0 / 0

لماذا نصوص الوعد والأجر تخاطب الرجال دون النساء؟

السؤال: 337507

كنت أريد معرفة لماذا هناك تفرقة بين الرجل والمرأة في الدين، أعلم أن قول هذه الأشياء حرام، ولكنها أفكار تأنيني.
في مثلا: أري أن الأجر العظيم للرجل، والكثير من الأحاديث للرجل، ولا يوجد لنا مثل ذلك.
فمثلا في هذا الحديث: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه).
أين المرأة؟ لماذا من يحب المسجد؟ ولماذا الإمام العادل؟ ولماذا رجل دعته امرأة؟ أنا أحزن كثيرا، أرى في هذا الحديث أن أغلبه موجه الرجال.
و في حديث آخر: (ثَلاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ، وَيَسْتَبْشِرُ بِهِمْ، الَّذِي إِذَا انْكَشَفَتْ فِئَةٌ، قَاتَلَ وَرَاءَهَا بِنَفْسِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِمَّا أَنْ يُقْتَلَ، وَإِمَّا أَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَكْفِيهِ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي كَيْفَ صَبَّرَ لِي نَفْسَهُ، وَالَّذِي لَهُ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ، وَفِرَاشٌ لَيِّنٌ حَسَنٌ، فَيَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ فَيَذَرُ شَهْوَتَهُ، فَيَذْكُرُنِي، وَيُنَاجِينِي وَلَوْ شَاءَ لَرَقَدَ، وَالَّذِي يَكُونُ فِي سَفَرٍ، وَكَانَ مَعَهُ رَكْبٌ، فَسَهَرُوا، وَنَصَبُوا، ثُمَّ هَجَعُوا، فَقَامَ فِي السَّحَرِ فِي سَرَّاءٍ أَوْ ضَرَّاءٍ).
أنا أصلي، وأقيم الليل، وأصلي الفجر، فلماذا في النهاية يضحك للرجل؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

ما ورد في القرآن والسنة من وعد وأجر فالأصل فيه أنه موجه للذكر والأنثى، وإن ورد الخطاب فيه للمذكر، وهذا مالا خلاف فيه.

قال الله تعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ) النساء/124.

وقال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/97.

وقال الله تعالى:

(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ) آل عمران/195.

وكما في قول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ ) رواه أبو داود (236)، والترمذي (113)، وصححه الألباني في “سلسلة الأحاديث الصحيحة” (6/860).

قال الخطابي رحمه الله تعالى:

” وقوله: ( إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ ) فيه من الفقه إثبات القياس، والحاق حكم النظير بالنظير ، وأن الخطاب إذا ورد بلفظ الذكور كان خطابا للنساء إلا مواضع الخصوص التي قامت أدلة التخصيص فيها” انتهى من “معالم السنن” (1/79).

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:

” فهو دليل على تساوي الشقيقين، وتشابه القرينين، وإعطاء أحدهما حكم الآخر ” انتهى من “اعلام الموقعين” (2/ 343 – 344).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

” … ثم لا خلاف بين الفريقين أن آيات ” الأحكام ” و ” الوعد ” و ” الوعيد ” التي في القرآن تشمل الفريقين وإن كانت بصيغة المذكر.

فمن هؤلاء من يقول: دخلوا فيه؛ لأن الشرع استعمل اللفظ فيهما، وإن كان اللفظ المطلق لا يشمله.

ومنهم من يقول: دخلوا لأنا علمنا من الدين استواء الفريقين في الأحكام؛ فدخلوا كما ندخل نحن فيما خوطب به الرسول، وكما تدخل سائر الأمة فيما خوطب به الواحد منها؛ وإن كانت صيغة اللفظ لا تشمل غير المخاطب ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (6 / 438).

فالمرأة المسلمة إذا شاركت المسلم في عبادة : فهي موعودة بالأجر الذي وعد به الرجل.

كمثل ما ورد في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: ” جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي مَجْهُودٌ، فَأَرْسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ، فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ! مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أُخْرَى، فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذَلِكَ: لَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ.

فَقَالَ: (مَنْ يُضِيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ، رَحِمَهُ اللهُ؟)

فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: أَنَا، يَا رَسُولَ اللهِ! فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟

قَالَتْ: لَا، إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي.

قَالَ: فَعَلِّلِيهِمْ بِشَيْءٍ، فَإِذَا دَخَلَ ضَيْفُنَا فَأَطْفِئِ السِّرَاجَ، وَأَرِيهِ أَنَّا نَأْكُلُ، فَإِذَا أَهْوَى لِيَأْكُلَ، فَقُومِي إِلَى السِّرَاجِ حَتَّى تُطْفِئِيهِ، قَالَ: فَقَعَدُوا وَأَكَلَ الضَّيْفُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (قَدْ عَجِبَ اللهُ مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ) رواه مسلم (2054).

فكما هو ظاهر من الحديث فالمرأة شاركت زوجها في إكرام الضيف؛ فشاركته في المدح.

وقد خص الله تعالى الرجال بتكاليف شرعية وعبادات لم يفرضها على النساء، لكونها لا تناسب طبيعتهن، كالنبوة والرسالة والجهاد والإمامة، كما خص النساء بمزيد من العطف واللين والصبر على تربية الأولاد.

والله سبحانه وتعالى (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) وذلك لكمال علمه وحكمته، فقد وضع كل شيء في موضعه اللائق به .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

” وهو سبحانه خالق كل شيء وربه ومليكه، وله فيما خلقه حكمة بالغة، ونعمة سابغة، ورحمة عامة وخاصة، وهو لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، لا لمجرد قدرته وقهره، بل لكمال علمه وقدرته ورحمته وحكمته ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (8/79).

فليس لأحد أن يتمنى ما فضل الله به غيره عليه.

قال الله تعالى:

(وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) النساء/32.

قال السعدي رحمه الله في تفسيره (ص 176) :

“ينهى تعالى المؤمنين عن أن يتمنى بعضهم ما فضل الله به غيره من الأمور الممكنة وغير الممكنة.

فلا تتمنى النساء خصائص الرجال التي بها فضلهم على النساء، ولا صاحب الفقر والنقص حالة الغنى والكمال تمنيا مجردا لأن هذا هو الحسد بعينه، تمني نعمة الله على غيرك أن تكون لك ويسلب إياها.

ولأنه يقتضي السخط على قدر الله والإخلاد إلى الكسل والأماني الباطلة التي لا يقترن بها عمل ولا كسب.

وإنما المحمود أمران: أن يسعى العبد على حسب قدرته بما ينفعه من مصالحه الدينية والدنيوية، ويسأل الله تعالى من فضله، فلا يتكل على نفسه ولا على غير ربه.

ولهذا قال تعالى: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا أي: من أعمالهم المنتجة للمطلوب.

وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ فكل منهم لا يناله غير ما كسبه وتعب فيه.

وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ أي: من جميع مصالحكم في الدين والدنيا؛ فهذا كمال العبد وعنوان سعادته؛ لا من يترك العمل، أو يتكلُ على نفسه غير مفتقر لربه، أو[لا] يجمع بين الأمرين؛ فإن هذا مخذول خاسر.

وقوله: إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ؛ فيعطي من يعلمه أهلا لذلك، ويمنع من يعلمه غير مستحق” انتهى.

وقال الشوكاني في “فتح القدير” (2/134):

“قوله : وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ التمني: نوع من الإرادة يتعلق بالمستقبل ، كالتلهف؛ نوع منها يتعلق بالماضي ، وفيه النهي عن أن يتمنى الإنسان ما فضل الله به غيره من الناس عليه ، فإن ذلك نوع من عدم الرضا بالقسمة التي قسمها الله بين عباده على مقتضى إرادته ، وحكمته البالغة.” انتهى.

وقد ذكر الله تعالى الرجال والنساء في سورة الأحزاب، ووعدهم جميعا بالمغفرة والأجر العظيم إن قاموا بالعبادات التي شرعها الله تعالى لهم .

فقال سبحانه : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) الأحزاب/35 .

روى الترمذي (3022) عن مجاهد عن أم سلمة أنها قالت : يغزو الرجال ولا تغزو النساء ، وإنما لنا نصف الميراث ، فأنزل الله تبارك وتعالى : ( ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ) قال مجاهد : وأنزل فيها ( إن المسلمين والمسلمات ) .

وروى الترمذي أيضا (2565) عن أم عمارة الأنصارية أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : ما أرى كل شيء إلا للرجال ، وما أرى النساء يذكرن بشيء ، فنزلت هذه الآية : (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات …الآية) .

وصححهما الألباني في “صحيح الترمذي”.

فالمشروع للمؤمنين والمؤمنات أن ينشغلوا بما كلفهم الله تعالى القيام به ، ويسألوا الله من فضله العظيم في الدنيا والآخرة ، فذلك خير لهم من أن يتحسروا ويحزنوا ويتمنوا ما فضل الله بعضهم على بعض .

والله سبحانه يعطي كل مؤمن (ذكرا كان أو أنثى) ما وعده من الثواب على الأعمال الصالحة ، كما سبق ذكر بعض الآيات الدالة على ذلك .

وقد قال الله تعالى، ومن أصدق من الله قيلا : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ) النساء/40.

فاجتهدي في طاعة الله تعالى ، والقيام بما أمرك به ، ودعي عنك وساوس الشيطان ، فإنه يريد إقعادك عن طاعة الله تعالى ، وتفويت الحياة الطيبة والأجر العظيم عليك .

وطالعي لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم: (608).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

answer

موضوعات ذات صلة

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android