حديثا بدأت أكثر من التعلم عن الدين أشياء أكثر من الصلاة والصوم، حقا كلما زاد الوقت زاد حمدي لله على أني مسلمة، لكن ومنذ فترة قريبة كانت أول مرة أشعر بالخشوع في الصلاة، وظننت أن هذا هو دليل القاطع، وخير دليل يطمئن قلبي على أن الله يسمعنا، ولكن بعد مدة علمت أن المسيحيين لديهم خشوع في الصلاة، وأثر هذا بيقيني، فالرابط الوحيد الذي ظننت أننا منعمين به هو الخشوع في الصلاة . فهل يجعل هذا الخشوع مجرد شعور نفسي وليس صلة بيننا وبين الله تعالى ؟ وإن كانت صله فكيف يشعر بها غير المسلمين ؟ هل يستطيع أي شخص الشعور بالخشوع حتي وإن عبد جمادا ؟ هل أنعم الله تعالى علينا بصله بيننا وبينه ؟
فرحت بخشوعها في الصلاة، ثم ساءها أن النصارى يزعمون الخشوع أيضا
السؤال: 323841
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
ما تتجهين إليه من تلّمس وجود شعور واحساس يرافق عباداتك لتستدلي به على صحة هذا الدين ومقارنة هذا بما عند الأديان الأخرى، هذا توجه مجانب للصواب ناتج عن عدم الانتباه إلى أمرين مهمين:
الأمر الأول: أن وجود لذة للعبادة أو راحة أثناء القيام بها، هو ثمرة الإيمان ونتيجته وليس هو أساس الإيمان ، ولا هو دليل صدقه.
عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا رواه مسلم /34 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
” المحبة الإيمانية هي الموجبة للذوق الإيماني، والوجد الديني، كما في الصحيحين عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ) فجعل صلى الله تعالى عليه وسلم وجود حلاوة الإيمان معلقا بمحبة الله ورسوله الفاضلة، وبالمحبة في الله ، وبكراهة ضد الإيمان.
وفي صحيح مسلم عن العباس قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: ( ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا ).
فجعل ذوق طعم الإيمان معلقا بالرضى بهذه الأصول، كما جعل الوجد معلقا بالمحبة؛ ليفرق صلى الله تعالى عليه وسلم بين الذوق والوجد، الذي هو أصل الأعمال الظاهرة وثمرة الأعمال الباطنة، وبين ما أمر الله به ورسوله وبين غيره، كما قال سهل بن عبد الله التستري: كل وجد لا يشهد له الكتاب والسنة فهو باطل، إذ كان كل من أحب شيئا فله ذوق بحسب محبته ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (2 / 453 – 454).
وأما الإيمان الصحيح فيستدل له بالوحي الصحيح الثبوت الخالي من الكذب والتحريف، وكذا بالعقل السالم من المغالطات والأوهام؛ فبهذا الميزان يفرق بين الحق والباطل، بين دين الله تعالى الحق وبين الأديان الباطلة، وليس بالشعور والذوق الذي يجده الشخص؛ فإن الاستدلال بهذا الشعور والذوق هو أصل الضلال والكفر.
فأهل الكفر يحبون معبوداتهم ، ومن هذا حاله قد يأنس بمعبوده ، من صنم أو بشر ، عند توجهه إليه.
قال الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ البقرة/165.
ومع هذا الحب من الكفار لمعبوداتهم هناك الشيطان يلازمهم مزينا لهم ما هم فيه من ضلال.
قال الله تعالى: تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ النحل/63.
وقال الله تعالى:وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ العنكبوت/38.
وقال الله تعالى: إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ الأعراف/27.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
” وأصل ضلال من ضل: هو بتقديم قياسه على النص المنزل من عند الله، واختياره الهوى على اتباع أمر الله.
فإن الذوق والوجد ونحو ذلك هو بحسب ما يحبه العبد، فكل محب له ذوق ووجد بحسب محبته:
فأهل الإيمان لهم من الذوق والوجد مثل ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في الحديث الصحيح: ( ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ). وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ( ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا ).
وأما أهل الكفر والبدع والشهوات، فكل بحسبه، قيل لسفيان بن عيينة: ما بال أهل الأهواء لهم محبة شديدة لأهوائهم؟ فقال أنسيت قوله تعالى: ( وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ )، أو نحو هذا من الكلام. فعباد الأصنام يحبون آلهتهم، كما قال تعالى: ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ) ، وقال: ( فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ) ، وقال: ( إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ) ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (10 / 169 – 170).
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:
” فاعلم أولا أن كل حال وذوق ووجد وشهود ، لا يشرق عليه نور العلم المؤيد بالدليل : فهو من عبث النفس وحظوظها…
وليس من الإنصاف رد العلم الصحيح بمجرد الذوق والحال، وهذا أصل الضلالة، ومنه دخل الداخل على كثير من السالكين في تحكيم أذواقهم ومواجيدهم على العلم، فكانت فتنةٌ في الأرض وفساد كبير ” انتهى من “طريق الهجرتين” (2 / 706).
الأمر الثاني:
يجب التنبه إلى حقيقة الخشوع، وهو خضوع القلب لله تعالى خوفا وطمعا ، فيتبعه خضوع الجوارح وسكونها.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
” ( الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ( خَاشِعُونَ ) : خائفون ساكنون. وكذا روي عن مجاهد، والحسن، وقتادة، والزهري.
وعن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: الخشوع: خشوع القلب. وكذا قال إبراهيم النخعي.
وقال الحسن البصري: كان خشوعهم في قلوبهم، فغضوا بذلك أبصارهم، وخفضوا الجناح ” انتهى من “تفسير ابن كثير” (5 / 461).
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:
” أصل الخشوع: السكون، والطمأنينة، والانخفاض…
وهو في الشرع: خشية من الله تكون في القلب، فتظهر آثارها على الجوارح ” انتهى من “أضواء البيان” (5 / 825).
وهذا الخشوع يتحقق بمقدمات، وتوابع، فيتقدمه ما يحصله من الطهارة، واختيار المكان الطاهر الخالي من الملهيات والشواغل، كالصور ونحوها، ويصاحبه ذكر الله تعالى، وتوحيده وتنزيهه، والسجود والركوع له، وكف النفس عن الملهيات، كالكلام والالتفات ونحو هذا، وختم الصلاة بالاستغفار وذكر الله تعالى.
فأين هذا من صلاة النصارى الخالية من كل أسباب الخشوع لله رب العالمين بل مناقضة له.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى، عن صلاة النصارى:
” والذين اختاروا صلاة، يقوم أعبدهم وأزهدهم إليها، والبول على ساقه وأفخاذه، فيستقبل الشرق، ثم يصلب على وجهه، ويعبد الإله المصلوب، ويستفتح الصلاة بقوله: يا أبانا أنت الذي في السماوات تقدس اسمك، وليأت ملكك، ولتكن إرادتك في السماء مثلها في الأرض أعطنا خبزنا الملائم لنا.
ثم يحدِّث من هو إلى جانبه، وربما سأله عن سعر الخمر والخنزير، وعما كسب في القمار، وعما طبخ في بيته، وربما أحدث وهو في صلاته، ولو أراد لبال في موضعه إن أمكنه، ثم يدعو تلك الصورة التي هي صنعة يد الإنسان!
فالذين اختاروا هذه الصلاة، على صلاة من إذا قام إلى صلاته: طهّر أطرافه وثيابه وبدنه من النجاسة، واستقبل بيته الحرام، وكبر الله وحمده وسبحه، وأثنى عليه بما هو أهله، ثم ناجاه بكلامه المتضمن لأفضل الثناء عليه، وتحميده وتمجيده وتوحيده، وإفراده بالعبادة والاستعانة، وسؤاله أجلّ مسئول، وهو الهداية إلى طريق رضاه، التي خص بها من أنعم عليه، دون طريق الأمتين: المغضوب عليهم وهم اليهود، والضالين وهم النصارى، ثم أعطى كل جارحة من الجوارح حظها من الخشوع والخضوع والعبودية، مع غاية الثناء والتمجيد لله رب العالمين، لا يلتفت عن معبوده بوجهه، ولا قلبه، ولا يكلم أحدا كلمه، بل قد فرَّغ قلبه لمعبوده، وأقبل عليه بقلبه ووجهه، لا يُحْدِث في صلاته، ولا يجعل بين عينيه صورة مصنوعة يدعوها ويتضرع إليها.
فالذين اختاروا تلك الصلاة، التي هي في الحقيقة استهزاء بالمعبود، لا يرضاها المخلوق لنفسه، فضلا أن يرضى بها الخالق، على هذه الصلاة، التي لو عُرضت على من له أدنى مسكة من عقل، لظهر له التفاوت بينهما هم الذين اختاروا التكذيب بخاتم الرسل محمد رسوله وعبده، على الإيمان به وتصديقه واتباعه.
والعاقل إذا وازن بين ما اختاروا ورغبوا فيه، وبين ما رغبوا عنه، تبين له أن القوم اختاروا الضلالة على الهدى، والغي على الرشاد، والقبيح على الحسن، والباطل على الحق، وأنهم اختاروا من العقائد أبطلها، ومن الأعمال أقبحها.. ” انتهى من “هداية الحيارى” (ص 52 – 53).
ثم ينظر إلى ثمرة الخشوع في صلاة المسلمين، وثمرة ما يزعم أنه خشوع في صلوات باقي الأديان؛ فالمسلم الخاشع في صلاته، تجد فيه تقوى وورعا، فيحتاط لبصره، فلا يتبعه المحرمات، ويحتاط في ماله فيتجنب الحرام، ويحتاط في معاملاته فيتورع عن الظلم بأنواعه، فصلاته الخاشعة معينة له على صبره عن الشهوات والمنكرات.
قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ العنكبوت/45.
وقال الله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ البقرة/45.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
” أفضلها – أي العبادات – ما كان لله أطوع، وللعبد أنفع. فما كان صاحبه أكثر انتفاعا به، وكان صاحبه أطوع لله به من غيره، فهو أفضل…
وعلى كل قول: فعبادات المسلمين أكمل من عبادات غيرهم…
وأما انتفاع العباد بها، فهذا يعرف بثمراتها ونتائجها وفوائدها، ومن ذلك آثارها في صلاح القلوب. فليتدبر الإنسان عقول المسلمين وأخلاقهم، وعدلهم، يظهر له الفرق بينهم وبين غيرهم. ثم صفات عباداتهم فيها من الكمال، والاعتدال، كالطهارة، والاصطفاف، والركوع، والسجود، واستقبال بيت إبراهيم، الذي هو إمام الخلائق، والإمساك فيها عن الكلام، وما فيها من الخشوع، وتلاوة القرآن، واستماعه الذي يظهر الفرق بينه وبين غيره من الكتب لكل متدبر منصف، إلى أمثال ذلك من الأمور التي يظهر بها فضل عبادات المسلمين على عبادات غيرهم ” انتهى من “الجواب الصحيح” (6 / 42 – 44).
ثانيا:
حتى يستشعر المسلم صلته بالله تعالى ، ولذة إيمانه به ، وقيمة معيّة الله تعالى له؛ فعليه بتحقيق أسباب ذلك كله، وأساسها أمور:
الأمر الأول: تحقيق الإيمان حتى يكون هوى المسلم هو فيما يحبه الله تعالى ويرضاه، فيحب من يحبه الله تعالى وما يحبه الله تعالى، ويبغض من يبغضه تعالى وما يبغضه تعالى.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ رواه البخاري (16)، ومسلم (43).
وعَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا رواه مسلم (34).
الأمر الثاني: أن يحقق كمال المتابعة والتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ آل عمران/31.
ومن أحبه الله تعالى ، فسيتشعر توفيق الله تعالى له ، وتسديده ومعيّته، كما سيأتي في الحديث.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:
” وهذه الآية فيها وجوب محبة الله، وعلاماتها، ونتيجتها، وثمراتها، فقال ( قل إن كنتم تحبون الله ) أي: ادعيتم هذه المرتبة العالية، والرتبة التي ليس فوقها رتبة ، فلا يكفي فيها مجرد الدعوى، بل لا بد من الصدق فيها، وعلامة الصدق اتباع رسوله صلى الله عليه وسلم في جميع أحواله، في أقواله وأفعاله، في أصول الدين وفروعه، في الظاهر والباطن، فمن اتبع الرسول دل على صدق دعواه محبة الله تعالى، وأحبه الله وغفر له ذنبه، ورحمه وسدده في جميع حركاته وسكناته ” انتهى من “تفسير السعدي” (ص 128).
الأمر الثالث: أن يداوم على الطاعات ويستغل مناسباتها وأوقاتها.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ رواه البخاري (6502).
وراجعي للأهمية جواب السؤال رقم : (21371).
ثالثا:
المسلم في هذه الدار مختبر – ولا بد – بوساوس وشبهات شياطين الإنس والجن، والمفر منهم، يكون إلى الله تعالى بملازمة الدعاء وطلب الهداية والثبات بحضور قلب.
عن عَلِيّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُلِ: اللهُمَّ! اهْدِنِي وَسَدِّدْنِي، وَاذْكُرْ بِالْهُدَى هِدَايَتَكَ الطَّرِيقَ، وَالسَّدَادِ سَدَادَ السَّهْمِ رواه مسلم (2725).
قال القرطبيّ رحمه الله تعالى:
” هذا الأمر منه صلى الله عليه وسلم : يدلّ على أن الذي ينبغي له أن يهتمّ بدعائه، فيستحضر معاني دعواته فِي قلبه ” انتهى من “المفهم” (7 / 53 – 54).
وليحرص على شغل نفسه بالعلم الشرعي النافع، ففي ذلك منجاة من شبهات أهل الكفر، ومن وساوس الشيطان.
ومما يشهد لهذا قوله تعالى : هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ آل عمرن /7.
فعلى المسلم أن يجتهد في ترسيخ معاني نصوص الكتاب والسنة في قلبه.
وينظر جواب السؤال رقم : (316457) .
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة