0 / 0

قصة قتل أم قرفة والتمثيل بجثتها ؛ قصة باطلة ، لا تصح سندًا ولا متنًا .

السؤال: 333281

ما هي قصة أم قرفة بالتفصيل ؟

ملخص الجواب

أم قرفة الفزارية ، هي : فاطمة بنت ربيعة بن بدر ، وقد اشتهرت قصتها عند أعداء الإسلام ؛ وأصبحوا يطعنون بها في الإسلام ، ويتهمونه بالعنف والقسوة . وأسانيد هذه القصة كلها ضعيفة لا تصح ، وما ذكر من التمثيل بها وشقها نصفين : ففيه نكارة ظاهرة ؛ فلا يجوز نشر هذه القصة إلا من باب التحذير منها .  

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

حقيقة قصة قتل أم قرفة الفزارية 

أم قرفة الفزارية ، هي : فاطمة بنت ربيعة بن بدر ، وقد اشتهرت قصتها عند أعداء الإسلام ؛ وأصبحوا يطعنون بها في الإسلام ، ويتهمونه بالعنف والقسوة .

وروايات هذه القصة والتي فيها قتلها والتمثيل بها ؛ لا تصح سندًا ، فضلاً عن كونها منكرة المتن ، ومن ذلك :

أولا: 

ما أخرجه الطبري في “تاريخ الرسل والملوك” (2/ 643) بإسناده فقال : 

” حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ ، قال : حدثنا سلمة ، قال : حدثني ابن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي بكر ، قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ إِلَى وَادِي الْقُرَى ، فَلَقِيَ بِهِ بَنِي فَزَارَةَ ، فَأُصِيبَ بِهِ أُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ، وَارْتَثَّ زَيْدٌ مِنَ بَيْنِ الْقَتْلَى ، وَأُصِيبَ فيها ورد ابن عَمْرٍو أَحَدُ بَنِي سَعْدٍ بَنِي هُذَيْمٍ ، أَصَابَهُ أَحَدُ بَنِي بَدْرٍ ، فَلَمَّا قَدِمَ زَيْدٌ نَذَرَ الا يَمَسَّ رَأْسَهُ غُسْلٌ مِنْ جَنَابَةٍ حَتَّى يَغْزُوَ فَزَارَةَ ، فَلَمَّا اسْتَبَلَّ مِنْ جِرَاحِهِ ، بَعَثَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي جَيْشٍ إِلَى بَنِي فَزَارَةَ ، فَلَقِيَهُمْ بِوَادِي الْقُرَى ، فَأَصَابَ فِيهِمْ ، وَقَتَلَ قَيْسُ بْنُ الْمُسَحِّرِ الْيَعْمُرِيُّ مَسْعدَةَ بْنَ حِكْمَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ بَدْرٍ ، وَأَسَرَ أُمَّ قِرْفَةَ – وَهِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَبِيعَةَ بْنِ بَدْرٍ، وَكَانَتْ عِنْدَ مَالِكِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ، عَجُوزًا كَبِيرَةً- وَبِنْتًا لَهَا ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعَدَةَ ، فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ أَنْ يَقْتُلَ أُمَّ قِرْفَةَ ، فَقَتَلَهَا قَتْلا عَنِيفًا ، رَبَطَ بِرِجْلَيْهَا حَبْلَيْنِ ثُمَّ رَبَطَهُمَا إِلَى بَعِيرَيْنِ حَتَّى شَقَّاهَا ” انتهى.  [1]

والحديث لا يصح من جهة الإسناد ، وهو منكر من جهة المتن .

فأما إسناده فمنقطع ورواته ضعفاء .

فهو من رواية عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصارى ، وهو من طبقة صغار التابعين ، فكيف يروي القصة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!

كما أن في الإسناد : محمد بن إسحاق ، وهو مدلس ، وله غرائب في سعة ما روى تستنكر ، واختلف فى الاحتجاج به .

قال العراقي في “المدلسين” (ص: 81) : ” ممن أكثر من التدليس ، خصوصًا عن الضعفاء ” انتهى. [2]

وقد رواه عن ابن إسحاق : سلمة بن الفضل الرازي ، وهو ضعيف . وينظر :  “تهذيب التهذيب” (4 /154).

ورواه عن سلمة : محمد بن حميد الرازي ، وهو متروك . وينظر :  “تهذيب التهذيب” (9 /131). 

وقد قال الذهبي في “ميزان الاعتدال” (4 /406) في هذا الحديث : ” منكر “. [3]

وأما متنه: فمنكر مخالف للأحاديث الصحيحة الواردة في النهي عن التمثيل بجثة المقتول ، والأحاديث التي جاءت بالنهي عن قتل النساء والأطفال في الحرب .

فعن عَدِيّ بْن ثَابِتٍ قَالَ : ” سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم :  ” أَنَّهُ نَهَى عَنِ النُّهْبَةِ وَالْمُثْلَةِ‏ “رواه البخاري ( 5516 ) .

وعن بريدة رضي الله عنه قال قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ‏ اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ ، فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ ، اغْزُوا وَلاَ تَغُلُّوا وَلاَ تَغْدِرُوا وَلاَ تَمْثُلُوا وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيدًا …  رواه مسلم ( 1731 ) .

وروى أبو داود (2295) عَنْ رَبَاحِ بْنِ رَبِيعٍ قَالَ : ” كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ فَرَأَى النَّاسَ مُجْتَمِعِينَ عَلَى شَيْءٍ ، فَبَعَثَ رَجُلًا فَقَالَ : انْظُرْ عَلَامَ اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ ، فَجَاءَ فَقَالَ عَلَى امْرَأَةٍ قَتِيلٍ ، فَقَالَ : مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ . قَالَ : وَعَلَى الْمُقَدِّمَةِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، فَبَعَثَ رَجُلًا فَقَالَ :  قُلْ لِخَالِدٍ لَا يَقْتُلَنَّ امْرَأَةً وَلَا عَسِيفًا  ” صححه الألباني في “صحيح أبي داود” .

ثانيًا:

ما جاء في “السنن الكبرى” للبيهقي (17/ 126)، و”سنن الدارقطني” (4/ 119) وغيرهما أن من قتلها هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه ؛ لأنها كفرت بعد إسلامها ولم تتب .

فرويا عن سعيدِ بنِ عبدِ العَزيزِ التَنوخِىِّ : ” أن امرأةً يقال لها : أُمُّ قِرفَةَ . كَفَرَت بعدَ إسلامِها ، فاستَتابَها أبو بكرٍ الصَّدّيقُ – رضي الله عنه -، فلَم تَتُبْ ، فقَتَلَها ” .

إلا أن هذا إسناد منقطع ؛ لأن سعيد بن عبد العزيز لم يدرك أبا بكر رضي الله تعالى عنه .

ولذا ضعفه الشافعي والبيهقي وغيرهما :

قال الشّافِعِيُّ : ” فما كان لَنا أن نَحتَجَّ به إذْ كان ضَعيفًا عِندَ أهلِ العِلمِ بالحَديثِ ” انتهى.

وقال البيهقي : ” ضَعْفُه فى انقِطاعِه ، وقَد رُوِّيناه مِن وجهَينِ مُرسَلَينِ ” انتهى.

وقال الزيلعي في “نصب الراية” (3/ 459) : ” إنَّ سَعِيدًا هَذَا لَمْ يُدْرِكْ أَبَا بَكْرٍ ، فَيَكُونُ مُنْقَطِعًا ” انتهى.

وأخرج البيهقي في “السنن الكبرى” (16955) من طريق سعيد بن مَنصورٍ ، حدثنا خالِدُ بنُ يَزيدَ بنِ أبى مالكٍ الدَّمَشقِيُّ ، حَدَّثَنِى أبى ، أن أبا بكرٍ الصِّدّيقَ -رضي الله عنه- قَتَلَ امرأةً يُقالُ لها : أُمُّ قِرفَةَ . فى الرِّدَّةِ . 

وهذا إسناد ضعيف ، ففيه : خالد بن يزيد الدمشقي ، ضعيف ، وقيل : متروك .

 وينظر : “تهذيب التهذيب” (3 /127).

وأبوه : يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الدمشقي ، لم يدرك أبا بكر رضي الله تعالى عنه ، فالإسناد منقطع أيضًا .

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: ” وأسانيد هذه القصة منقطعة ” انتهى، من “جامع العلوم والحكم” (1/439).

والحاصل : أن أسانيد هذه القصة كلها ضعيفة لا تصح ، وما ذكر من التمثيل بها وشقها نصفين : ففيه نكارة ظاهرة ؛ فلا يجوز نشر هذه القصة إلا من باب التحذير منها .

والله أعلم.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 تاريخ الرسل والملوك” (2/ 643)
^2 المدلسين (ص: 81)
^3 ميزان الاعتدال (4 /406)

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android