ما صحة الحديث التالي، والذي رواه الإمام أحمد في "مسند" (سيكون في أمتي دجالون كذابون، يأتونكم ببدع من الحديث، بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم لا يفتنونكم) ؟
حول صحة حديث” سيكون في أمتي دجالون كذابون يأتونكم ببدع من الحديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم لا يفتنونكم “
السؤال: 340489
ملخص الجواب
الحديث حسن إن شاء الله ، ومداره على مسلم بن يسار أبي عثمان القنبذي الأصبحي ، وحديثه حسن ، ولا يصل إلى درجة الصحيح
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
الحديث أخرجه مسلم في "مقدمة صحيحه" (6) ، وأحمد في "مسنده" (8267) ، وابن حبان في "صحيحه" (6766) ، من طريق أبي هانئ حميد بن هانئ .
وأخرجه مسلم في "مقدمة صحيحه" (7) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (7/397) ، من طريق شراحيل بن يزيد.
كلاهما ( أبو هانئ وشراحيل بن يزيد ) عن مسلم بن يسار، عن أبي هريرة ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ ، يَأْتُونَكُمْ مِنَ الْأَحَادِيثِ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ، وَلَا آبَاؤُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ، لَا يُضِلُّونَكُمْ، وَلَا يَفْتِنُونَكُمْ .
وأخرجه أحمد في "مسنده" (8596) ، من طريق حسن بن موسى ، وابن وضاح في "البدع" (71) ، من طريق ابن وهب .
كلاهما ( حسن بن صالح ، وعبد الله بن وهب ) عن ابن لهيعة ، قال ، حَدَّثَنَا سَلَامَانُ بْنُ عَامِرٍ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الْأَصْبَحِيِّ ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ ، يَأْتُونَكُمْ بِبِدَعٍ مِنَ الْحَدِيثِ ، بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ لَا يَفْتِنُونَكُمْ .
وهنا احتمالان :
الأول ، وهو الراجح ، أن كلا الطريقين طريق واحد ، وأن مسلم بن يسار أبو عثمان الطنبذي هو أبو عثمان الأصبحي .
قال السمعاني في "الأنساب" (9/86) :" أبو عثمان مسلم بن يسار الطنبذى ، ويقال: الأصبحي- قاله مسلم بن حجاج ، وهو رضيع عبد الملك بن مروان ، سمع أبا هريرة ، حدث عنه أبو هانئ حميد الخولانيّ ، روى له مسلم بن الحجاج حديثا واحدا في صدر كتابه: سيكون في آخر الزمان دجالون كذابون – الحديث قاله أبو على الغساني " انتهى .
الثاني : أن الحديث يروى من طريقين ، أحدهما عن مسلم بن يسار، أبي عثمان الطنبذي ، والآخر من طريق أبي عثمان الأصبحي .
والحديث حسن على كل حال .
فإن مداره على مسلم بن يسار، أبي عثمان الطنبذي ، وهو حسن الحديث إن شاء الله ، وبقية رجال الإسناد ثقات.
فقد ترجم له ابن حبان في "مشاهير علماء الأمصار" (947) فقال :" من جِلة المصريين ". اهـ ، وأما الدارقطني فقد نقل عنه البرقاني في "سؤالاته" أنه قال – بحسب النسخة المطبوعة – :" لا يعتبر به " . بينما نقل عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (4/514) ، وابن حجر في "تهذيب التهذيب" (10/142) أنه قال فيه :" يعتبر به ". اهـ ، والغالب أن المطبوع من سؤالات البرقاني فيه خطأ ، وأنه كما نقله الذهبي وابن حجر :" يعتبر به ".
وأما الذهبي فقد قال فيه في "تاريخ الإسلام" (206) :" صدوق " انتهى، وقال في "الكاشف" (5435) :" ثقة "انتهى، وقال في "ميزان الاعتدال" (8509) :" ولا يبلغ حديثه درجة الصحة ، وهو في نفسه صدوق " انتهى، وقال ابن حجر في "التقريب" (6653) :" مقبول "انتهى.
فإن قلنا : إن الحديث يروى من طريق واحد ، وهو طريق مسلم بن يسار أبو عثمان الطنبذي وأنه هو كذلك الأصبحي فالأمر فيه كما ذكرنا ، وأنه حسن الحديث .
وأما إن قلنا : إن الحديث يروى من طريقين ، وأن مسلم بن يسار غير أبي عثمان الأصبحي ، فإنه يكون قد تابع مسلم بن يسار على روايته .
قال المزي في "تهذيب الكمال" (34/77) :" وقد روى عَن أَبِي هُرَيْرة جماعة ممن يكنى أبا عثمان ، وحديثه عند المِصْرِيين؛ منهم: مسلم بن يسار الطنبذي هَذَا ، ومنهم أَبُو عثمان الأصبحي واسمه عُبَيد بْن عَمْرو ، ويروي عَنْهُ سلامان بْن عامر وشراحيل بْن يزيد ". اه،
والذين جعلوا أبا عثمان الأصبحي، غير مسلم بن يسار: ذكروا أنه عبيد بن عمرو ، وهو مجهول الحال .
وقد جهله أبو المحاسن الحسيني في "الإكمال" في "الإكمال" (360) :" سلامان بن عَامر عَن أبي عُثْمَان الأصبحي عَن أبي هُرَيْرَة، وَعنهُ ابْنه لَهِيعَة : مَجْهُول كشيخه ". اهـ
وأما سلامان بن عامر ، فإنه معروف بالصلاح .
قال فيه ابن يونس : " كَانَ رَجُلا صَالِحًا " انتهى من "تاريخ الإسلام" للذهبي (3/59) ، وقال ابن حجر في "تعجيل المنفعة" (393) :" وَالرجل مَعْرُوف مَوْصُوف بالصلاح " انتهى.
فيبقى جهالة عبيد بن عمرو أبو عثمان الأصبحي ، هذا إن قلنا : إنه غير مسلم بن يسار .
والحديث صححه الحاكم في "المستدرك" (351) ، فقال :" هَذَا حَدِيثٌ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي خِطْبَةِ الْكِتَابِ مَعَ الْحِكَايَاتِ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ فِي أَبْوَابِ الْكِتَابِ ، وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا جَمِيعًا ، وَمُحْتَاجٌ إِلَيْهِ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ ، وَلَا أَعْلَمُ لَهُ عِلَّةً "انتهى.
وحسنه البغوي في "شرح السنة" (1/223) ، وصححه الشيخ الألباني في تخريجه على "مشكاة المصابيح" (15)
وخلاصة الأمر :
أن الحديث حسن إن شاء الله ، وأن مداره على مسلم بن يسار أبي عثمان القنبذي الأصبحي ، وحديثه حسن ، ولا يصل إلى درجة الصحيح ، والله أعلم .
وللاستزادة حول معنى الحديث يمكن مراجعة جواب السؤال رقم : (340283) (239540) .
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة