هل كمال الدين من كمال الله تعالى؟
هل كمال الدين من كمال الله تعالى؟
السؤال: 335072
ملخص الجواب
دين الإسلام كامل لا نقص فيه بوجه من الوجوه . والقول بأن هذا الكمال ثبت لهذا الدين لأنه من الله المتصف بالكمال : قول حق.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
دين الإسلام كامل لا نقص فيه بوجه من الوجوه .
قال الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ المائدة /3.
وقال الله تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ الأنعام /115.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
" وقوله: ( وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا ) قال قتادة: صدقا فيما قال ، وعدلا فيما حكم.
يقول: صدقا في الأخبار، وعدلا في الطلب؛ فكل ما أخبر به : فحق لا مرية فيه ولا شك، وكل ما أمر به : فهو العدل الذي لا عدل سواه، وكل ما نهى عنه : فباطل، فإنه لا ينهى إلا عن مفسدة، كما قال: ( يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.
( لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ) أي: ليس أحد يُعقِّب حكمه تعالى لا في الدنيا ولا في الآخرة " انتهى من "تفسير ابن كثير" (3 / 322).
ثانيا:
والقول بأن هذا الكمال ثبت لهذا الدين لأنه من الله المتصف بالكمال : قول حق.
فالله تعالى متصف بالكمال سبحانه، ويحسن مراجعة جواب السؤال رقم : (247961).
فالإسلام جاء بأخبار العقائد وما كان وما سيكون، وبتشريعات، وببشارة المستجيب له بالنعيم والحياة الطيبة، وإنذار العاصي بالعذاب الأليم.
والإخبار بالعقائد وما كان وما سيكون، إنما تكون كاملة إذا كانت صادقة ومما ينفع العلم به في الاهتداء والصلاح.
والله سبحانه كامل العلم، وكملت كلماته صدقا وعدلا، وكملت حكمته فلا يخبر إلا بما فيه حكمة ومصلحة نافعة.
قال الله تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا * وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا الفرقان/4 – 6.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
" وقال تعالى في جواب ما عاندوا هاهنا وافتروا: ( قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) أي: أنزل القرآن المشتمل على أخبار الأولين والآخرين إخبارا حقا صدقا مطابقا للواقع في الخارج، ماضيا ومستقبلا ( أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ) أي: الله الذي يعلم غيب السموات والأرض، ويعلم السرائر كعلمه بالظواهر " انتهى من"تفسير ابن كثير" (6 / 94).
وقال الله تعالى: وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ النمل/6.
والتشريعات إنما تتصف بالكمال إذا كان مشرِّعها كامل العلم ، كامل الحكمة فلا يشرع إلا ما يحقق المصالح ويزيل المفاسد، ولا تتعارض تشريعاته، وتصلح في الوقت ذاته لجميع الناس باختلاف أجناسهم وبلدانهم وأزمانهم.
وهذا لا يحصل إلا ممن كمل علمه وحكمته ورحمته ، وهو الله سبحانه وتعالى.
قال الله تعالى: حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ فصلت /1 – 3.
وقال الله تعالى: وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ فصلت /41 – 42.
وقال الله تعالى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا النساء/82.
وأما الإخبار بالجزاء على الأعمال بالبشارة والنذارة؛ فإنما تكمل إذا كملت مناسبتها لعمل العامل وسعيه، وكملت في رحمتها إن كانت تبشيرا، وكملت في عدلها إن كانت إنذارا، وكمل المشرع في قوته وقدرته على تحقيق هذا الجزاء، وكمل في صدقه فلا يخلف وعده.
وهذا الكمال للمشرّع إنما هو لله وحده؛ فهو كامل العزة والقدرة والقوة والملك ، فلا يخرج عن قدرته أحد لأنه رب العالمين.
وهو كامل الرحمة، وكامل العدل، وكامل الصدق.
قال الله تعالى: وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ، وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ الشعراء/191 – 192.
وقال الله تعالى : حم ، تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ، غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ غافر/1 – 3.
وقال الله تعالى: لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ الزمر/20.
وقال الله تعالى: تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ آل عمران /108.
فالحاصل؛ أن هذا الدين كامل لكمال الله تعالى في صفاته العلى.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة