قرأت أحاديث عن كيفية نوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعض الروايات تذكر أن نساءه وأصحابه كانوا يعرفون أن الرسول نائم بنفخه وغطيطه، و لما أخبرت بها أحد الإخوة قال لي : هذا لا يمكن؛ لأن الغطيط أو الشخير يتنافى مع ما نعرف من صفات كمال الرسول عليه السلام، ولو كان هذا صحيحا لعرفه كونه لم تنم عيناه ولعالج نفسه الخ، فكيف نرد على هذه الشبهة ؟
بيان معنى كان إذا نام نفخ ومعنى سمع له غطيط
السؤال: 336780
ملخص الجواب
النفخ أو الغطيط لا ينافي يقظة القلب، ولا ينافي كمال الحال والهيئة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ وليس هو الشخير الذي يكون من الأنف.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام نفخ، وأحيانا له غطيط، وكان لا ينام قلبه وتنام عيناه، ولا ينتقض وضوؤه بهذا النوم، وكل ذلك ثابت في الأحاديث الصحيحة.
روى البخاري (698)، ومسلم (763) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: " نِمْتُ عِنْدَ مَيْمُونَةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَقُمْتُ عَلَى يَسَارِهِ، فَأَخَذَنِي، فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ، وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ، ثُمَّ أَتَاهُ المُؤَذِّنُ، فَخَرَجَ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ".
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم": "قوله: "ثم اضطجع ، فنام حتى نفخ ، فقام فصلى ولم يتوضأ" : هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن نومه مضطجعا لا ينقض الوضوء؛ لأن عينيه تنامان ولا ينام قلبه، فلو خرج حدث لأحس به ، بخلاف غيره من الناس" انتهى.
وقال أبو الحسن المباركفوري في "مرعاة المفاتيح" (4/ 174): "ثم اضطجع فنام حتى نفخ) أي تنفس بصوت ، حتى يسمع منه صوت النفخ بالفم ، كما يسمع من النائم" انتهى.
وروى البخاري (7231)، ومسلم (2410) عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " أَرِقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقَالَ: لَيْتَ رَجُلًا صَالِحًا مِنْ أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ ، قَالَتْ وَسَمِعْنَا صَوْتَ السِّلَاحِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: يَا رَسُولَ اللهِ جِئْتُ أَحْرُسُكَ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَنَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ" .
قال الفيومي في "المصباح المنير" (2/ 449): "غَطَّ النَّائِمُ يَغِطُّ غَطِيطًا أَيْضًا : تَرَدَّدَ نَفَسُهُ صَاعِدًا إلَى حَلْقِهِ حَتَّى يَسْمَعَهُ مَنْ حَوْلَهُ" انتهى.
وقال الخطابي رحمه الله في "شرح البخاري" (1/ 479) : " الغطيط: صوت يسمع من تردد النفس، كهيئة صوت المخنوق، ومنه غطيط البَكْر، والخطيط قريب منه، والغين والخاء متقاربا المخرج، وقد مر ذكر معاني هذا الحديث فيما تقدم" انتهى.
وهذا الغطيط ليس هو الشخير الذي يكون من الأنف؛ وقد رد الملا علي القاري على من زعم أن النفخ والغطيط من الأنف.
قال رحمه الله في "المرقاة" (3/ 904): "(ثم اضطجع فنام حتى نفخ) ، أي: تنفس بصوت حتى يسمع منه صوت النفخ بالفم، كما يسمع من النائم. وقال ابن حجر [الهيتمي]: نفخ من أنفه، ومن ثم عبر عنه في رواية أخرى بالغطيط، وهو صوت الأنف المسمى بالخطيط، بفتح المعجمة، وهو الممدود من الصوت. وقيل: هما بمعنى، وهو صوت يسمع من تردد النفس، أو النفخ عند الخفقة، أي تحريك الرأس. اهـ كلامه.
وما وجدنا في كتب اللغة ما يدل على أنه صوت الأنف، ففي النهاية: الغطيط: الصوت الذي يخرج مع نفس النائم ، وهو ترديده حيث لا يجد مساغا، وقال: والخطيط قريب من الغطيط وهو صوت النائم، وفي القاموس: غط النائم غطيطا: صات، والله أعلم" انتهى.
وروى البخاري (3569) عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: " كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ؟ قَالَتْ: مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلاَ فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلاَ تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاَثًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ قَالَ: تَنَامُ عَيْنِي وَلاَ يَنَامُ قَلْبِي ".
والحاصل :
أن النفخ أو الغطيط لا ينافي يقظة القلب، ولا ينافي كمال الحال والهيئة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ وليس هو الشخير الذي يكون من الأنف.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب