لدي مشكلة آمل مساعدتي في حلها، حيث خضعت لعملية رأب الحاجز الأنفي، وعملية إزالة اللحمية من الأنف، وبعد الجراحة لم ألتقِ بالطبيب الذي أجرى لي العملية لسؤاله عن إمكانية الاستنشاق والاستنثار في الوضوء بعد العملية، لذلك بحثت في الإنترنت عن ذلك، ووجدت أنه ينبغي عدم الاستنثار، أو إخراج ما في الأنف، فامتنعت عن الاستنشاق والاستنثار، وكذلك امتنعت عن التيمم؛ لخشيتي أن يضر التراب بأنفي، ولكن دون أن أستشير أحد، وعند المراجعة سألت الطبيب عن الاستنشاق والاستنثار فأخبرني بإمكانية ذلك. فهل علي أن أعيد الصلوات التي صليتها بدون استنشاق واستنثار وبدون تيمم ؟ وكذلك توقفت عن الركوع والسجود، واكتفيت عنهما بالانحناء البسيط؛ لأنني قرأت في الإنترنت أنه ينبغي عدم الانحناء الشديد وتعريض الأنف والوجه للضغط، وعندما سألت الطبيب أخبرني بإمكانية الانحناء، وأنه لا خطر من ذلك، فهل علي الإعادة لهذا السبب أيضًا؟
ترك الاستنشاق في الوضوء واكتفى بالانحناء بدلا من السجود ظنا أن ذلك يضره بعد العملية الجراحية
السؤال: 364313
Table Of Contents
أولا:
حكم الاستنشاق في الوضوء
الاستنشاق في الوضوء مستحب عند الجمهور، خلافا للحنابلة فإنه واجب عندهم؛ لما روى مسلم (237) عن أبي هُرَيْرَةَ، قال قال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخِرَيْهِ مِنْ الْمَاءِ ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ .
وأما في الغسل فهو واجب عند الحنفية والحنابلة، مستحب عند غيرهم.
وفي"الموسوعة الفقهية" (21/ 208): " ذهب الحنفية والحنابلة إلى وجوب المضمضة والاستنشاق في الغسل، قال الحنابلة: الفم والأنف من الوجه لدخولهما في حدّه، فتجب المضمضة والاستنشاق في الطهارة الكبرى والصغرى، فلا يسقط واحد منهما؛ لما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا بد منه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالمضمضة والاستنشاق. ولأن الفم والأنف في حكم الظاهر، بدليل أن الصائم لا يفطر بوصول شيء إليهما، ويفطر بعود القيء بعد وصوله إليهما.
وذهب المالكية والشافعية إلى عدم وجوب المضمضة والاستنشاق في الغسل، لأن الفم والأنف ليسا من ظاهر الجسد فلا يجب غسلهما، واعتبروا غسلهما من سنن الغسل" انتهى.
وقال العراقي رحمه الله في شرح حديث: (إذا توضأ أحدكم فليستنشق بمنخريه من الماء، ثم ليستنثر): "استدل به أحمد وأبو ثور على وجوب الاستنشاق لظاهر الأمر، وهو قول ابن أبي ليلى وإسحاق أيضا حكاه الخطابي عنهما.
وحمله الجمهور مالك والشافعي وأهل الكوفة على الندب لقوله – صلى الله عليه وسلم – للأعرابي: توضأ كما أمرك الله وليس في الآية ذكر الاستنشاق" انتهى من "طرح التثريب" (2/ 52).
فعلى مذهب الجمهور يصح وضوءك وصلاتك. ولا حرج عليك في الأخذ به إن شاء الله، وعدم إعادة ما صليت بلا استنشاق.
ثانيا:
ترك السجود والاكتفاء بالانحناء
ترك السجود والاكتفاء بالانحناء، لا يصح إلا ممن عجز عن السجود، أو أخبره الطبيب الثقة أن السجود يضره.
وكذلك ترك الركوع المجزئ- وهو أن ينحني بحيث تمس يداه ركبتيه- لا يصح إلا لعذر.
قال في "كشاف القناع" (1/501): "(وإذا قال طبيب مسلم ثقة) ، أي : عدل ضابط ؛ فلا يقبل خبر كافر ولا فاسق،؛ لأنه أمر ديني، فاشترط له ذلك ، كغيره من أمور الدين ، (حاذق فطن ، لمريض: إن صليت مستلقيا أمكن مداواتك ؛ فله) – أي المريض – (ذلك) ؛ أي : الصلاة مستلقيا ، (ولو مع قدرته على القيام) ؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – صلى جالسا حين جُحِش شَقُّه ، والظاهر: أنه لم يكن لعجزه عن القيام، بل فعله ، إما للمشقة ، أو وجود الضرر ؛ أشبه المرض ، وتركه وسيلة إلى العافية وهي مطلوبة شرعا .
واكتفي بالواحد في ذلك [أي بقول طبيب واحد] ؛ لأنه خبر ديني ؛ أشبه الرواية . ومن عبر بالجمع فمراده الجنس، إذ لم يقل باشتراط الجمع في ذلك أحد من الأصحاب فيما وقفت عليه . ذكره في الإنصاف.
(ويكفي من الطبيب غلبة الظن) ، لتعذر اليقين . (ونص) أحمد (أنه يفطر بقول) طبيب (واحد) أي مسلم ثقة : (إن الصوم مما يُمَكِّن العلة) ، وقاس القاضي وغيره على ذلك المسألة المتقدمة" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "قوله: ويومئ أي: المريض المصلِّي جالساً، راكعاً وساجداً، أي: في حالِ الرُّكوعِ والسُّجودِ، ويخفضه، أي: السجود عن الركوع، أي: يجعل السُّجودَ أخفضَ، وهذا فيما إذا عَجَزَ عن السُّجُودِ، أما إذا قَدِرَ عليه فيومئ بالرُّكوعِ، ويسجد؛ لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16]، فإن لم يستطعْ أومأ بالسُّجودِ، مثل: أن يكون المرضُ في عينه، وقال الطبيب له: لا تسجدْ، أو يكون في رأسه، وإذا نَزَلَ رأسُه اشتدَّ الوجعُ وقَلِقَ به، فنقول: هنا تومئ بالسُّجودِ، وتجعل السُّجودَ أخفضَ مِن الركوع؛ ليتميّز السجودُ عن الركوعِ، ولأن هذا هو الحال فيمن كان قادراً، فإنَّ الساجدَ يكون على الأرضِ، والراكعَ فوق، هذا إذا كان جالساً" انتهى من "الشرح الممتع" (4/ 330).
وحيث إنه تبين أن السجود لا يضرك، وقد تركت السجود دون اعتماد على قول طبيب، ولا مشقة حصلت لك من ذلك : فصلاتك لا تصح، ويلزمك إعادتها.
والله اعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب