0 / 0

استأجر شخصا لحج البدل، فمات أثناءه، فهل يناب عنه من يكمله؟

السؤال: 329878

إذا استأجر شخصا لأداء حج البدل، وتوفى المستأجر قبل إكمال المناسك ، فمن يكمل الحج بدلا عنه ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

النائب في الحج عن غيره، إذا توفي بعد إحرامه بالحج، فلا يخلو من حالتين:

الحالة الأولى:

أن يموت هذا النائب بعد الإحرام بالحج، وقبل الإتيان بالوقوف بعرفة ، أو طواف الإفاضة ، أو السعي بين الصفا والمروة ، ففي هذه الحال لم يتم حجه، لأن هذين العملين من فروض الحج.

قال ابن حزم رحمه الله تعالى:

" وأجمعوا أن الطواف الآخر المسمى طواف الإفاضة بالبيت والوقوف بعرفة فرض " انتهى من"مراتب الإجماع" (ص 42).

وفي هذه الحالة: هل يصح أن ينوب عنه شخص للإتيان بهما وإكمال ما بقي من أعمال الحج؟

في هذا خلاف بين أهل العلم.

فذهب جماعة من أهل العلم، إلى أنه تصح النيابة لإكمال أعمال الحج.

وفي "مسائل الإمام أحمد":

" قلت لأحمد: إذا مات الرجل ، بمنى يقضى عنه ما بقي عليه من المناسك؟

قال: نعم.

قلت: يفعله الذي هو حاج عن نفسه؟

قال: نعم.

قلت: فيوقف عنه بالمزدلفة، أعني: إن لم يقف؟

قال: نعم " انتهى من "مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود" (ص 184).

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:

" فإن خرج للحج، فمات في الطريق، حُجَّ عنه من حيث مات؛ لأنه أسقط بعض ما وجب عليه، فلم يجب ثانيا.

وكذلك إن مات نائبه، استنيب من حيث مات لذلك.

ولو أحرم بالحج، ثم مات، صحت النيابة عنه فيما بقي من النسك، سواء كان إحرامه لنفسه أو لغيره. نص عليه؛ لأنها عبادة تدخلها النيابة، فإذا مات بعد فعل بعضها، قضى عنه باقيها، كالزكاة " انتهى من"المغني" (5 / 39 – 40).

وهو مذهب الشافعي في القديم.

وذهب الجمهور إلى أن النيابة لإكمال أعمال الحج: لا تصح، لأنها عبادة يفسد أولها بفساد آخرها، فلا تؤدى من شخصين كالصلاة والصيام.

وهو مذهب الحنفية والمالكية والقول الجديد للشافعي.

قال بدر الدين العيني رحمه الله تعالى:

" وجب الاستئناف. ألا ترى أنه لو أحرم ثم مات : ينقطع ذلك الإحرام ، حتى لا شيء عليه عندنا" انتهى من"البناية" (4 / 480).

وقال القرافي رحمه الله تعالى:

" فإن مات – أي الأجير – بعد الإحرام ، فللوارث أن يحرم …

ويحرم من موضع شرط المستأجر، أو من ميقاته، ولا يحتسب بما فعل مورثه.

وقال "الشافعي" في الجديد مثلنا. وفي القديم: يبني، كبناء الولي على أفعال الصبي.

والفرق: أن الولي لم يجدد إحراما، وإنما ناب في بعض الأفعال " انتهى من"الذخيرة" (3 / 196).

وقال العمراني رحمه الله تعالى:

" وإن مات الأجير بعد الإحرام، وقبل أن يأتي بالوقوف في الحج، أو بالطواف والسعي…

فهل يجوز البناء على عمل الأجير؟ فيه قولان:

قال في القديم: (يجوز)؛ لأنه عمل تدخله النيابة، فجاز البناء عليه، كسائر الأعمال.

وقال في الجديد: (لا يجوز). وهو الصحيح؛ لأنه عبادة يفسد أولها بفساد آخرها، فلا يتأدى بنفسين، كالصوم، والصلاة، وفيه احتراز من تفرقة الزكاة … " انتهى من"البيان" (7 / 367).

وهذا القول هو الراجح .

وبوّب البخاري رحمه الله تعالى في "الصحيح"، فقال: " بَابُ الْمُحْرِمِ يَمُوتُ بِعَرَفَةَ، وَلَمْ يَأْمُرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُؤَدَّى عَنْهُ بَقِيَّةُ الْحَجِّ ".

وعلّق عليه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى، بقوله:

" يعني لم يُنْقَل ذلك " انتهى من "فتح الباري" (4 / 64).

وساق البخاري حديث (1849) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: " بَيْنَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ، إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَوَقَصَتْهُ – أَوْ قَالَ: فَأَقْعَصَتْهُ – فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ -أَوْ قَالَ: ثَوْبَيْهِ – وَلاَ تُحَنِّطُوهُ، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ يُلَبِّي".

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:

" فالنبي صلى الله عليه وسلم، لم يأمر فيه ولا في أمثاله أن يكمل عنه، وإنما الثابت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أجاز النيابة في جميع النسك، لا في بعضه.

ويؤيد هذا أن كل عبادة مات العبد قبل تكميلها، أنها لا تكمل عن صاحبها، فإما أن تسقط عنه ولا يلزم أن تقضى، وإما أن يقضى جميعها من أولها، فما الموجب لخروج النسك عن هذا الضابط العام؟! " انتهى من"الفتاوى السعدية" (ص 235 – 236).

وقال رحمه الله تعالى:

" أما عند الأصحاب، فإنه إذا حصل للنائب عذر، فقد جوزوا له أن يستنيب فيه…

ولم أر ما يدل على جوازه " انتهى من "الفتاوى السعدية" (ص 235).

الحالة الثانية:

أن يتوفى بعد وقوفه بعرفة ، وطوافه للإفاضة ، وسعيه بين الصفا والمروة ، فهذا قد أتى بأركان الحج.

وما بقي من أعمال الحج من رمي ومبيت وطواف وداع، فهي واجبات تجبر بالدم.

قال العمراني رحمه الله تعالى:

" فأما إذا مات الأجير بعد ما أتى بجميع أركان الحج، وبقي عليه الرمي والمبيت.. فقد سقط الحج عن المحجوج عنه، ويلزم الأجير الجبران بالدم لما بقي عليه " انتهى من "البيان" (7 / 366).

وراجع للأهمية جواب السؤال رقم : (176329)، ورقم : (145265).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android