إذا قمت بكتابة رواية خيالية، وتم تحويلها إلى مسلسل أو فلم كرتوني بواسطة جهة ما، وقامت تلك الجهة بوضع النساء في الرواية بشكل متعرٍ وفاحش، وبشكل يغري المشاهد للزنا، علما أن ذلك لم يكن أبدا مذكورا في تفاصيل القصة، إذ أغفلت القصة الأصلية التي كتبتها بيان وتوضيح ثياب النساء بدقة وتفصيل، فهل آثم في هذه الحالة؟
هل يأثم كاتب الرواية إذا حوّلت إلى مسلسل يحتوي على منكرات؟
السؤال: 348350
ملخص الجواب
تحويل رواية الكاتب الخالية من المحرمات إلى فيلم أو مسلسل يحتوي على فجور، لا يخلو من حالين: الحالة الأولى: إذا تم هذا الأمر بغير موافقة وعلم من الكاتب. والحالة الثانية: في حالة موافقة الكاتب على هذا الفعل والرضى به، وينظر للأهمية بيان كل حكم منها في الجواب المطول.
Table Of Contents
أولا:
حكم كتابة الروايات
سبق بيان جواز كتابة الروايات إذا خلت من المحرمات في جواب السؤال رقم: (174829)،
ثانيا:
هل يأثم كاتب الرواية إذا حوّلت إلى مسلسل يحتوي على منكرات؟
تحويل رواية الكاتب الخالية من المحرمات إلى فيلم أو مسلسل يحتوي على فجور، لا يخلو من حالين:
الحالة الأولى:
أن يكون هذا الصنيع قد تم من غير موافقة من الكاتب، ومن دون استشارته ولا علمه، أو لم يكن في استطاعته منعهم من ذلك.
ففي هذه الحال لا يتحمل هذا الفجور؛ لأنه لا يد له فيه، والآثام إنما تلحق فاعلها، ولا تلحق من لم يفعلها ولم يرض بها.
قال الله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ فصلت /46. وقال تعالى: وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى الأنعام/164.
قال ابن العربي رحمه الله تعالى:
"الأدلة القاطعة قد قامت على أن أحدًا لا يعاقب بذنب أحدٍ، لا على العموم، ولا على الخصوص" انتهى من"القبس" (3 / 1174).
الحالة الثانية:
أن يكون هذا الكاتب موافقا على هذا الصنيع، وأذن في استعمال روايته ورضي بذلك، فلا شك في هذه الحال أنه آثم، لإعانته لهم على هذا الفجور؛ لأنه بدون هذه القصة لا يقوم الفيلم ولا المسلسل، والإعانة على الإثم منهي عنها.
قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ المائدة/2.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
"وكل لباس يغلب على الظن أن يستعان بلبسه على معصية: فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم، ولهذا كره بيع الخبز واللحم لمن يعلم أنه يشرب عليه، وبيع الرياحين لمن يعلم أنه يستعين به على الخمر والفاحشة، وكذلك كل مباح في الأصل علم أنه يستعان به على معصية، وهذا يختلف باختلاف الأمكنة والأوقات والأحوال." انتهى من"شرح العمدة، كتاب الصلاة" (1 / 386 – 387).
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:
"قال الإمام أحمد رضي الله عنه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع السلاح في الفتنة. ولا ريب أن هذا سد لذريعة الإعانة على المعصية… وفي معنى هذا كل بيع أو إجارة أو معاوضة تعين على معصية الله تعالى، كبيع السلاح للكفار والبغاة وقطاع الطريق، وبيع الرقيق لمن يفسق به أو يؤاجره لذلك، أو إجارة داره أو حانوته أو خانه لمن يقيم فيها سوق المعصية، وبيع الشمع أو إجارته لمن يعصي الله عليه، ونحو ذلك مما هو إعانة على ما يبغضه الله ويسخطه… " انتهى من "إعلام الموقعين" (5 / 63 – 64).
وقال ابن العربي رحمه الله تعالى:
".. أن الله قال: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ)، وقال: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) ؛ فقد أخبرنا ربنا أن كل نفس بما كسبت رهينة، وأنه لا يؤاخذ أحدا بذنب أحد، وإنما تتعلق كل عقوبة بصاحب الذنب.
بيد أن الناس إذا تظاهروا بالمنكر، فمن الفرض على كل من رآه أن يغيره، فإذا سكت عنه، فكلهم عاص؛ هذا بفعله، وهذا برضاه به. وقد جعل الله في حكمه وحكمته: الراضيَ بمنزلة العامل؛ فانتظم الذنب بالعقوبة، ولم يتعد موضعه، وهذا نفيس لمن تأمله." انتهى من "أحكام القرآن" (2 / 847).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة