0 / 0
79908/03/2024

من المخاطب بآية القوامة في سورة النساء؟

السؤال: 354996

عندي سؤال: لماذا كان المخاطب في آية: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ…) التي أباحت ضرب الناشز، هم الازواج، بينما كان المخاطب في الآيات التي سبقتها عامة للمؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ…)، والمخاطب في الآيات التي تبعتها أيضا عامة المؤمنين، كما قال الإمام الطبري: ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا..)، لماذا كان المخاطب عامة المؤمنين ثم الرجال ثم عامة المؤمنين دون تصريح بتغيير المخاطب؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

قال الله تعالى:

( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ) إلى قوله تعالى: ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ) النساء/29 – 35.

أولا :

عند تفسير القرآن الكريم ، وكذلك شرح الأحاديث النبوية ، لابد من النظر إلى دلالات الألفاظ والقرائن وسياق الكلام حتى يتضح معنى الآية الكريمة ، ومَن المخاطب بها ، وهل هي عامة أم خاصة ؟

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

“ينظر في كل آية وحديث بخصوصه وسياقه، وما يبين معناه من القرائن والدلالات، فهذا أصل عظيم مهم نافع في باب فهم الكتاب والسنة ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (6/18).

ثانيا :
أما الآية الأولى ، فلا شك أن المخاطب بها عموم المؤمنين ، رجالا ونساء ، وهو ما دل عليه لفظ الآية (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ودل عليه معناها أيضًا ،  فإن جميع المؤمنين ينهون عن أكل المال بالباطل .

وأما الآية الثانية فالمراد بها الرجال (الأزواج) فقط ، دون عموم المؤمنين ، وذلك ظاهر من سياق الآية وأحكامها وألفاظها .

فالآية تتحدث عن الزوجين ، وأن الرجل (الزوج) له القوامة على زوجته ، ثم قال الله تعالى : (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا)؛ والذي يخاطب بذلك هو الزوج خاصة ، لأنه لا يقال : (وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ ) إلا للزوج .

ولا يمكن أن يطالب عموم الناس بتأديب الزوجة العاصية لزوجها ، فذلك حق خاص للزوج ، هو الذي يقوم به ، وهو الذي يحدد أي الخصال أنفع : الموعظة ، أم الهجر ، أم الضرب ، وقد يرى أن العفو أصح فيعفو ويصفح .

وأما الآية الثالثة : (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) .

فقيل : المخاطب بذلك السلطان (الحاكم) ، لأنه هو الذي ترفع إليه الخصومة بين الزوجين ، وقيل : الزوجان ، فكل منهما يبعث حكما من أهله .

وقد ذكر القولين ابن جرير رحمه الله (6/716-717)، ولم يرجح أيًا من القولين ، ولم يقل إن الخطاب فيها لعامة المؤمنين كما ورد في السؤال .

والله أعلم.
 

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android