عندنا في القرية يزرعون القمح، ولكن بعد بدو صلاحه وقبل أن يصير قمحا، وهو القمح الأخضر، يبيع الفلاحون هذا القمح الأخضر للتجار، فيقوم التجار بحرقه، ودرسه ليصير فريكا، ويقومون ببيع هذا الفريك، فهذا الفريك عليه زكاة؟ وإذا كان عليه زكاة، فمن الذي يخرجها، الفلاح الذي زرع أم التاجر الذي حصده وأحرقه ودرسه ليبيعه؟
هل في الفريك زكاة، وهل تكون على المزارع أم على التاجر الذي يشتريه ويحصده؟
السؤال: 364167
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
لا تجب الزكاة في الحبوب إلا بعد اشتدادها، ولا في الثمار إلا بعد بدو صلاحها.
واشتداد الحب أن يصير قويا لا ينضغط بضغطه.
والفريك كذلك، لا ينضغط بضغطه، مع بقاء ليونة فيه، فهو حَبٌّ مُشْتَدُّ، ولهذا اختلف الفقهاء فيما لو أكل منه، فأسقط جماعة من العلماء القدر المأكول من وجوب الزكاة، وقال آخرون: إن أكل منه غرم بدله، وهذا دليل على أن الفريك يكون بعد وقت وجوب الزكاة الذي هو اشتداد الحب؛ لأنه لا حرج في الأخذ من الزرع قبل وقت وجوب الزكاة.
قال ابن قدامة في “المغني”(3/17): “سئل أحمد عما يأكل أرباب الزروع من الفريك؟ قال: لا بأس به أن يأكل منه صاحبه ما يحتاج إليه. وذلك لأن العادة جارية به، فأشبه ما يأكله أرباب الثمار من ثمارهم” انتهى.
وقال المرداوي في “الإنصاف” (3/111): ” للمالك الأكل منها هو وعياله، بحسب العادة. كالفريك وما يحتاجه، ولا يُحتسب به عليه، ولا يُهدي. نص على ذلك كله” انتهى.
وعليه ففي الفريك زكاة، وهي على صاحب الزرع.
ثانيا:
إذا باع المزارع الحب وهو فريك، قبل حصده وحرقه، فإنه يلجأ في معرفة قدره إلى الخَرص، وهو تقدير أهل الخبرة للقمح الذي يخرج منه .
ونصاب القمح ثلاثمائة صاع، وقدرها العماء المعاصرون وزنًا بـ 612 كيلو تقريبا .
فإذا قال أهل الخبرة: إن هذا الفريك يخرج منه هذا القدر من القمح ففيه الزكاة، وإن كان دون ذلك فلا زكاة فيه.
وإذا كان أكثر من نصاب، فإنه يخرج من الجميع زكاته بالقدر الشرعي، العش، أو نصف العشر، بحسب حاله.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم:(99843)، ورقم:(172973).
والخرص ثابت في النخل والعنب، وأما في الحبوب فمنعه الجمهور وحُكي إجماعا، لكن أجازه بعض العلماء للحاجة.
قال في حاشية “الروض المربع” (3/231): ” وفي المنتهى وغيره: لا تخرص الحبوب بلا خلاف. اهـ. وعمل المسلمين على خلافه، لإمكانه فيه، كالثمر” انتهى.
وفي “الموسوعة الفقهية” (19/100): “ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الخرص لا يكون في غير النخل والكرم، لورود الأثر فيهما، فلا يخرص الحب في سنبله، ولا الزيتون؛ لأنه لم يرد فيهما أثر، وليسا في معنى المنصوص حتى يقاسا عليه، والحب مستور في سنبله، وحب الزيتون متفرق في شجره لا يجمعه عنقود، فيصعب خرصه، ولا حاجة بأهله إلى أكله غالبا، بخلاف التمر والعنب، فإنهما يؤكلان رطبا، فيُخرص على أهله للتوسعة عليهم ليخلى بينهم وبين أكل الثمرة والتصرف فيه، ثم يؤدون الزكاة منها على ما خرص.
ولأن ثمرة الكرم والنخل ظاهرة مجتمعة، فخرصها أسهل، من خرص غيرها.
وعند المالكية قول بجواز خرص غير التمر والعنب إذا احتاج أهله، أو كانوا غير أمناء.
وقال الزهري والأوزاعي والليث: يخرص الزيتون ونحوه، لأنه ثمر تجب فيه الزكاة فيخرص كالرطب والعنب” انتهى.
وللفلاح ، إذا باع الحب وهو فريك ، أن يخرج يخرج الزكاة من ثمنه ، وهو أيسر له من خرص الجميع، إذا كان يعلم أن محصوله يبلغ نصابا، أو أكثر منه .
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : “لا بأس أن يخرج الفلاح زكاة ثماره من الدراهم ، إذا باع الثمر ، فإن ذلك أبرأ للذمة وأقرب للعدل” انتهى “مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين” (18/83).
والحاصل:
أن صاحب الزرع عليه زكاة الفريك إذا أراد بيعه، وبلغ نصابا بنفسه أو بما ينضم إليه من قمح آخر، والنصاب ثلاثمائة صاع، أو 612 كيلو، فيخرج العشر إن كان يسقى بماء المطر أو بلا كلفة، ويخرج نصف العشر إن كان يسقى بالماكينات ونحوها.
وله أن يخرجه من ثمنه، إذا باعه وهو فريك قبل حصاده.
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة