حصل شجار بيني وبين زوجي، وقال لي : “لا أقبل مغادرتك المنزل”، الآن يقول : إنّ هذا يعتبر طلاقا؛ لأن جملة “لا أقبل أن تفعلي ذلك” يعتبر طلاقا معلّقا على شرط؛ لأنه كان يقصد الطلاق من خلال كلامه، على الرغم من أنه لم يذكر مطلقًا كلمة الطلاق أو عرّض بالطلاق، مع ذلك لا أفهم أن هذا يكون طلاقًا، لكنه مجرّد نشوز تجاه زوجي؛ لأنه لم يتمّ ذكر الطلاق صراحة، ولم يتمّ وضع شرط واضح. فكيف يقع الطلاق المعلّق على شرط ؟ وهل يُحتسب ما قاله طلاقا واحدا ؟ ثم جلسنا مع الإمام المحلّي الذي أخبرنا أن هذا يحتسب طلاقًا؛ لأن نيّة زوجي كانت الطلاق سواء ذكره في كلامه أم لا، وأن النيّة تحدّد كل شيء، وعند الحديث إلى شخصيات دينية أخرى والنظر بشكل أعمق في الأمر، قيل لي : إنّه لا يُحتسب طلاقًا؛ لأنه لم يكن هناك شرط يوضّح ما إذا كنت قد فعلت كذا وكذا فسوف أطلّق، و لم يعني كلام زوجي صراحة أو ضمنا الطلاق، وبغضّ النظر عن النية وحتى يقع الطلاق يجب على الزوج نطق كلمة الطلاق، أو يشير له بوسائل أخرى، مثل : “عودي إلى منزل أبيك”، وما إلى ذلك، لقد قيل لي: إنّ عبارة “إذا خرجت من المنزل لا أقبل ذلك ” لا يحمل معنى الطلاق حتى لو كان ينوي ذلك، فهل هذا الكلام كان يحمل معنى الطلاق أم لا ؟ يرجى تقديم دليل.
إذا قال كلاما لا يحتمل الطلاق ونوى به الطلاق فهل يقع ؟
السؤال: 330256
ملخص الجواب
الطلاق لم يقع عليك، بمجرد ما ذكر في السؤال .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الطلاق نوعان: صريح، والكناية، والصريح ما كان بلفظ الطلاق وما تصرف منه، كطالق، ومطلقة، وطلقتك، ونحو ذلك. والصريح يقع به الطلاق دون نية.
والكناية: ما احتمل الطلاق وغيره، نحو: الحقي بأهلك، لا حاجة لي فيك، ولا يقع الطلاق بذلك إلا مع نية الطلاق.
وأما الكلام الذي لا يحتمل الطلاق، فإنه لا يكون كناية عند الجمهور، ولا يقع به الطلاق ولو نواه.
ومن ذلك قول زوجك: (لا أقبل مغادرتك المنزل) فليس كناية، لا تنجيزا ولا تعليقا.
وذهب المالكية إلى وقوع الطلاق بذلك مع النية، واعتبروه كناية خفية.
قال الخرشي رحمه الله في “شرح مختصر خليل” (4/48) : ” إذا قال لزوجته : اسقني الماء أو ادخلي أو اخرجي أو كلي أو اشربي، أو غير ذلك مما ليس من ألفاظه، ولا من ألفاظ صريح الظهار، وقصد بذلك الطلاق: فإنه يلزمه على المشهور ؛ لأن هذه الألفاظ من الكنايات الخفية، فيلزمه ما نواه؛ من طلقةٍ فأكثر ، فإن لم ينو طلاقا فلا ” انتهى .
والراجح مذهب الجمهور، لأننا لو أوقعنا الطلاق بهذه الألفاظ، نكون قد أوقعناه بمجرد النية، لأن هذه الألفاظ وجودها كعدمه، لعدم احتمالها للطلاق، والطلاق لا يقع بمجرد النية.
قال ابن قدامة رحمه الله: ” فأما ما لا يشبه الطلاق، ولا يدل على الفراق، كقوله: اقعدي، وقومي، وكلي، واشربي، واقربي، وأطعميني واسقيني، وبارك الله عليك، وغفر الله لك، وما أحسنك، وأشباه ذلك = فليس بكناية، ولا تطلق به، وإن نوى؛ لأن اللفظ لا يحتمل الطلاق، فلو وقع الطلاق به، لوقع بمجرد النية، وقد ذكرنا أنه لا يقع بها. وبهذا قال أبو حنيفة.
واختلف أصحاب الشافعي في قوله: كلي، واشربي. فقال بعضهم: كقولنا.
وقال بعضهم: هو كناية؛ لأنه يحتمل: كلي ألم الطلاق، واشربي كأس الفراق؛ فوقع به، كقولنا: ذوقي، وتجرعي.
ولنا: أن هذا اللفظ لا يستعمل بمفرده إلا فيما لا ضرر فيه، كنحو قوله تعالى: كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون [الطور: 19] ، وقال: فكلوه هنيئا مريئا [النساء: 4] ؛ فلم يكن كناية؛ كقوله: أطعميني.
وفارق: ذوقي، وتجرعي؛ فإنه يستعمل في المكاره؛ كقول الله تعالى: ذق إنك أنت العزيز الكريم [الدخان: 49]، وذوقوا عذاب الحريق [الأنفال: 50] . ذوقوا مس سقر [القمر: 48] .
وكذلك التجرع، قال الله تعالى: يتجرعه ولا يكاد يسيغه [إبراهيم: 17] ؛ فلم يصح أن يلحق بهما ما ليس مثلهما” انتهى من “المغني” (7/ 395).
والحاصل:
أن الطلاق لم يقع عليك، بمجرد ما ذكر في السؤال .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب