القاضي إلى عدم جواز التوكيل إلا في العمل الزائد فقط، لأن التوكيل إنما جاز للحاجة، فاختص بما دعت إليه الحاجة فقط، بخلاف وجود إذنه فإنه مطلق.
غير أن المالكية قالوا: يوكل من يشاركه في الكثير الذي وكل فيه، ليعينه عليه، لا أن يوكل غيره استقلالا.
وذهب الحنابلة في المذهب، والشافعية في قول: إلى جواز التوكيل في العمل كله، لأن الوكالة اقتضت جواز التوكيل، فصح التوكيل في فعل العمل كله، كما لو أذن في التوكيل بلفظه” انتهى.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب