0 / 0

هل تشرع إقامة الدروس بعد الصلوات في المساجد، وقبل أذان الجمعة؟

السؤال: 325841

ما حكم إعطاء الدروس بعد الصلوات؟ وما هو الدليل من السنّة على ذلك؟ وهل يجوز للإمام أن يعطي درسا قبل أو بعد الصلوات؟ وهل يستطيع أن يعمل درسا قبل خطبة الجمعة؟

ملخص الجواب

  إقامة الدروس بعد الصلوات أمر مشروع، وهو من باب الوسائل التي الأصل فيها الإباحة، وقد ثبت ذلك بالسنة والتواتر العملي منذ القرون المفضلة، ولا بأس بالدرس قبل الجمعة مالم يشغل المصلين أو يضيق عليهم، وخاصة إن دعت إليه حاجة.  

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولاً:

إقامة الدروس بعد الصلوات أمر مشروع، وهو من باب تأويل أمر الله عز وجل بالدعوة إليه، وتبليغ رسالته، وتعليم الناس العلم الشرعي الذي يدلهم على رب العالمين، والقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ وكل هذا مطلق، لم يقيد بوقت، ولا بحال؛ بل يدعو إلى الله ويعلم العلم في كل حال تمكن من ذلك.

ومن أعظم الأوقات، وأنسبها للدعوة إلى الله وتعليم الخير: عند اجتماع الناس للصلوات، واغتنام فراغهم للموعظة، وإقبالهم على المتكلم. ولم يحدد الشرع وقتاً معيناً لطلب العلم وإقامة الدروس، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان في مرات كثيرة يقوم بعد الصلاة فيعظ الناس ويعلمهم، وذلك اغتناما لاجتماعهم في الصلوات.

ومن ذلك: قول أنس رضي الله عنه: قال أنس: "انتظرنا الرسول (‌صلى الله عليه وسلم) ذات ليلة حتى كان شطر الليل يبلغه، فجاء فصلى لنا، ‌ثم ‌خطبنا فقال: (ألا إن الناس قد صلوا ثم رقدوا، وإنكم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة)" رواه البخاري (575).

وعن أبي زيد الأنصاري رضي الله عنه، قال: "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر. وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر. فنزل فصلى. ‌ثم ‌صعد ‌المنبر. فخطبنا حتى حضرت العصر. ثم نزل فصلى. ‌ثم ‌صعد ‌المنبر. فخطبنا حتى ‌غربت الشمس. فأخبرنا بما كان وبما هو كائن. فأعلمنا أحفظنا" رواه مسلم (2892).

ولا زال الصحابة كابن عباس وابن مسعود يقيمون دروسهم في المساجد بعد الصلوات، وانتقل ذلك بالتواتر العملي منذ عهد الصحابة وكبار الأئمة في القرون المفضلة إلى يومنا هذا، يفعله كبار العلماء، ويفعله الدعاة، والمعلمون، والمدرسون، في مشارق الأرض ومغاربها، دون نكير من أحد على هذا؛ والناس على ذلك العمل، والعهد الحسن، لا يستشكلونه؛ مجرد استشكال!!

قال الزركشي رحمه الله: "يستحب عقد حلق ‌العلم ‌في ‌المساجد، وذكر المواعظ والرقائق ونحوها، والأحاديث الصحيحة في ذلك كثيرة مشهورة، قاله النووي في شرح المهذب: ونقل ابن بطال فيه الإجماع" انتهى من "إعلام الساجد بأحكام المساجد" (ص328).

وقال الدسوقي رحمه الله: ""وأما ‌قراءة ‌العلم ‌في ‌المساجد: فمن السنة القديمة". "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (1/ 308).

 وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " في بعض المساجد، وخاصة بعد صلاة العصر يقرأ الإمام أو أحد الإخوة عدة أحاديث من رياض الصالحين في كل ليلة، فهل هذا العمل من البدعة؟

فأجاب: "ليس هذا بدعة، هذا من التذكير والتعليم؛ لأن هذا من باب تعليم الجماعة وإرشادهم إلى ما ينبغي لهم، الدروس في المسجد بعد العصر، أو بعد العشاء، أو في أي وقت لتعليم الجماعة وتعليم الحاضرين هذا كله مطلوب، نعم، هذا من باب التعليم" (موقع الشيخ).

ثانياً:

أما إقامة الدروس قبل الجمعة، فقد كرهه بعض أهل العلم، وأجازه آخرون، بناء على اختلافهم في علة النهي المذكورة في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم : "نَهَى عَنِ التَّحَلُّقِ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ"  رواه أبو داود (1079)، وحسنه الألباني، والشيخ ابن باز.

 والجمهور على أنّ هذا النهي للكراهة.

قال الطّحاوي: النهي عن (التَّحلّق) في المسجد قبل الصلاة -الجمعة- إذا عمّ المسجد وغلبه فهو مكروه، وغير ذلك لا بأس به.

وقال العراقي: وحمله أصحابنا والجمهور على بابه، لأنَّه ربَّما قطع الصفوف، مع كونهم مأمورين يوم الجمعة بالتبكير والتراص في الصفوف، الأوّل فالأوّل" انتهى من "مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود" (1/ 373).

قال الزركشي رحمه الله: "وقال الغزالي في الإحياء: يكره الجلوس للحلق قبل الصلاة يوم الجمعة، قلت: وفي سنن أبي داود من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهي عن الحلق قبل الصلاة يوم الجمعة. وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه وقال يعني في المسجد، وإنما كره الاجتماع قبل الصلاة للعلم، وأمر بأن يشتغل بالصلاة وينصت للخطبة" انتهى من "إعلام الساجد بأحكام المساجد" (ص328).

وذهب آخرون إلى أنه لا بأس به مالم يضيق على الناس المكان، لأن العلة عندهم هي إشغال المكان وتضييقه على القادمين لصلاة الجمعة، إذ بالتحلق يضيق المكان على المبكرين إلى الصلاة .

قال ابن العربي رحمه الله: " وإنما نهى عنه يوم الجمعة لأنهم ينبغي لهم أن يكونوا صفوفا يستقبلون الإمام في الخطبة ويعتدلون خلفه للصلاة ".انتهى من "عارضة الأحوذي" (2/119).

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: "ما رأي سماحتكم في درس يلقى في كل يوم جمعة وبالتحديد قبل الأذان ويمتد إلى أن يرفع الأذان، هل هذا الدرس من سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؟

فأجاب: لا أعلم أن فيه بأسًا، لا أعلم فيه بأسًا ويروى عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقوم بذلك ، قبل دخول الخطيب، وإذا أذّن المؤذن ترك ذلك، وإن ترك الناس يقرؤون القرآن ويذكرون الله ويدعون فهذا حسن -إن شاء الله- وإن فعله بعض الأحيان فهذا أيضًا أسهل، أما الاستمرار عليه كل يوم كل يوم فلعل تركه أولى؛ لأنه قد يشغل الناس عن قراءة القرآن وعن الدعاء والضراعة إلى الله والتسبيح والتهليل ونحو ذلك، قد يملون، قد يضعفون عن سماع الخطبة أيضًا خطبة الجمعة فلعل ذلك أولى، وإذا فعله بعض الأحيان فأرجو أن لا حرج فيه كما روي هذا عن أبي هريرة رضي الله عنه".

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android