من المعلوم أن اللحية زينة للرجل، فهل من حكمة معلومة في أن أهل الجنة مرد؟
الحكمة في أن أهل الجنة مرد ؟
السؤال: 328250
ملخص الجواب
جاءت بعض الأحاديث التي تثبت أن الله يجعل أهل الجنة من الرجال جرداً مرداً والحديث صحيح . ومن الحكم : كمال الحسن والجمال ، وكذلك حتى يتم التنعم على أكمل وجه ، فلا يتأذى بالشعر الرجل ولا أهله في الجنة . على أنه لا قياس لأحكام الجنة وما فيها من النعيم، بأحوال الدنيا وأحكامها ، فإن الجنة ليست دار تكليف، والله أعلم بحكمته في خلقه في الدارين، وهو سبحانه يحكم ما يشاء ، ويأمر بما يريد .
Table Of Contents
أولا: الكلام على صحة حديث أن الله يجعل أهل الجنة مرداً
جاءت بعض الأحاديث التي تثبت أن الله يجعل أهل الجنة من الرجال جرداً مرداً ، والحديث صحيح .
وقد روي من حديث : أنس ، ومعاذ بن جبل ، وأبي هريرة ، رضي الله عنهم .
أما حديث أنس :
فأخرجه الطبراني في “المعجم الصغير” (1164)، والضياء في “المختارة” (2716) ، وأبو نعيم في “صفة الجنة” (226) ، من طريق مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِئَابٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ جُرْدًا مُرْدًا مُكَحَّلِينَ .
وهارون بن رئاب ثقة ، وقد سمع من أنس كما قال ابن حبان في “الثقات” (5973) ، وبقية رجال إسناد أبي نعيم ثقات ، فالحديث من هذا الطريق صحيح .
وأما حديث معاذ بن جبل :
فقد أخرجه الترمذي في “سننه” (2545)، وأحمد في “مسنده” (22024) ، والشاشي في “مسنده” (1342) ، من طريق قَتَادَةَ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَدْخُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ جُرْدًا مُرْدًا مُكَحَّلِينَ أَبْنَاءَ ثَلاَثِينَ أَوْ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً .
وهذا الإسناد فيه ” شهر بن حوشب ” ، فيه ضعف ، وهو حسن الحديث ما لم يخالف ، وهو هنا لم ينفرد ، وقد حسن البخاري حديثه ، ووثقه ابن معين ، وقال أحمد : لا بأس به ، وقال أبو حاتم : لا يحتج به ، وقال النسائي : ليس بالقوي . انظر “تهذيب الكمال” (12/585)
وأما حديث أبي هريرة :
فأخرجه أحمد في “مسنده” (7933) ، وابن أبي شيبة في “مصنفه” (34006) ، والطبراني في “المعجم الصغير” (808) ، والبيهقي في “البعث والحشر” (419) ، من طريق حَمَّاد بْن سَلَمَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ جُرْدًا ، مُرْدًا ، بِيضًا ، جِعَادًا ، مُكَحَّلِينَ ، أَبْنَاءَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ ، عَلَى خَلْقِ آدَمَ ، سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي عَرْضِ سَبْعِ أَذْرُعٍ .
وإسناده ضعيف ، لأجل علي بن زيد بن جدعان ، مشهور بالضعف ، إلا أنه لا يترك .
والحديث صححه بمجموع طرقه الشيخ الألباني في “السلسلة الصحيحة” (6/1224) .
ثانيا: الحكمة من كون الرجال في الجنة مرداً ليس لهم لحى
أما الجواب عن محل السؤال ، وهو الحكمة من كون الرجال في الجنة مردا ، أي ليس لهم لحى ، فقد ذكر بعض أهل العلم في جوابه :
أنَّ الجنة ليست دار تكليف ، وإنما دار ثواب ونعيم ، لذا جعل الله فيها كل ما شأنه أن يتنعم به أهل الجنة ، ومنع عنهم كل ما من شأنه أن يؤذيهم أو يكدر عليهم النعيم .
لذا كان من كمال الحسن ألّا تكون لهم لحى .
قال القاري في “مرقاة المفاتيح” (9/3590) :”مرد : جَمْعُ أَمَرَدَ ، وَهُوَ غُلَامٌ لَا شَعَرَ عَلَى ذَقْنِهِ ، وَقَدْ يُرَادُ بِهِ الْحُسْنُ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ “. انتهى .
وقال ابن القيم في “التبيان في أقسام القرآن” (ص317) :” وأما شعر اللحية ففيه منافع ، منها الزينة والوقار والهيبة ، ولهذا لا يرى على الصبيان والنساء من الهيبة والوقار، ما يرى على ذوي اللحى .
ومنها : التمييز بين الرجال والنساء.
فإن قيل لو كان شعر اللحية زينة ، لكان النساء أولى به من الرجال لحاجتهن إلى الزينة ، وكان التمييز يحصل بخلو الرجال منه ، ولكان أهل الجنة أولى به وقد ثبت أنهم جرد مرد ؟
قيل : الجواب أن النساء لما كُنَّ محل الاستمتاع والتقبيل ، كان الأحسن والأولى خلوهن عن اللحى ، فإن محل الاستمتاع إذا خلا عن الشعر، كان أتم ولهذا المعنى ، والله أعلم ، كان أهل الجنة مرداً ، ليكمل استمتاع نسائهم بهم ، كما يكمل استمتاعهم بهن .
وأيضاً فإنه أكشف لمحاسن الوجوه ، فإن الشعر يستر ما تحته من البشرة ، أن يمس بشرة المرأة.
والله أعلم بحكمته في خلقه “. انتهى .
قال ابن القيم في نونيته الشهيرة “الكافية الشافية
ألوانهم بيض وليس لهم لحى … جُعد الشعور مكحّلو الأجفان
هذا كمال الحسن في أبشارهم … وشعورهم وكذلك العينان
ومن لطائف هذه المسألة ، ما ذكره بدر الدين العيني في “البناية شرح الهداية” (13/178) في مسألة من حلق لحية إنسان ، فلم تنبت ، كيف أن الشافعي يرى فيها حكومة ، خلافا لمن أوجب الدية ؟
فذكر أن من العلل عندهم كون اللحية ليست من الجمال الأصلي ، فقال:” وقد يكون عدم اللحية جمالًا في بعض الأحوال ، وأهل الجنة كلهم أمرد ، فلو كان ذلك من جملة الجمال الأصلي ، لكان أهل الجنة أولى به ” انتهى .
ومما سبق يتبين أن من الحكم كمال الحسن والجمال ، وكذلك حتى يتم التنعم على أكمل وجه ، فلا يتأذى بالشعر الرجل ولا أهله في الجنة .
على أنه لا قياس لأحكام الجنة وما فيها من النعيم، بأحوال الدنيا وأحكامها ، وقد قدمنا أن الجنة ليست دار تكليف، والله أعلم بحكمته في خلقه في الدارين، وهو سبحانه يحكم ما يشاء ، ويأمر بما يريد .
والله أعلم .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب