0 / 0

التعليق على عبارة :” ما ذُكِرَ مُحمَّدٌ ﷺ في عَسِيرٍ إلاَّ ويُسِّر “.

السؤال: 336536

هل تصح هذه العبارة التالية : "ما ذُكِرَ مُحمَّدٌ في عَسِيرٍ إلاَّ ويُسِّر " ؟ أعلم فضل كثرة الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام في حديث (… إذًا تُكْفَى همَّكَ ويغفرْ لكَ ذنبُكَ )، ولكن هل يرتبط ذكره عليه الصلاة والسلام بتيسير الامور ؟ أليس الله جل وعلا هو ميسر الأمر؟

ملخص الجواب

نرى تجنب مثل هذه العبارات الموهمة ، لأن حماية جناب التوحيد واجب ، وينبغي استعمال الألفاظ الواضحة غير الموهمة ، كأن يقول القائل مثلا : إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يُفرج الله بها الهموم ، وييسر بها العسير ، أو يقول : حيثما كانت شريعة النبي صلى الله عليه وسلم كان اليسر والسعة .

الجواب

أولا: تيسير الأمور وتعسيرها بيد الله وحده

مما لا شك فيه أن تيسير الأمور وتعسيرها بيد الله وحده لا شريك له ، ولا يملك أحد غير الله ذلك .

وقد جاءت النصوص الكثيرة التي تقرر هذا المعنى .

فإن الله تعالى هو الذي يسَّر خروج الإنسان من بطن أمه ، وهو الذي يسَّر القرآن للذكر .

قال الله :  قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20)  عبس/17-20.

وقال الله :  وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ  القمر/17.

وهذا موسى عليه السلام لما أمره الله أن يذهب إلى فرعون سأل ربه أن ييسر له أمره .

قال الله تعالى:  اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24) قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26)  طه/24-26.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ربه أن ييسر له الهدى .

فقد أخرج الترمذي في "سننه" (3551) ، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو يَقُولُ:  رَبِّ أَعِنِّي وَلاَ تُعِنْ عَلَيَّ ، وَانْصُرْنِي وَلاَ تَنْصُرْ عَلَيَّ ، وَامْكُرْ لِي وَلاَ تَمْكُرْ عَلَيَّ ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرِ الهُدَى لِي … .

والحديث صححه الشيخ الألباني في "صحيح ابن ماجه" (3088) .

وفي ذات يوم ودَّع النبي صلى الله عليه وسلم أحد أصحابه أراد سفرا ، فدعا الله له أن ييسر له الخير حيث كان .

فقد أخرج الترمذي في "سننه" (3444) ، من حديث أَنَسٍ ، قَالَ:" جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنِّي أُرِيدُ سَفَرًا فَزَوِّدْنِي . قَالَ:  زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى  ، قَالَ: زِدْنِي ، قَالَ:  وَغَفَرَ ذَنْبَكَ ، قَالَ: زِدْنِي بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، قَالَ:  وَيَسَّرَ لَكَ الخَيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ  " والحديث صححه الشيخ الألباني في "صحيح الترمذي" (2739) .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه الاستخارة في الأمور كلها ، وفيه يسأل العبد ربه تيسير الأمر إن كان خيرا له .

فقد أخرج البخاري في "صحيحه" (7390) ، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، قال: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ الِاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا ، كَمَا يُعَلِّمُهُمُ السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ يَقُولُ:  إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ ، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الأَمْرَ – ثُمَّ تُسَمِّيهِ بِعَيْنِهِ – خَيْرًا لِي فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ – قَالَ: أَوْ فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي – فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ ، اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي – أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ – فَاصْرِفْنِي عَنْهُ ، وَاقْدُرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ .

ولا يُيَسَّر شيء قط إلا بإذن الله وحده .

حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : اللَّهُمَّ لَا سَهْلَ إِلا مَا جَعَلْتَهُ سَهْلا ، وَأَنْتَ تَجْعَلُ الْحَزْنَ إِذا شِئْت سهلا  .

أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (2427) ، وصححه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2886) .

وتقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : " سَلُوا اللَّهَ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الشِّسْعَ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ إِنْ لَمْ يُيَسِّرْهُ لَمْ يَتَيَسَّرْ".

أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (4560) ، وحسنه الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (3/540) .


ثانيا: عبارة : ما ذُكر محمد صلى الله عليه وسلم في عسير إلا ويسر عبارة موهمة تحتمل حقاً وباطلاً.

هذه العبارة التي أوردها السائل ، وهي :" ما ذُكِرَ مُحمَّدٌ في عَسِيرٍ إلاَّ ويُسِّر " ، عبارة موهمة تحتمل حقا وباطلا ، فلا يجوز أن تذكر على هذه الهيئة ، وذلك لما يلي :

أولا : أنها تحتمل أن يقصد بها قائلها أن مطلق الذكر لاسم النبي صلى الله عليه وسلم ييسر الأمر العسير ، وهذا إن سلم قائله من اعتقاد باطل كما هو شأن غلاة الصوفية فإنه لم يدل عليه دليل .

ثانيا : إن كان يقصد أن بذكره أي بالصلاة والسلام عليه يفرجُ الله الهموم ويزيل العسر في الأمور فهذا أيضا حق .

كما في الحديث الذي أخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (170) ، من حديث أبي بن كعب  رضي الله عنه ، قال :" يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ ؛ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ قَالَ:  مَا شِئْتَ  قَالَ: الرُّبُعَ؟ قال:  ما شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ ، قَالَ: النِّصْفَ؟ قَالَ:  مَا شِئْتَ ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ  ، قَالَ: الثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: مَا شِئْتَ ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ  ، قَالَ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: إِذًا يُكفى هَمُّكَ ، ويُغفر ذَنْبُكَ  .

والحديث صححه الشيخ الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (1670) .

وختاما :

نرى تجنب مثل هذه العبارات الموهمة ، لأن حماية جناب التوحيد واجب ، وينبغي استعمال الألفاظ الواضحة غير الموهمة ، كأن يقول القائل مثلا : إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يُفرج الله بها الهموم ، وييسر بها العسير ، أو يقول : حيثما كانت شريعة النبي صلى الله عليه وسلم كان اليسر والسعة .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android