0 / 0
30,71908/11/2020

الأسماء التي علمها الله لآدم عليه السلام

السؤال: 344994

يقول الحق تبارك وتعالى في كتابه الحكيم : ( وعلم آدم الأسماء كلها )، وعندي أسئلة بخصوص هذا وهي: هل علم الله تعالى آدم عليه السلام كل الأسماء حتى ما لم يُرَ أو يٌعرف إلا في العصر الحديث، كالفيروسات مثلا، والميكروبات، والمجرات، والكواكب، التي لم تكتشف حتى الآن ؟ وإن كان الله تعالى علم آدم عليه السلام كل الأسماء فهل يعني أن آدم عليه السلام كان يقدر على استعمال ماعرفه كأن يقدر على أن يوقد النار أو يزرع مثلا ؟ وما حكم قول إن الإنسان في أول أمره لم يكن يزرع ولا يوقد النار، بل كان يعتمد على أكل الثمار البرية والصيد، وأنه لم يتعلم الزراعة إلا قبل 5000 سنة ؟

ملخص الجواب

 ليس في الآيات ما استعمله آدم عليه السلام، ولا ما كان يأكله، ولا غير ذلك من التفصيلات، فنحن نكل علمه إلى الله تعالى، ونحاول إدراك موطن العبرة، والهداية مما أخبرنا الله به في كتابه المجيد، وأما تكلف الكلام على معرفة آدم عليه السلام بما ذكر في السؤال، إثباتا، أو نفيا: فلا طائل من وراء ذلك كله، ولا منفعة للعبد في دينه، ولا في فهم كلام ربه، بالنظر في ذلك، ولا مضرة عليه في جهل ذلك؛ والذي ينبغي على الناصح لنفسه: أن ينظر فيما ينفعه، ويعينه على فهم كلام رب العالمين، وتدبره.

الجواب

أولًا : أراد الله إظهار تفضيل آدم وتمييزه فعلّمه الأسماء كلها 

إن الله “سبحانه لما أراد إظهارَ تفضيل آدم وتمييزه ، فضَّله وميَّزه عليهم بالعلم، فعلَّمه الأسماءَ كلَّها، ثمَّ عرضهم على الملائكة، فقال: أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ.

جاء في التفسير أنهم قالوا: لن يخلقَ ربُّنا خلقًا هو أكرمُ عليه منَّا!! فظنُّوا أنهم خيرٌ وأفضلُ من الخليفة الذي يجعلُه الله في الأرض، فلمَّا امتحنهم بعلم ما علَّمه لهذا الخليفة، أقرُّوا بالعجز، وجَهْل ما لم يعلموه، فقالوا: سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيم، فحينئذٍ أظهرَ لهم فضلَ آدم بما خصَّه به من العلم، فقال: يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ، فلمَّا أنبأهم بأسمائهم أقرُّوا له بالفضل” انتهى من “مفتاح دار السعادة” لابن القيم(1/ 142).


ثانيًا : اختلاف العلماء في الأسماء التي علمها الله لآدم عليه السلام

اختلف العلماء في الأسماء التي علمها الله لآدم عليه السلام :

1- فذهب بعض العلماء إلى أنها : أسماء ذريته ، وأسماء الملائكة ، دون أسماء سائر أجناس الخلق . انظر: “تفسير الطبري” (1/ 518).

2- وذهب بعضهم إلى أن تعليم الله تعالى آدم الأسماء كلها، إعلامه القوانين والأصول، المشتملة على الجزئيات والفروع، وقد علم أن تعليم الكليات: أعظم في الأعجوبة، وأشبه بالأمور الإلاهية، من تعليمنا الصبي الحرف بعد الحرف.

وقوله: (الأسماء كلها) : أراد بها الألفاظ والمعاني ، ومفرداتها ومركباتها ، وحقائقها ، وذوات الأشياء في أنفسها. انظر: “تفسير الراغب الأصفهاني” (1/ 144).

3- وذهب بعض العلماء إلى أن الصحيح : أنه علمه أسماء الأشياء كلها : ذواتها وأفعالها ؛ كما قال ابن عباس حتى الفسوة والفسية . يعني أسماء الذوات والأفعال، المكبر والمصغر. انظر: “تفسير ابن كثير”(1/ 223).

وأيًّا ما كان الراجح من هذه الأقوال ، وما يتلوها من تفصيلات ، فإن : ” العبرة في تعليم الله تعالى آدم الأسماء حاصلة، سواء كان الذي علمه إياه أسماء الموجودات يومئذ، أو أسماء كل ما سيوجد، وسواء كان ذلك بلغة واحدة هي التي ابتدأ بها نطق البشر منذ ذلك التعليم، أم كان بجميع اللغات التي ستنطق بها ذرياته من الأمم ، وسواء كانت الأسماء أسماء الذوات فقط، أو أسماء المعاني والصفات ، وسواء كان المراد من الأسماء الألفاظ الدالة على المعاني، أو كل دال على شيء، لفظًا كان أو غيره، من خصائص الأشياء وصفاتها وأفعالها كما تقدم؛ إذ محاولة تحقيق ذلك لا طائل تحته في تفسير القرآن .

ولعل كثيرًا من المفسرين قد هان عندهم أن يكون تفضيل آدم بتعليم الله، متعلقا بمعرفة عدد من الألفاظ الدالة على المعاني الموجودة، فراموا تعظيم هذا التعليم بتوسيعه، وغفلوا عن موقع العبرة وملاك الفضيلة، وهو إيجاد هاته القوة العظيمة، التي كان أولها تعليم تلك الأسماء .

ولذلك كان إظهار عجز الملائكة عن لحاق هذا الشأو، بعدم تعليمهم لشيء من الأسماء، ولو كانت المزية والتفاضل في تعليم آدم جميع ما سيكون من الأسماء في اللغات، لكفى في إظهار عجز الملائكة عدم تعليمهم لجمهرة الأسماء، وإنما علم آدم أسماء الموجودات يومئذ كلها، ليكون إنباؤه الملائكة بها أبهر لهم في فضيلته”.

انتهى من “التحرير والتنوير” (1/ 411).

والحاصل:

أنه ليس في الآيات ما استعمله آدم عليه السلام، ولا ما كان يأكله، ولا غير ذلك من التفصيلات، فنحن نكل علمه إلى الله تعالى، ونحاول إدراك موطن العبرة، والهداية مما أخبرنا الله به في كتابه المجيد، وأما تكلف الكلام على معرفة آدم عليه السلام بما ذكر في السؤال، إثباتا، أو نفيا: فلا طائل من وراء ذلك كله، ولا منفعة للعبد في دينه، ولا في فهم كلام ربه، بالنظر في ذلك، ولا مضرة عليه في جهل ذلك؛ والذي ينبغي على الناصح لنفسه: أن ينظر فيما ينفعه، ويعينه على فهم كلام رب العالمين، وتدبره.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android